قناة الجزيرة تستضيف الشيخ الصفار في حوار حول المرجعية الشيعية بين الدين والسياسة
استضافت قناة الجزيرة الفضائية سماحة الشيخ حسن الصفار في حوار حول المرجعية الشيعية بين الدين والسياسة، وذلك مساء الأحد 18 محرم 1426هـ (27 فبراير 2005م).
وقد افتتح الحوار بتأكيد مقدمة البرنامج (خديجة بن قنة) على أن الإمامة فرضت على كل شيعي بأن يكون مقلّداً لفقيه يرجع إليه في أمور دينه ودنياه، واتسع دور الفقيه المرجع ليشمل الزعيم السياسي والاقتصادي.
وتساءلت: ماذا عن هذه المرجعية؟ وهل كان لها دورٌ في مواجهة التحديات من احتلال واستبداد؟
نص الحوار
- مفهوم المرجعية عند الشيعة
- مراجع التقليد عند الشيعة ومكانة السيستاني
- الدور السياسي للمرجعية
- تعامل المرجعية مع الاحتلال ومقاومته
- الفرق بين المرجعية وولاية الفقيه
• خديجة بن قنة: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فَرضت الإمامة على كل شيعي بأن يكون مُقلدا لفقيه يرجع إليه في أمور دينه ودنياه واتسع دور الفقيه المرجع ليشمل الزعيم السياسي والاقتصادي، فماذا عن هذه المرجعية؟ وهل كان لها دور في مواجهة التحديات من احتلال واستبداد؟ المرجعية الشيعية بين الدين والسياسة موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع الشيخ حسن الصفار عالم الدين الشيعي المعروف من المملكة العربية السعودية أهلا بك فضيلة الشيخ.
- حسن موسى الصفار: وأهلا بكم جميعا.
• خديجة بن قنة: فضيلة الشيخ حسن الصفار لنبدأ بمفهوم المرجعية، ما هي المرجعية؟ وماذا نعني بها في المذهب الشيعي؟ ومن هو المرجع؟
- - حسن موسى الصفار- عالم دين شيعي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين وصحبه الطيبين، السلام على الأخوة الكرام المشاهدين والأخوات العزيزات المشاهدات ورحمة الله وبركاته. المرجعية هي الجهة التي يُرجع إليها لأخذ مسائل الدين وفهم أحكامه وقضاياه. وهي بهذا المعنى ظاهرة قائمة في كل المجتمعات ذات الانتماء الديني، نحن نجد في اليهودية وفي النصرانية وكذلك في المجتمعات الإسلامية على اختلاف مذاهبها من سُنَّة وشيعة وأباضية في كل هذه الأديان والمذاهب هناك جهة يُرجع إليها في أخذ أحكام الدين وفهم قضاياه، قد تختلف المسميات من حاخام مثلا إلى بابوية إلى مفتي إلى مرجعية ولكن المسمى واحد، جهة يُرجع إليها في فهم قضايا الدين وفي فهم مسائله وأحكامه وقد يتفاوت نفوذ هذه المرجعيات في ساحات مجتمعاتها بين دين وآخر ومذهب وآخر ومجتمع وآخر، فهذا هو معنى المرجعية ومفهوم المرجعية، ما هو موجود في المجتمع الشيعي نفس ما هو موجود في المجتمعات السُنِّية وما هو موجود في مجتمعات الأمة الإسلامية، نفس ما هو موجود في المجتمعات ذات الأديان الأخرى أنّ هناك جهة دينية يُرجع إليها في فهم قضايا الدين وأخذ مسائله.
• خديجة بن قنة: حتى تتضح الصورة أكثر بالنسبة للمشاهد هناك من يتساءل عن الفرق بين السُنَّة والشيعة ومفهوم المرجعية كما ذكرته هنا يجعلنا لا نفرق كثيرا بين.. لا نفهم كثيرا الفروقات بين والسُنَّة والشيعة هل لك أن توضح لنا هذه النقطة؟
معنى المرجعية ومفهوم المرجعية هي الجهة التي يُرجع إليها في فهم قضايا الدين ومسائله وأحكامه وقد يتفاوت نفوذ هذه المرجعيات في ساحات مجتمعاتها بين دين ومذهب
- حسن موسى الصفار: الفروقات بين السُنَّة والشيعة هي فروقات محدودة في الجوانب الفرعية وهي تحتاج إلى بحث مفصل ليس الآن مجال بحثها كما يبدو ولكن في مجال المرجعية الدينية ليس هناك فرق كما أن الإخوان السُنَّة في أمورهم الدينية إذا احتاجوا إلى مسألة دينية يرجعون إلى العلماء إلى الفقهاء.
• خديجة بن قنة: لكن فضيلة الشيخ كأنه ليس هناك فرق؟
- حسن موسى الصفار: قلت الاختلاف في ساحة التأثير والاختلاف في الخصائص والمميزات وإلا في أصل وجود جهة دينية يُرجع إليها هذا أمر متفق عليه، أما في الخصائص المرجعية الشيعية اتسمت بعدة خصائص تميزت بها عن المرجعيات في الساحة الإسلامية بشكل عام، أُشير إلى بعض هذه الخصائص؛ الخصيصة الأولى الاستقلالية، المرجعية الشيعية لا يُعيّنها نظام أو لا تُنصبها حكومة وإنما تُختار من قِبَل الشعب عن طريق أهل الخبرة من العلماء والفضلاء، هم يُرشحون للناس المرجع الذي يقلدونه ويرجعون إليه وبالتالي فهي مستقلة لا تُنصب من جهة معينة وإنما تنبثق من اختيار الناس عن طريق الفضلاء والخبراء العارفين بالشريعة وبعلومها هذه ميزة، الميزة الثانية للمرجعية الشيعية الرُّقِي العلمي والالتزام الأخلاقي ولا نقصد بذلك أن نُقلل من قيمة المرجعيات والعلماء في بقية المذاهب الإسلامية ولكن لأن الشيعة يشترطون في المرجع الذي يُقلّدونه أن يكون هو الأعلم وخاصة في هذا العصر، لذلك فإن المرجع الذي يرجعون إليه يكون متفوقا ومتقدما في مستواه العلمي وأيضا السمة الثالثة أن المرجعية الشيعية لها تأثير كبير على جمهورها يتعدى تأثير العلماء في المذاهب الأخرى وهذه المِيَز أصبحت واضحة وجلية وأمامي كلام قاله الأخ الكريم الدكتور الشيخ محمد النجيمي وهو شخصية علمية دينية لامعة عندنا في المملكة العربية السعودية، قال في حديث لجريدة الشرق الأوسط نُشر بتاريخ 26 محرم 1425 وهو يشير إلى بعض هذه الميزات، قال لا شك أنه بالنسبة للشيعة نجد عندهم مراجع دينية معتمدة ومحددة ولا أعتقد أن لديهم إشكالات كبيرة في هذه النقطة، لكن الإشكالية عندنا نحن أهل السُنَّة لأن مراجعنا الدينية تُعين من قبل الحكام وهنا تأتي المشكلة وأنا أقول هنا أنه ينبغي أن تكون المؤسسات الدينية ذات المرجعية الدينية بعيدة عن السلطة السياسية وأن يُوكل اختيارها إلى العلماء والفقهاء لأنهم لن يختاروا إلا من هو معتدل ومن هو على مستوى من العلم والثقافة، فتعيين مثل هذه المراجع ولا زال الكلام للدكتور النجيمي من قِبل الحكام يُحدث عادة عدم ثقة بهذه المراجع من قبل جماهير المسلمين ولهذا نلاحظ أن مراجع الشيعة تعد معتبرة عند العوام منهم، إذا تحدثت يُسمع لها، كونها غير معينة هذا الدكتور النجيمي وهو خبير في مجمع الفقه الإسلامي..
• خديجة بن قنة [مقاطعةً]: نعم لكن فضيلة الشيخ هذا لا ينفي تحول المرجعية الشيعية في أحيان كثير إلى دور سياسي أو إلى سلطة سياسية يعني تحول من الدور الديني إلى السياسي وسنتحدث عن ذلك في محور قادم، نبقى الآن في مفهوم المرجعية كنت تقول فضيلة الشيخ حسن الصفار أن الشيعة يَختارون من يعودون إليه في كل أمور حياتهم، هل للشيعي حرية اختيار هذا المرجع؟ كيف يتم اختياره؟
- حسن موسى الصفار: نعم كل إنسان شيعي كل مُكلف هو يختار مرجعه ولكن لأنه لا معرفة له بالعلماء والفقهاء فهو يأخذ رأي الخبراء الذين يثق بهم من العلماء سواء كانوا علماء في منطقته يثق بهم وهذا ما يحصل في الغالب، أهل كل منطقة يرجعون إلى علمائهم المحليين الذين يثقون بهم ويسألونهم عمن يرشحونه للمرجعية والتقليد أو يسألون أهل الخبرة في الحوزات العلمية وعن طريق السؤال والبحث يصبح عند الإنسان اطمئنان بمرجع معين فيختاره الإنسان الشيعي بحريته واختياره هو ومن دون أن يُفرض عليه من قبل أي جهة.
• خديجة بن قنة: هل مسألة الوراثة تتدخل هنا؟
- حسن موسى الصفار: كلا ليس الموضوع وراثيا وحالات نادرة جدا لا تكاد تُذكر أن المرجع يكون ولده مقامه في المرجعية. ولو استعرضنا التسلسل المرجعي المعاصر مثلا في العراق كان المرجع الأعلى السيد الخوئي رحمه الله حينما توفي لم يُقلد أحد من أولاده أو أقربائه وإنما قُلّد السيد السيستاني السيد السبزواري السيد الجلبيجاني، فليست هناك حالة وراثية يحصل في بعض الأحيان أن يكون للمرجع مثلا أخ أو ولد أو قريب تتوفر فيه المواصفات فيُقلد لأن المواصفات توفرت فيه وليس لأنه قريب أو وارث للمرجع السابق وهي حالات كما قلت نادرة.
• خديجة بن قنة: نعم، من هي مراجع التقليد عند الشيعة؟ سنتحدث في هذه النقطة بعد فاصل قصير ثم نعود لمواصلة هذه الحلقة من برنامج الشريعة والحياة.
[فاصل إعلاني]
• خديجة بن قنة: مشاهدينا الكرام أهلا بكم مرة أخرى إلى برنامج الشرعية والحياة، حلقتنا اليوم حول المرجعية الشيعية بين الدين والسياسة مع فضيلة الشيخ حسن الصفار، فضيلة الشيخ من هي مراجع التقليد عند الشيعة اليوم؟
- حسن موسى الصفار: يوجد عدد من المراجع في النجف الأشرف ويوجد عدد من المراجع في قُمْ وفي إيران ويوجد مراجع أيضا في الأقطار الأخرى. في النجف الأشرف أبرز المراجع الآن هناك أسماء أربعة؛ السيد السيستاني وهو المرجع الأعلى والمرجع الفعلي حاليا في الساحة العراقية وفي كثير من المجتمعات الشيعية وهناك السيد الحكيم سماحة السيد محمد سعيد الحكيم وهناك سماحة الشيخ إسحاق فياض وهناك سماحة الشيخ بشير النجفي، ففي النجف الأشرف يوجد أربعة من المراجع المعروفين.
• خديجة بن قنة: هل على المُقلِد أن يتبع ويرجع للفقيه المرجع في كل أمور حياته أم أن هناك مجالات معينة يعود فيها إلى المرجع؟
- حسن موسى الصفار: يرجع إليه في كل ما يكون موردا للحكم الشرعي؛ في أي مجال من المجالات هناك مورد للحكم الشرعي، هل هذا واجب أو مستحب أو حرام أو جائز؟ في مورد الحكم الشرعي يرجع إلى الفقيه أما في تصريفه لشؤون حياته العامة فهو أمر متروك للإنسان في دائرة المباحات ودائرة التوجهات العامة.
• خديجة بن قنة: فضيلة الشيخ نريد أن نصحح بعض المفاهيم وهناك الكثير من الغموض لدى كثير من الناس حول الشيعة وهناك من يعتبر أن الشيعة يعتبرون أن سيدنا علي رضي الله عنه أهم بالنسبة لهم من الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وولائهم لسيدنا علي أهم من ولائهم للرسول؟
- حسن موسى الصفار: هذا الكلام لا يقول به أي شيعي ولا يقول به أي إنسان يعرف الشيعة من خلال كُتبهم ومن خلال آرائهم، هذا يدخل في باب والدعايات المضادة بسبب ما عاشته الأمة الإسلامية من فترة من تبادل الاتهامات والدعايات ووجود قطيعة وتباعد بين أتباع المذاهب المختلفة ولكن الشيعة يعتقدون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يدانيه في الفضل أحد وأن مكانة علي بن أبي طالب وفضل علي بن أبي طالب إنما جاءه عبر رسول الله صلى الله عليه وآله، فالأصل هو رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يدانيه في الفضل أحد وبعد رسول الله عند الشيعة يعتقدون أن أفضل الناس هو الإمام علي ابن أبي طالب.
• خديجة بن قنة: فضيلة الشيخ حسن الصفار كنت ذكرت قبل قليل أنه من المراجع الحالية بالنسبة للشيعة السيد السيستاني، من هو السيستاني؟ ومن يُقلده داخل العراق وخارج العراق؟ وما هي حدود مرجعية السيستاني اليوم؟
- حسن موسى الصفار: سماحة السيد السيستاني يعتبر الآن من أبرز مراجع الشيعة وفقهاء الشيعة، هو يبلغ من العمر الآن 77 عاما وكانت ولادته في مَشْهَد في إيران ودرس فيها فترة ثم انتقل إلى قُمْ ودرس أيضا في الحوزة العلمية في قُمْ، ثم انتقل إلى النجف الأشرف سنة 1371 هجرية ولا يزال إلى الآن يعني منذ 55 سنة وهو موجود في العراق في النجف الأشرف، سماحة السيد السيستاني توجهت إليه الأنظار بعد وفاة المرجع الأعلى للشيعة السيد الخوئي في النجف الأشرف سنة 1413 هجرية، توجهت إليه الأنظار لأن الفضلاء والعلماء حضروا بحثه وقرأوا أبحاثه ورأوا تميزه ورأوا تفوقه العلمي فرأوا أنه أعلم العلماء الموجودين وحينما تُوفي بقية العلماء الكبار كالسيد السبزواري والسيد الجلبيجاني اجتمعت أطراف الشيعة على مرجعيته فأصبح هو الآن المرجع الأعلى للطائفة الشيعية في العالم وليس في العراق فقط. سماحة السيد السيستاني شخصيته فيها ميزات عديدة، أُسلط الأضواء باختصار على بعض تلك الميزات؛ الميزة الأولى العمق العلمي وسِعَة الأفق الثقافية درس عند كبار العلماء والمجتهدين..
• خديجة بن قنة [مقاطعةً]: نعم.
- حسن موسى الصفار [متابعاً]: في العِلم في الحكمة والفقه والأصول ومختلف العلوم وأُفقه الثقافي أُفق واسع لأنه يواكب الكتابات العلمية الحديثة، مختلف الكتب الفكرية والحداثية يحرص على قراءتها ومتابعتها.
• خديجة بن قنة: نعم فضيلة الشيخ نريد أن نتحدث عن الخلافات أو الخلاف بين مدرستي قُمْ والنجف، نعرف طبعا أن هناك فرق.. خلافا بين المدرستين، ما هو الفرق أو ما هي حدود الخلاف بين هاتين المدرستين؟
- حسن موسى الصفار: لا يبدو لي أن هناك خلافا حقيقيا بين المدرستين في قُمْ والنجف، الاختلاف في الرأي الفقهي أو السياسي هذا موجود حتى ضمن المدرسة الواحدة، فالمراجع في قُمْ ليسوا كلهم يتفقون على كل الآراء الفقهية والسياسية وكذلك الحال بالنسبة للمراجع في النجف، فليس هناك خلاف بين المدرستين، هناك تهويل في هذه المسألة، نعم هناك رأي في إيران بأن المرجعية ينبغي أن تكون في إيران حتى تُقوي النظام.. نظام الجمهورية الإسلامية وتتقوى به وخاصة بعد وفاة الإمام الخميني وبعد وفاة السيد الخوئي كان هناك من يطرح هذه الفكرة أن المرجعية أفضل أن تكون في إيران وألا تكون خارج إيران وفي ذلك الوقت كانت النجف تحت الحصار في ظل نظام صدام ولكن الشارع الشيعي اختار مرجعيته وفقا للمقاييس الدينية العلمية ولم يأخذ هذا الاعتبار السياسي.
• خديجة بن قنة: نعم لكن لا يمكن فضيلة الشيخ أن نُنكر وجود صراع نفوذ بين مدرستي قُمْ والنجف على أساس المرجعية؟
- حسن موسى الصفار: لا أنا شخصيا لمعرفتي وكوني في الساحة الشيعية لا أدرك هذا الأمر، هناك تنافس طبيعي بين الجهات المنتمية إلى مختلف المراجع، كل جهة تنتمي إلى مرجع تريد أن تكون ساحة مرجعيتها هي الساحة الأوسع لكن بين المراجع أنفسهم ليس هناك خلاف، هناك اختلاف في الآراء، هناك اختلاف في بعض المواقف لكنها تبقى في حدود الاختلاف العلمي وضمن الضوابط الشرعية.
• خديجة بن قنة: نعم فضيلة الشيخ كنت تقول أن مرجعية السيستاني تتحدى الحدود القطرية للعراق وأنه يعتبر مرجعا بالنسبة للشيعة في أنحاء كثيرة من العالم، هنا نتساءل عن نقطة مهمة وهي كيف يمكن للشيعي أن يجمع بين ولائه لوطنه في أي بقعة من العالم يكون فيها وبين تبعيته لهذا المرجع الموجود في العراق؟
- حسن موسى الصفار: هو يتبع المرجع في الأمور الدينية والأمور الدينية.. هذا متعارف يعني المسلمون الآن في كل مكان يأخذون بآراء العلماء، يعني شيخ الجامع الأزهر يأخذ بآرائه مسلمون في دول كثيرة وهذا لا يصطدم مع ولائهم لأوطانهم، هنا مثلا الشيخ القرضاوي أصبح بارزا في الساحة الإسلامية ويأخذ كثيرون بآرائه، أخْذهم بآرائه لا يعتبر هذا مخالف ومصادما لولائهم لأوطانهم، المرجعية ليست مشروعا سياسيا خاصا ينتمي إليه الشيعة فيكون هناك تصادم بين ولائهم لوطنهم وبين انتمائهم المرجعي، المرجعية في الأصل هي أخذ فتاوى الفقيه في المجال الديني الشرعي لكن هناك مدرسة في المرجعية هي مدرسة تأخذ بولاية الفقيه وترى أن المرجع هو يكون واليا على الأمة وعلى مقلديه، هذه المدرسة طبعا على أساسها قام نظام الجمهورية الإسلامية في إيران ولكن هذا الفقيه الولي يمارس ولايته في وطنه في بلده ونحن نعلم حتى المُقلدون للإمام الخميني رحمه الله أو الذين يقلدون الآن خليفته الإمام الخامنئي لا يعطي آراء لمقلديه في البلدان الأخرى تتصادم مع وضعهم السياسي في أوطانهم، فإذاً ليس هناك تصادم ولا تناقض بين المرجعية وبين الولاء للوطن.
• خديجة بن قنة: نعم لكن البعض يخشى أن تكون هذه المرجعيات الدينية لدى الشيعة يعني باباً مفتوحا أو باباً من أبواب التبعية السياسية؟
- حسن موسى الصفار: هذه الخشية لا مبرر لها لا على المستوى النظري ولا على المستوى الفعلي، فعليا علماء الشيعة ومراجع الشيعة في العصور والأزمنة كانوا يشجعون مقلديهم وأتباعهم على الإخلاص لأوطانهم وعلى الاندماج في مجتمعاتهم وعلى الدفاع عن مصالح أوطانهم ومجتمعاتهم وما كان لأي مرجع تَوَجُّهٌ غير هذا.
• خديجة بن قنة: نعم لكن هذه المخاوف موجودة لدى إيران ولدى السعودية مثلا والعراق وكانت حاضرة كثيرا في سياسات هذه الدول؟
- حسن موسى الصفار: هذه المخاوف تُثار وتثيرها بعض الجهات لزرع حالة من الهواجس والقلق بين مجتمعات هذه المنطقة وخاصة بعد تجلي دور المرجعية في الساحة في إيران وفي الساحة في العراق، أصبحت هناك جهات تثير مثل هذا الأمر ولكننا نعتبره مجرد إثارة ومجرد تهريج والواقع الذي عاشه الشيعة في عصورهم الماضية وفي عصرهم الحاضر أكبر دليل وشاهد على هذا الأمر.
• خديجة بن قنة: فضيلة الشيخ حسن الصفار بما أنك من المملكة العربية السعودية هل يوجد بين شيعة المملكة العربية السعودية من يقلدون مرجعا من خارج السعودية في فتواه ويخالفونه في آرائه السياسية مثلا؟
- حسن موسى الصفار: الناس في المملكة العربية السعودية الشيعة في المملكة العربية السعودية الآن كلهم يقلدون مراجع من خارج المملكة، كانت عندنا مرحلة سابقة إلى ما قبل حوالي أربعين سنة كانت عندنا مرجعيات محلية، كان عندنا مراجع في القطيف وكان عندنا مراجع في الأحساء وكان الشيعة يقلدون المراجع المحليين، لكن لما انتهى وجود فقهاء قيل للتقليد وعلماء يُقلدون في منطقتنا صار الناس يقلدون المراجع في العراق وفي إيران..
• خديجة بن قنة [مقاطعةً]: نعم سنعود للحديث في هذه النقطة فقط لأن الوقت يسابقنا ونضطر للتحول إلى غرفة الأخبار لنأخذ موجزا لأهم الأنباء من هناك ونعود لمواصلة فقرات برنامج الشريعة والحياة.
[موجز الأنباء]
• خديجة بن قنة: مشاهدين الكرام أهلا بكم مرة أخرى إلى برنامج الشريعة والحياة موضوع حلقتنا اليوم المرجعية الشيعية بين الدين والسياسة مع فضيلة الشيخ حسن الصفار من المملكة العربية السعودية. فضيلة الشيخ لك أن تواصل إجابتك حول الشيعة في المملكة العربية السعودية؟
- حسن موسى الصفار: قلت أن المرجعية عادت تتخذ مواقف سياسية في أوطانها كالعراق وإيران أما فيما يرتبط بالأوطان الأخرى فالأمور السياسية متروكة للقيادات المحلية الموجودة في تلك الأوطان، هذه القيادات وهؤلاء العلماء الشيعة الموجودون في أوطانهم هم جزء من مجتمعهم يقررون ويتصرفون ضمن مشروعهم الوطني وضمن النسيج الاجتماعي الذي يعيشون فيه ولم يحصل أن مرجعا من مراجع الشيعة أصدر فتوى معينة ترتبط بالوضع مثلا في المملكة العربية السعودية موجها إلى مُقلديه، حصول بعض الآراء أو بعض المواقف السياسية هذا بُحِث أما أن يصدر فتوى لمقلديه في المملكة العربية السعودية أو أي قطر من أقطار العالم الإسلامي يُلزمهم بموقف سياسي داخل وطنهم وبلادهم فهذا لم يحصل.
• خديجة بن قنة: نعم فضيلة الشيخ نريد أن نتحدث عن المرجعية الشيعية ودورها في مقاومة الاحتلال أو مواجهة الاحتلال، نعلم طبعا أنه كان للمرجعية الشيعية مواقف تاريخية في مقاومة المُستعمِر المستبد وهناك أمثلة كثيرة ربما أبرزها ثورة العشرين المعروفة التي أفتى فيها آية الله الشيرازي بحق الشعب بالثورة ضد الاحتلال الإنجليزي، أين دور المرجعية اليوم حاليا في مقاومة الاحتلال؟
- حسن موسى الصفار: المرجعية الشيعية في العراق بالذات كان لها موقف واضح منذ البداية ضد الاحتلال وضد العدوان على العراق، أصدر المرجع السيد السيستاني وبقية العلماء بيانا أدانوا فيه الاحتلال ودعو الأمة إلى الوقف إلى جانب العراق ضد الاحتلال، لكن نحن جميعا نعلم تعقيد الوضع في الساحة العراقية، الشعب العراقي عاش سنوات أشد حالات القمع وأشد حالات الاضطهاد وخاصة الشيعة كل الشعب العراقي، لكن درجة الاضطهاد على الشيعة لعلها أكثر من البقية، فحوالي ثلاثة عقود من الزمن وهم يعيشون مقموعين وقبلها أيضا بفترة كانوا يعيشون مهمشين، هذا الشعب ما كان مهيئا لمواجهة هذا العدوان الأميركي والذي أخذ صيغة إنقاذ الشعب العراقي، طُرح تحت شعار حرية العراق وكان أبناء العراق يبحثون عن أي طريق يخرجون من خلاله من نفق الاستبداد والقمع والديكتاتورية التي كانوا يعانونها في ظل صدام، نعلم جميعا أيضا أن النظام العراقي علاقاته الإقليمية كانت علاقات مضطربة ومهزوزة، فكان منبوذا من كل الدول المجاورة، دوليا أيضا كانت هناك إرادة دولية ضد النظام العراقي وأميركا جاءت بعنفوانها وقوتها، فما كان ممكنا قيادة مقاومة عسكرية من اليوم الأول للاحتلال الأميركي، المرجعية نظرتها أننا نحتاج إلى تجميع قوى الشعب العراقي ونحتاج أيضا إلى انبثاق شرعية من داخل الشعب العراقي ولذلك من أول يوم دعت المرجعية إلى الانتخابات وأُذكّر هنا بقضية أن تجاربنا نحن في البلدان العربية التي وَقَعت تحت نير الاحتلال أننا كنا ننشغل بمقاومة الاحتلال دون أن نفكر في المستقبل فنخرج من الاحتلال ونقع في قبضة الاستبداد وهذا هو الأمر الذي عانته أكثر البلدان العربية والإسلامية، المرجعية الدينية رأت أنه في هذه المرحلة وأمام هذا العنفوان والهجمة الأميركية يجب أن تجتمع إرادة الشعب العراقي، تكون هناك انتخابات تنبثق منها جمعية وطنية تضع دستور وبالتالي يكون هناك مشروع لبناء العراق الجديد حتى لا يخرج من الاستعمار من الاحتلال ويقع في مستنقع الاستبداد ولذلك دعت المرجعية من أول يوم إلى هذا الأمر وناضلت المرجعية حتى يتحقق هذا الأمر والعالم كله يعرف أنه بعد انتهاء فترة المؤتمر أو الحكم الذي صنعته أميركا في البداية أصرّت المرجعية أن تكون هناك انتخابات قبل الانتقال إلى الحكومة المؤقتة ونزلت مظاهرات انتخابات في الشارع..
• خديجة بن قنة: في ظل وجود الاحتلال يعني هذا هو صلب التساؤل الذي يطرحه الجميع وهو أن مسألة تحميل السيستاني مسؤولية التعاون مع المحتل؟
- حسن موسى الصفار: لا هذا لا يقول به إنسان منصف أو عاقل..
• خديجة بن قنة [مقاطعةً]: ولكنه يمكن..
- حسن موسى الصفار [متابعاً]: يمكن أن تُثار كدعايات مغرضة، السيد السيستاني رفض أن..
• خديجة بن قنة: لم يدع إلى الجهاد، لجهاد المحتل وهذا يتناقض مع تاريخ المرجعية الشيعية في مقاومة الاحتلال والمُستعمِر.
- حسن موسى الصفار: هو يرى أن الجهاد يبدأ بهذه الطريقة، الجهاد يبدأ بتجميع إرادة الشعب العراقي وصياغة مشروع مستقبل للشعب العراقي وبعد ذلك العمل بكل الوسائل لإخراج الاحتلال وحينما تُسد الطرق المختلفة فإن المرجعية سوف لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الاحتلال، البعض من الناس يريدون أن يفرضوا على المرجعية الطريق الذي يرونه هم لمواجهة الاحتلال بينما المرجعية بحكمتها وحنكتها ومعرفتها بواقع الشعب العراقي وبواقع الظروف التي يعيشها ومن خلال التجارب التي عاشتها مختلف الشعوب الإسلامية ترى أن الطريق الأسلم في البداية تجميع إرادة العراقيين حتى تكون هناك قيادة موحدة منبثقة عن كل الشعب العراقي فلا تناضل جهة وتقعد جهة أخرى ولا تكون هناك تضارب بين الفئات كما حصل في أفغانستان؛ في أفغانستان كانت هناك مقاومة للاحتلال السوفيتي ولكن هذه المقاومة ماذا أعقبها؟ أعقبها وجود فئات مختلفة تحاربت وأَدخلت أفغانستان في حرب.
• خديجة بن قنة: نعم لكن فضيلة الشيخ نحن نتحدث الآن عن تحول دور مرجع فقهي ومُرشِد ديني إلى دور سياسي.
- حسن موسى الصفار: نعم.
• خديجة بن قنة: وهو ما تؤكده الآن وتدخّل السيستاني كما نعلم أفتى بوجوب الانتخابات وجوبا شرعيا، فما هي هذه الأسس الفقهية لمثل هذه الفتاوى السياسية في الواقع؟
- حسن موسى الصفار: المرجع الديني باعتبار ثقة الناس به والتفاف الناس حوله وباعتبار ملاحظته لمصلحة الناس يعطي رأيا، السيد السيستاني يرى أن مصلحة العراقيين أن تكون هناك انتخابات، هذه الانتخابات تُثبت مرجعية إرادة الشعب العراقي، هذه الانتخابات تُفرز قيادة مقبولة عند الشعب العراقي بمختلف فئاته وأطيافه وتأخذ كل شريحة وكل قوة في هذا الشعب حجمها الطبيعي ثم يتفق الجميع على دستور وعلى صياغة لمستقبل العراق ويُستفتى الشعب حوله، فإذا حصل هذا الأمر فإن المرجعية ستكون إلى جانب الشعب في مقاومة الاحتلال وفي تحرير العراق وفي بناء العراق الجديد إن شاء الله.
• خديجة بن قنة: نعم لكن فضيلة الشيخ أليس من المفارقة هنا أن يدعو السيد السيستاني إلى الانتخابات وهو أصلا لا يحق له الانتخاب لأنه إيراني؟
- حسن موسى الصفار: هذا ليس مفارقة هذه حالة موضوعية، السيد السيستاني رأيه الالتزام بالأنظمة والقوانين في كل بلد ويوصي ويفتي بعدم جواز مخالفة الأنظمة والقوانين، هو في العراق منذ 55 سنة، منذ 55 سنة هو موجود في العراق تخللتها بعض السَفَرات القصيرة ولكن لأنه لا يحمل الجنسية العراقية وهو يدعو إلى الالتزام بالقانون وإلى مراعاة النظام ولذلك هو لم يشارك في الانتخابات لكنه يدعو الناس إلى الانتخابات باعتبار موقعيته الدينية والقيادية.
• خديجة بن قنة: نعم حول هذه النقطة وحول المرجعية وامتداد دورها خارج الفضاء الفقهي وطرق تعاملها مع الاحتلال ومقاومته أعد لنا معد البرنامج معتز الخطيب التقرير التالي فلنتابع معا.
[تقرير مسجل]
• معتز الخطيب: أحداث العراق أبرزت أهمية الدور الذي تقوم به المرجعيات الشيعية عامة كما أظهرت امتداد أدوارهم خارج الفضاء الفقهي إلى السياسة بوجه عام الأمر الذي يُعيد إلى الأذهان دور المرجعية الشيعية في مواجهة الاستعمار الإنجليزي فيما عُرف بثورة العشرين والمواجهة مع شاه إيران عامي 1978 و1979 وغيرها، غير أن تعامل المرجعية الشيعية متمثلة في آية الله العظمى علي السيستاني مع الاحتلال الأميركي طرح العديد من التساؤلات أمام المراقبين تبدأ بمشروعية موقفها من المحتل وغياب دورها في مقاومته والأسس الشرعية في التعامل معه ثم موقفها منه بعد الانتخابات العراقية التي جرت مؤخرا.
والمرجعية ليست واحدة فثمة تنافس معروف بين قُمْ والنجف ظل متأرجحا بين المستتر والمعلن وحين قضى جيل المراجع الكبار في إيران بوفاة الشيخ الأركي المرجعية الدينية العليا في أواخر التسعينيات سَمَّت جماعة المدرسين وهي حلقة وسيطة بين المراجع والمؤمنين سبعة من أركان الحوزة لمنصب المرجعية لم يكن فيهم مرجع نجفي أو عربي وعاد هذا التنافس على أشده مع سقوط نظام صدام حسين شكلت فيه ولاية الفقيه التي قامت عليها الجمهورية الإيرانية أحد مجالاته كما بدا الخوف من عودة النفوذ التاريخي لمرجعية النجف التي خفتت في عهد صدام.
ولم تتفق المرجعية على طريقة واحدة للتعامل مع الاحتلال الأميركي للعراق؛ فآية الله كاظم الحائري المرجع الإيراني بقُمْ والمرجعية لتيار مقتدى الصدر يتخذ آراء مغايرة لمدرسة السيستاني فيُحرّم تعامل الشيعة مع الاحتلال ويدعو للثورة عليه غير أن آراءه هذه لا تحظى بشعبية ليبقى السيستاني متفردا كمرجع له السمع والطاعة، فالسيستاني هو المرجعية العليا في النجف وهو المنافس المعادل للمرشد الإيراني علي خامئني واتهمه تيار الصدر بمملاءة صدام حسين ورفض مرجعيته بسبب أصوله الإيرانية. وكان السيستاني دعا قبل الغزو الأميركي للعراق إلى مقاومة أي عدوان على العراق واعتبره جهادا مشروعا في حين بعد سقوط النظام العراقي دعا إلى عدم مواجهة قوات الاحتلال أثناء دخولها البلاد ولعب بعد ذلك دورا مؤثرا منذ أصدر فتوى في يناير عام 2004 يُندد فيها بخطط سلطة التحالف لتسليم السلطة تدريجيا دون انتخابات وثارت على إثرها مئات الألوف في مظاهرات ووافق على مسودة القانون الإداري الانتقالي وتدخّل في صياغة بعض فقراته وأفتى بأن الانتخاب واجب شرعي ودَعَم كل الأحزاب الشيعية ومؤخرا بارك اختيار الجعفري مرشحا لرئاسة الحكومة.
يقول البعض إن السيستاني اختار طيلة حياته في النجف التي انتقل إليها في أوائل الخمسينيات منهج أستاذه الخوئي في الابتعاد عن الانخراط في العمل السياسي واستنبط مبدأ الولاية التنفيذية التي تنحصر بأعمال الفتوى الشرعية المبنية على الإدراك العقلي وليس النقلي وفي الإطار التنفيذي وليس التشريعي ومن هنا يجادل الكثيرون بأن السيستاني مرجع فقيه ولا يطمح لدور سياسي في حين يرى آخرون أن السيستاني انغمس في السياسة على خلاف بقية مراجع النجف الأربعة محمد إسحاق فياض وبشير النجفي ومحمد سعيد الطبطبائي وصرح مسؤول أميركي للـ (Newsweek) بأنه يكن له الاحترام لفطنته السياسية وطالب بعض المحللين بمنحه نوبل للسلام وأن أميركا تدين له بالشكر لأنه كان اللاعب الأكبر في ضبط الأوضاع. يبدو أن السيستاني الذي يرفض العمل السياسي وولاية الفقيه المطلقة فرضت مرجعيته العليا عليه أن يكون له وزن سياسي ودور توجيهي حرص على أدائه وإن كان يلح المؤيدون له على أن مرجعيته فقهية فقط ودوره إرشادي.
• خديجة بن قنة: ودائما حول الدور السياسي للمرجع الشيعي كنا نتحدث فضيلة الشيخ عن دور السيد السيستاني وهو أيضا ما تحدث عنه التقرير الآن بعد إجراء الانتخابات في العراق، ما هو موقف السيد السيستاني من المحتل؟ هل سيفتي بوجوب وضع جدول زمني لانسحاب قوات الاحتلال من العراق برأيك؟
- حسن موسى الصفار: منذ الأيام الأولى للاحتلال وُجه سؤالا للمرجع السيد السيستاني من قِبَل بعض الباعة الذين يأتي إليهم جنود أميركيون أو بريطانيون أو من القوات المتحالفة ويشترون منهم بعض الأشياء، هل يصح لهم أن يبيعوهم أو لا يصح لهم أن يبيعوهم؟ السيد السيستاني قال تبيعونهم ولكن تقولون لكل واحد منهم متى تخرجون من بلادنا؟ نَشْر هذه الفتوى كَرَّس في نفوس العراقيين أن الوجود الأميركي ينبغي المطالبة بالإسراع بذهابه ولكن لا أحد في العراق الآن.. لا أحد في العراق ولا أحد في المنطقة يرى أن الأميركيين يجب أن يخرجوا فورا من العراق لأن الخروج الفوري يُدخل العراق إلى حالة من الفوضى ومن الفتن ولذلك الكلام كيف يمكن أن تترتب الأمور في داخل العراق بأسرع وقت ممكن حتى يخرج الاحتلال مع وجود قوة أمنية كافية ومع عدم وجود فراغ دستوري سياسي، قيادة تكون منتخبة وفق دستور يصوّت عليه الشعب وأنا أعتقد أن المرحلة القادمة بعد أن يُصاغ الدستور ويصوّت عليه الشعب العراقي، أعتقد أن المرحلة ستكون مرحلة المطالبة بجلاء الاحتلال هذا أمر لا شك فيه، لا يشك فيه أي عراقي ولا يشك فيه أي أحد، ستبدأ مرحلة المطالبة بخروج المحتل بعد أن تترتب الأوضاع المناسبة في العراق والمرجعية ستسعى لكي يكون هذا الترتيب سريعا وهي قد رأت أن الانتخابات كان يجب أن تحصل قبل هذا الوقت بعد انتهاء مجلس الحكم، كان رأيها أن تبدأ الانتخابات وأصرّت على هذا الرأي من أجل أن يكون هناك سبيل وطريق للإسراع بخروج المحتل وإذا تعذّر خروج المحتل بالطرق السلمية والسياسية فليس هناك شك في أن المرجعية ستتخذ القرار المناسب.
• خديجة بن قنة: يقول البعض فضيلة الشيخ أن العراق جُنِّب أو أن الفتنة الطائفية لم تحدث في العراق ليس لقناعة الشيعة والمرجعية بأضرار هذه الفتنة الطائفية وإنما التزاما بقواعد لعبة سياسية واضحة لأنهم رأوا مكاسب واضحة للشيعة ولذلك آثروا السلم؟
- حسن موسى الصفار: أنا أعتقد أن الشيعة بناء على المنهج الفكري والفقهي الذي لديهم وهو منهج لا يُشجع على العنف وعلى العدوان على الآخرين ولذلك تجدون أن من المفارقات أن الشيعة رغم تعرضهم للاضطهاد في كثير من المناطق والبلدان إلا أن لجوؤهم إلى العنف كان لجوءاً محدوداً؛ ففي العراق مثلا تعرضوا لأبشع قمع يمكن أن يتعرض له شعب من الشعوب لكن لم تحصل عندهم المجازر التي حصلت في بلدان أخرى كما حصل في الجزائر مثلا ولم تكن هناك فتاوى بالتكفير وفي إباحة الدماء كان هناك عمل معارض..
• خديجة بن قنة [مقاطعةً]: في الجزائر ليس هناك طوائف، يعني ليس هناك شيعة هناك فقط سُنَّة لكن كان الخلاف على السلطة.
- حسن موسى الصفار: نعم وهذه هي المفارقة أنا أريد أن أقول أنه من خلال الفكر والفقه الشيعي ليس هناك أرضية تساعد على وجود مثل هذه التوجهات هذا أولا، ثانيا مرجعية السيد السيستاني وثالثا وعي ونضج الشعب العراقي بكل أطيافه، النضج الذي أدّاه الشعب العراقي بالنسبة لمرجعية السيد السيستاني أريد أن أشير هنا إلى حادثة معينة في السنة الماضية، في عاشوراء حصلت أحداث حصلت تفجيرات استهدفت مواكب العزاء في كربلاء وفي الكاظمية وكانت أحداثا فظيعة فاجعة أبرياء ضمن ممارسات دينية استُهدفوا بالتفجير وكان هناك العشرات من القتلى والمئات من الجرحى وحالة رعب، هذا أمر واضح ومعروف ذهب جمع من رؤساء العشائر إلى المرجع السيد السيستاني وهم يطلبون منه إذناً بأن يقوموا بإجراء معين تجاه مثل هذه الأعمال، السيد السيستاني قال لهم إني لا أسمح بشيء من هذا القبيل ولو أبادوا لنا مدنا بكاملها فإني لا أسمح بالانجرار إلى فتنة طائفية، ثم أردف قائلا حتى لو قُتلت أنا من قِبل بعض هذه الأطراف أو ضمن هذه العناوين فإني لا أسمح لأحد أن ينجرّ إلى الفتنة الطائفية.
• خديجة بن قنة: طيب فضيلة الشيخ أود أن نعود قليلا إلى تحديد مفهوم نظرية الإمامة وولاية الفقيه، العلاقة بين المرجعية الشيعية وما يُسمى بولاية الفقيه ما هو الفرق؟
- حسن موسى الصفار: المرجعية الشيعية تفترض أن الفقيه له ولاية ولكن ولاية محدودة على الأمور الحسبية ولايته في الإفتاء في القضاء في الولاية على أموال القُصَّر على الأوقاف هذه ولاية متفق عليها ضمن هذه الحدود، أما الولاية الأوسع أن تكون له ولاية على شؤون الأمة السياسية على شؤون الناس السياسية بحيث يكون بيده أَزِمَّة الحكم والسلطة هذا الرأي رأي جديد انبثق في القرن الثالث عشر على يد عالم يقال له الشيخ النراقي، الشيخ أحمد النراقي هو أول من طرح الموضوع ضمن هذا المصطلح وبقي مجرد رأي علمي يتداول في أوساط العلماء والفقهاء، الإمام الخميني رحمه الله أخذ هذا الرأي وتبناه واستدل عليه كان مقتنعا بهذا الرأي ولذلك طرح نظرية ولاية الفقيه وهناك أيضا الفقهاء يوافقونه على هذا الرأي وعلى أساس هذه النظرية قام نظام الجمهورية الإسلامية، إذاً المرجعية كل مرجع له ولاية ولكن هي ولاية محدودة ولاية مقيدة محدودة ولاية الفقيه تعني الولاية المطلقة في الشأن السياسي، العلاقة بين المرجعية في بعض الأحيان يتحد الأمر يكون نفس المرجع هو من يمارس ولاية الفقيه بناء على الأخذ بهذه النظرية وفي بعض الأحيان قد لا يتحد الأمر فيكون هناك فقيه وَلِي يرشحه مجلس الخبراء المنتخب من قِبَل أبناء الشعب الإيراني كما حصل بعد وفاة الإمام الخميني، كان الناس يقلدون الشيخ الآركي ولكن اختُير للقيادة.. اختُير السيد الإمام الخميني للقيادة، ففي بعض الأحيان قد يكون هناك انفصال، في أواخر حياة الإمام الخميني رحمه الله حصل تعديل في الدستور الإيراني بموجب هذا التعديل لا يكون هناك تلازم بين المرجعية وبين ولاية الفقيه.
• خديجة بن قنة: نعم فضيلة الشيخ أسامة منصور من إسبانيا يسأل عندما قال أبو بكر الصديق للناس أطيعوني ما أطعتم الله وقال عمر بن الخطاب إن كنت على حق فأعينوني وإن كنت على باطل فقوموني فقال أحد العامة لو رأينا اعوجاجا لقومناه بحد السيف، هل يستطيع أي شيعي أن يُقَوِّم مرجع شيعي أخطأ أو كان على ضلالة؟
- حسن موسى الصفار: حينما يكون هناك خطأ وانحراف عن منهج الله فإن المرجع لا يعود مرجعا، يعني من المسائل الفقهية عندنا أن الإنسان إذا قلّد مرجع.. الناس إذا قلّدوا مرجع ثم ظهر من هو أعلم منه فإنه يجب عليهم أن يقلّدوا الأعلم وإذا اختلت عدالة المرجع يعني انحرف عن منهج الله فلا يصح لهم البقاء على تقليده، فإذاً في الحالة المرجعية هناك مجال للتدارك وللوقوف أمام أي انحراف قد يحصل لا سمح الله لكن من المعلوم أن المراجع ينشؤون تحت نظر الناس وتحت سمعهم من نعومة أظفاره يكون في الحوزة العلمية ويعرفه الناس ويعرفون أسرته وغالبا ما يتربى تربية دينية أخلاقية وصفة أساسية يجب أن تتوفر فيه بالإضافة إلى العلم أو الأعلمية هي صفة العدالة ولكن لو حصل لا سمح الله انحراف واختلال في العدالة فإن كل الفقهاء والمراجع يرون سقوط مرجعيته وبالتالي لا يعود مرجعا.
• خديجة بن قنة: نعم نأخذ فاصلا قصيرا ثم نعود لمتابعة هذه الحلقة من برنامج الشريعة والحياة.
[فاصل إعلاني]
• خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا بكم مرة أخرى إلى برنامج الشريعة والحياة حلقتنا اليوم حول المرجعية الشيعية بين الدين والسياسة، نأخذ الآن مشاركات بعض المشاهدين نبدأ بمعاذ العابد من سويسرا تفضل.
- معاذ العابد: السلام عليكم أختي خديجة حياك الله.
• خديجة بن قنة: وعليكم السلام ورحمة الله.
- معاذ العابد- سويسرا: الحقيقة أنا أستغرب قليلا من حديث الشيخ الصفار لأنه أنا.. المعهود على الشيخ الصفار يدعو إلى الصراحة وإلى الوضوح وإلى الوحدة بين الأمة الإسلامية ولا أعتقد أن الوحدة بين الأمة الإسلامية تبنى على كثير من الأشياء التي يحاول أن يخفيها السيد الصفار، فأنا أتمنى على الجزيرة على سبيل المثال أن تأتينا في برنامج يكون فيه الشيخ الصفار مقابلا لأحد آخر يرد على كثير مما يقول، الآن في صلب الموضوع على سبيل المثال عندما يقول السيد الصفار الأعمال التي وقعت الإجرامية والسيد السيستاني رفض الطائفية فإن السيد الصفار يشير إلى جهة معينة وأنا أسأل السيد الصفار هل تعني بذلك مثلا قتل السيد الخوئي والذي اتُهم فيه السيد الصدر على سبيل المثال هذه الطائفية التي تقول؟ ثانيا عندما تقول أن المرجعية لا تتدخل في الأمور الأخرى في البلدان الأخرى والسيد السيستاني على سبيل المثال الذي ضربته أنت المثال ما حُكم وجوده في العراق يُفتي لشعب كامل في حال أن هناك مرجعيات أخرى؟ وأقول يا سيد الصفار لو أخذنا مثالا عليك أنت بنفسك في دولة السعودية أنت لو أريد أن أُسمعك صوتك الآن وأنت تفتخر بسبّ أبا بكر وعمر وعثمان..
• خديجة بن قنة [مقاطعةً]: هذا لم يحدث خلال البرنامج.
- معاذ العابد: أنا أُسمعك أختي خديجة الآن تحبي أن أُسمعكِ أختي خديجة؟
• خديجة بن قنة: نعم.
- معاذ العابد: أُسمعكِ الآن صوته هل تسمحي بذلك؟
• خديجة بن قنة: نتحدث عن ما دار في خلال هذه الحلقة هذا لم يحدث.
- معاذ العابد: بارك الله فيك أختي الآن مثال فقط أختي على سبيل تبيان أن القضية ليست أشخاص مرجعيات إنما هي عقيدة يقتنع بها السيد الصفار في السعودية والآخر في إيران والآخر في نيكاراغوا يتبعون هذه العقيدة بالتزام تام وهذه العقيدة باختصار مبنية على أن هناك إمامة الذي لا يؤمن بها فهو كافر ولو صلى ولو صام، إذاً لماذا لا يقول لنا السيد الصفار بصراحة..
• خديجة بن قنة: نعم وصلت فكرتك لكن أريد فقط أن أوضح لك نقطة أخ معاذ العابد من سويسرا أن الشيخ حسن الصفار حَرّم على صفحات.. على الصحافة المكتوبة سبّ الصحابة رضوان الله عليهم، شكرا لك على أية حال نأخذ رشاد أبو بكر من الأردن.
- رشاد أبو بكر- الأردن: السلام عليكم.
• خديجة بن قنة: وعليكم السلام ورحمة الله.
- رشاد أبو بكر: أخت خديجة الحقيقة يعني أنا تفاجأت حينما قال السيد الصفار في بداية الحلقة عن مفهوم السياسة والدين أي حينما فَصَل أو قال أن العالم أو علماء أو المرجعيات ليس لهم علاقة بالأمور السياسية، هذا المفهوم الحقيقة هو مفهوم ليس له صلة بالمفهوم الشرعي لأن السياسة كما نعلم هي رعاية شؤون الأمة فكيف لعلماء المسلمين أو المرجعيات أن يقولوا أنه لا سياسة في الدين؟ وهل هذا يمكن أن لا يفهم أحد أنه ترسيخ لمبدأ غربي جاء به علماء الغرب أو النظام الرأسمالي وهو فصل الدين عن الحياة أو فصل السياسة عن الدين؟ من هنا نستطيع أن نفهم ما يفعله كثير من المرجعيات وعلى رأسهم كما قال السيد الصفار السيستاني في العراق هل حينما يعطي الصبغة الشرعية لوجود أميركا في العراق ولاحتلال أميركا في العراق أليس هذا تدخلا في السياسة؟ إذا لماذا يُراد لهؤلاء أن يتدخلوا في الأمور التي تعطي صبغة غير شرعية؟ بمعنى لماذا يراد..
• خديجة بن قنة: نعم شكرا لك رشاد أبو بكر نعم شكرا لك نأخذ أحمد الكاتب من بريطانيا.
أحمد الكاتب- بريطانيا: السلام عليكم أخت خديجة.
• خديجة بن قنة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- أحمد الكاتب: وسلامي إلى الأخ العزيز الشيخ حسن الصفار، في الحقيقة كان رائع في الحلقة وقدم تصورات مهمة جدا في وسط حملة الإشاعات المغرضة التي تحاول بث التفرقة في صفوف المسلمين وفي صفوف الشعب العراقي بالذات أولئك الذين يعملون على إشعال حرب طائفية ويستغلون الخلافات البسيطة الجزئية الفرعية لكي يصوروا الخلافات هذه بأنها معركة بين فريقين أو فسطاطين أو جبهتين لا يمكن أن يلتقيا في نظرهم، بينما الشعب العراقي والأمة الإسلامية تعيش وحدة متينة جدا وكما لاحظنا في العراق وفي الحقيقة يعني بالنسبة للمرجعية هي تقوم الآن بدور مهم جدا دور وحدوي وديمقراطي واستقلالي تاريخي، بمعنى أن المرجعية الآن في العراق ومرجعية السيستاني بتبنيها للخيار الديمقراطي ودعوة الشعب العراقي للإجماع والاتفاق على نظام سياسي واحد تجاوزا الخلاف التاريخي بين السُنَّة والشيعة لم يعد هناك خلاف حقيقي وجذري بين الطائفتين الإسلاميتين، هو أصبح هذا الخلاف يعني الذي كان موجودا حول النظم السياسية في التاريخ وأحقية هذه العائلة أو تلك بالخلافة أصبح شيئا من التاريخ أصبح شيئا من الماضي، الآن المرجعية في العراق والسيد السيستاني ليس هو مرجع الشيعة فقط إنما هو مرجع مُنتخب من عامة الشعب العراقي ويحظى بحب الكثيرين حتى من أبناء السُنَّة وحتى مما يسمى بالسُنَّة يعني والأخوة الأكراد وهو اليوم كان له تصريح عظيم جدا ورائع جدا يوصي قائمة الائتلاف الموحد التي فازت في الانتخابات بأن تلتقي مع هيئة علماء المسلمين ومع الأحزاب الأخرى ويقول لهم إن السُنَّة ليسوا إخوانكم فقط إنما هم أنفسكم يعني أنتم كتلة واحدة وفئة واحدة وطائفة واحدة ولستم طوائف بهذه العقلية يقود السيستاني الساحة العراقية ويوحّد الشعب العراقي، فأنا استغرب من بعض الأخوة الذين يعني يفترضون في أذهانهم الخلافات ويُعمقوا هذه الخلافات ويُضخموا منها لكي يخلقوا فتنة لا تخدم إلا المُحتَل، نحن الآن بالعراق نحتاج إلى الوحدة الوطنية نحتاج إلى.. لكي نقاوم الاحتلال نحتاج إلى الوحدة أولا وإلى الاتفاق على نظام سياسي وقيادة مشتركة حتى تقود نضال الشعب العراقي من أجل التحرير ومن أجل الحرية والديمقراطية.
• خديجة بن قنة: نعم شكرا جزيلا لك أحمد الكاتب من بريطانيا، نأخذ محمد الحربي من السعودية تفضل.
- محمد الحربي- السعودية: مساء الخير أخت خديجة.
• خديجة بن قنة: مساء النور.
- محمد الحربي: مساء الخير يا شيخ حسن.
- حسن موسى الصفار: مساك الله بالخير أهلا وسهلا.
- محمد الحربي: الحقيقة أنا أريد أن أُعقّب على كلام الشيخ حسن الصفار في قوله أن للمرجعية الشيعية دور كبير في اللُحمة الوطنية والدينية بين المسلمين وتطرقتم إلى السيد السيستاني وإلى أستاذه السيد الخوئي الذي يمشي السيستاني على خطا السيد الخوئي، أخت خديجة أنا أتمنى من الأستاذ حسن الصفار أن يجاوبني وبكل صراحة، أولا السيد الخوئي في كتابه مصباح الفقاهة في المجلد الأول صفحة 323 تحت باب حُرمة غيبة الأخ المؤمن يُكفّر جميع المخالفين ويقول ثبت في الروايات والأدعية والزيارات جواز لعن المخالفين ووجوب البراءة منهم وإكثار السبّ عليهم واتهامهم والوقيعة فيهم بل لا شبهة في كفرهم، في هذا النص يا أخت خديجة السيد الخوئي كفّر جميع المخالفين سواء كانوا شيعة زيدية أو إسماعيلية أو سُنَّة أو صوفية أو غيرهم، فاتبع نفس الطريقة العالم والمرجع آية الله العظمي السيد محمد صادق الروحاني في كتابه فقه الصادق عليه السلام في المجلد الرابع عشر صفحة 345 حيث كَفَّر جميع المخالفين سُنَّة وشيعة غير الاثنى عشرية وكذلك السيد الخميني في كتابه المكاسب المحرمة في المجلد الأول صفحة 251 يقول ما نصه فغيرنا ليسوا بإخواننا فلا شبهة في عدم احترامهم بل هو من ضروري المذهب كما قال المحققون بل الناظر في الأخبار الكثيرة وفي الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم بل الأئمة المعصومين أكثروا من الطعن واللعن عليهم وذكر مساوئهم..
• خديجة بن قنة [مقاطعةً]: وصلت الفكرة.
- محمد الحربي: معلهش أخت خديجة بس آخر سؤال..
• خديجة بن قنة: نعم باختصار شديد لو سمحت.
- محمد الحربي: آخر فقرة أريد بالله عليكِ أن يعني.. قناة الجزيرة تشارك في مكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف وهذا أمر مشكور لها، أنا أريد من الشيخ الصفار أن يعطيني وبكل صراحة.. وَرَد في كتبهم المعتمدة أن الإمام الثاني عشر إذا خرج يهدم المسجد الحرام ويهدم المسجد النبوي ويصلب أبو بكر ويصلب عمر ويجلد عائشة ويقتل قريش ويقتل خمسمائة ثم خمسمائة ثم خمسمائة..
• خديجة بن قنة: نعم شكرا لك نعتذر لضيق الوقت، طبعا لدينا الكثير من المشاركات وأيضا على الإنترنت نبدأ في أخذ أجوبة فضيلة الشيخ حسن الصفار على أسئلة المشاهدين، نبدأ من الأخير من محمد الحربي الذي كان يتحدث عن تكفير المراجع أو المرجعيات الشيعية للمخالفين وذكر كمثال في البداية السيد الخوئي الذي كفّر جميع المخالفين.
- حسن موسى الصفار: أختي الكريمة هذا الموضوع سبق أن طُرح في لقاء سابق معي في هذه القناة وضمن هذا البرنامج كما طُرح أيضا في مقابلات أخرى مع فضائيات أخرى وأنا أعتقد أن هناك أناس مهمتهم أن يتداخلوا في مثل هذه البرامج لكي يحرفوها عن مسارها ولكي يُدخلونا في حالة القيل والقال والخلافات والصراعات والتهريج بين أتباع هذه المذاهب، رأيي مُعلن من خلال مختلف المقابلات ومن خلال الكتابات، أنا أعتقد أن المحاسبة على ما في كتب التراث أمر يطول ويشغل الأمة عن واقعها، أن يبحث الشيعي عما في كتب السُنَّة من إساءات وأن يبحث السُنِّي عما في كتب الشيعة من إساءات، سنجد في تراثنا سُنَّة وشيعة الكثير مما يجب أن نقف عنده وأن نعيد النظر فيه، لكن أن ننشغل وأن ننتقي انتقاء بعض الكلمات المقطوعة عن سياقاتها والاستدلال بها هذا تعبئة، هذا إشغال للرأي العام ولذلك أنا شخصيا لن أجيب على مثل هذه الأسئلة لأنها أسئلة مكررة وأسئلة مقصود منها الانحراف بالبرنامج وإشغال الناس عن قضاياهم الحقيقية، الآن المرجعية في العراق تقوم بدور وحدوي وتأمر الناس بالوحدة والتلاحم عمليا قبل أن يكون الأمر كلاميا والمرجعية أيضا في إيران الإمام الخميني رحمه الله هو أمر الشيعة بأن يصلّوا مع بقية المسلمين السُنَّة في الحج في المسجدين في الحرمين الشريفين والوسائل الإعلامية الموجودة من قِبل الجمهورية الإسلامية في إيران والموجودة الآن في القنوات العراقية أكثر من فضائية عراقية الآن شيعية وفي لبنان أيضا قناة المنار كلها أيضا سياساتها الإعلامية وطرحها الثقافي والديني واضح جدا باتجاه الوحدة وباتجاه التآلف والابتعاد عن هذه الفتن وعن هذا التهريج المذهبي ولذلك لن أدخل ولن أنزلق، سأتسامى عن هذه التُرَّهات.
• خديجة بن قنة: نعم فضيلة الشيخ رشاد أبو بكر من الأردن كان يتحدث يقول لكم كيف تتحدثون عن عدم تدخل المرجعية الشيعية في السياسة وكل ما يقوم به السيد السيستاني هو سياسة؟
- حسن موسى الصفار: أنا لم أقل أن المرجعية لم تتدخل في السياسة، أنا قلت إن التقليد والمرجعية في الأصل هي الرجوع إلى الفقيه في القضايا الدينية في المسائل الدينية وقلت أيضا حينما طرحتي أنتِ سؤال ما هو حدود الرجوع إلى المرجع قلت كل قضية تكون مورد لحكم شرعي في أي مجال من مجالات الحياة فإن المكلف يرجع فيها إلى الفقيه ويأخذ رأيه الشرعي والفقهي، أما الموقف السياسي المباشر حتى السيد السيستاني نفسه يقوم بدور سياسي في القضايا المصيرية؛ قضية الانتخابات، قضية الدستور، قضية وحدة الشعب العراقي، أما في القضايا التفصيلية السياسية فمعلوم جدا أنه لم يقبل الدخول فيها وحينما طُرح موضوع اختيار رئيس وزراء من قبل قائمة الائتلاف ألحوا على سماحة السيد السيستاني أن يتدخل وأن يُرجح أحد المرشحين فرفض سماحة السيد السيستاني قال هذا أمر متروك لكم، السيد السيستاني لا يتدخل في القضايا السياسية بالمعنى الاحترافي وإنما هو يوجه الشعب في قضاياه المصيرية باعتباره هو محل إجماع من الناس وكلمته مسموعة ومؤثرة.
• خديجة بن قنة: نعم فضيلة الشيخ حسن الصفار يسأل مشارك لم يكتب اسمه من سوريا، يقول كيف يمكن الوثوق بدعوات الشيعة للوحدة الإسلامية وفي نفس الوقت واحدة من مبادئهم وعقائدهم الأساسية تسمى التقية وهي تعني كما يقول هو النفاق حتما وفوق كل ذلك ينسبونها إلى الإمام جعفر الصادق هل لك أن توضح لنا مبدأ التقية المرتبط بالفكر الشيعي؟
- حسن موسى الصفار: هذا يدخلنا في نفس السياق إذا كانت التقية نفاقا فإن القرآن قد أمر بهذا النفاق، القرآن الكريم يقول ﴿إلاَّ أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ القرآن الكريم يقول ﴿إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ﴾ التقية ليست نفاق، التقية مبدأ شرعي أقرته كل المذاهب الإسلامية ولا يوجد اختلاف حول أصل التقية ولكن هناك كلام يوجه للشيعة عن سعة ممارستهم للتقية وهذا يرتبط باضطرارهم إليها لأنهم في كثير من الأحيان والظروف يعيشون ظروف اضطهاد فيضطرون لممارسة التقية أما على أصل المبدأ فهناك اتفاق من قبل علماء المسلمين في التفاصيل، الواقع هناك اختلاف في الظروف التي عاشها الشيعة ولذلك فالمسألة ليست مسألة نفاق والتقية وإنما هي حالة اضطرارية وفي أي وقت استطاع فيه الشيعة أن يُظهروا آرائهم فإنهم لا يتوقفون ولا أعرف شيئا يخفيه الآن الشيعة تقية الشيعة يعملون على المكشوف آراؤهم واضحة وممارساتهم جلية فعملا الشيعة لا يمارسون التقية.
• خديجة بن قنة: نعم نأخذ أبو جنان من أميركا لكن نطلب من المشاهدين أن يختصروا في مداخلاتهم لأن الوقت ضيق معنا.
- أبو جنان يوسف- أميركا: السلام عليكم.
• خديجة بن قنة: وعليكم السلام ورحمة الله.
- أبو جنان يوسف: تحية لكي يا أخت خديجة، بسم الله الرحمن الرحيم ﴿يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ والنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ومَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإنَّهُ مِنْهُمْ﴾ أي خروج من الملة إن هذه الآية تشمل الجميع سواء سُنَّة أم شيعة، عندي سؤالين السؤال الأول لماذا مازال الشيعة يذكرون حزب البعث وصدام بأنهم يُمثلون أهل السُنَّة كما يزعمون يقولون أن صدام أتى على دبابة أميركية والسيستاني وباقر وأمثاله أتوا على نفس هذه الدبابة، فلماذا تشملون أهل السُنَّة وكأنهم هم يعني من يمثلون..
• خديجة بن قنة: نعم السؤال الثاني لو سمحت.
- أبو جنان يوسف: السؤال الثاني هل ما يفعله الشيعة في عاشوراء من لطم على الوجوه وتجريح لأجسادهم ونزيف دمائهم ودماء أطفالهم هو اضطهاد لأنفسهم؟
• خديجة بن قنة: نعم شكرا لك نديم الجابري من العراق تفضل نديم الجابري من العراق تفضل.
- نديم الجابري- العراق: نعم بسم الله الرحمن الرحيم نعم معكِ.
• خديجة بن قنة: نعم تفضل باختصار.
- نديم الجابري: بسم الله الرحمن الرحيم في البدء لابد من تحية خاصة لضيفكم الكريم سماحة الشيخ الصفار على الروح الموضوعية المتوازنة في الطرح والرؤية الواضحة المبسطة التي صححت كثيرا من المفاهيم المغلوطة التي تشاع في العالم الإسلامي حول هذه الطائفة التي تعرضت للكثير من الاضطهاد منذ عقود بل منذ قرون طويلة..
• خديجة بن قنة: نعم سؤالك باختصار لأنه ليس لدينا الكثير من الوقت.
- نديم الجابري: أنا ليس لدي سؤال أنا لدي مداخلة بناء على طلبكم فالرجاء اسمحي لي بالمداخلة، أنا جزء من العملية السياسية في العراق أنا عضو في الائتلاف العراقي الوطني وعضو في المجلس الوطني العراقي وأنا أمين عام في (كلمة غير مفهومة) الإسلامي ولي احتكاك مباشر مع المرجعيات الدينية الشيعية في العراق وفي الحقيقة المرجعيات الدينية في العراق سواء المتوفين منهم أو الأحياء قد لعبوا دورا أساسيا في توحيد الشعب العراقي لأن الشعب العراقي كما يَعرف الجميع عبارة عن مكونات اجتماعية قومية أو طائفية متفاوتة ومتباينة وكان من الضروري أن تلعب هنالك مرجعيات تلعب دور أساسي في وحدة الشعب العراقي وفعلا قامت مثلما وصف سماحة الشيخ الصفار هذا الدور، منذ ثورة العشرين كان للشيرازي قائد الثورة دورا أساسيا في بلورة المشروع الوطني العراقي.
• خديجة بن قنة: نعم شكرا لكم نديم الجابري من العراق شكرا جزيلا لك، فضيلة الشيخ حسن الصفار أبو جنان من أميركا كان يسأل لماذا ربط البعث بالسُنَّة حزب البعث بالسُنَّة؟
- حسن موسى الصفار: لا أحد يربط البعث بأهل السُنَّة هذا الكلام مردود، نحن نقول إن صدام لم يكن يعمل لأهل السُنَّة ولا للسُنَّة وأن هناك علماء مجاهدين من أهل السُنَّة قاوموه وعارضوه واستشهدوا على يديه كالشهيد الشيخ عبد العزيز البدري وأن الجمهور السُنِّي في العراق أيضا نال من قمع صدام ومن الحرمان الذي مارسه نظام صدام كما نال الشيعة وكما نال الأكراد، لكن هناك تفاوت في الحجم وفي المستويات، فنحن أنا شخصيا لا أعتبر أن صدام يمثل إرادة السُنَّة ولا أن حزب البعث يمثل إرادة السُنَّة وإنما يمثل حالة سلطوية قمعية ضد السُنَّة والشيعة وكل العراقيين والمسيحيين والأكراد ضد الجميع.
• خديجة بن قنة: نعم بالنسبة لعاشوراء يقول لماذا لطم الوجوه وكل هذه الدماء التي نراها تسيل في يوم عاشوراء؟
- حسن موسى الصفار: في كل مذهب من المذاهب هناك آراء تخص هذا المذهب ينبغي مناقشة هذه الأمور ضمن المنظومة الثقافية والدينية لذلك المذهب وآتي هنا بمثل بسيط لتقريب الصورة..
• خديجة بن قنة: باختصار فضيلة الشيخ.
- حسن موسى الصفار: لو أن إنسانا غير مسلم لاحظ رمي الجمار الذي يعمله المسلمون في الحج مفصولا عن سياقه لما استطاع أن يتفهم هذا الأمر، جماعة يتزاحمون على مكان ومنهم من يموت ومنهم من يُؤذى ومنهم من يصاب حتى يضربوا ذلك المكان بأحجار بسيطة، لكن حينما تقرأ موضوع رمي الجمار ضمن المنظومة الإسلامية وضمن مناسك الحج يكون مفهوما أكثر، المراسيم التي يعملها الشيعة في عاشوراء حينما تُقرأ ضمن موقعية الإمام الحسين وضمن بشاعة الحادثة التي حدثت في كربلاء والتوجيهات التي صدرت من أئمة أهل البيت يمكننا أن نفهم أكثر ممارسة الشيعة لهذه المراسم.
• خديجة بن قنة: نعم في سياقها.
- حسن موسى الصفار: طبعا عندنا تحفّظ على بعض الممارسات، ليس كل الممارسات التي تحصل هي مرضية ومقبولة، هناك تحفظ على بعض الممارسات لكن ينبغي أن يُنظر للموضوع بمجمله وأحب أن أشير هنا إلى نقطة كفى جدالا حول هذه الأمور علينا أن يعترف بعضنا ببعض، فالشيعة هؤلاء كما هم وعلى ما هم لن يستطيع السُنَّة أن يغيروهم والسُنَّة على ما هم كما هم فلنعترف ببعضنا البعض ولنتجاوز هذا الأمر.
• خديجة بن قنة: ولا أن يغير الشيعة السُنَّة طبعا نعم، فضيلة الشيخ هناك قضية لم نتحدث عنها وهي قضية الخُمس الذي يدفعه الشيعة للمرجع الشيعي، ما مفهوم الخُمس؟ ماذا نعني به لمن يدفع ومن يدفع؟
- حسن موسى الصفار: الخُمس فريضة إسلامية تحدث عنها القرآن الكريم ﴿واعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ ولِذِي القُرْبَى﴾ ولكن السُنَّة مع الشيعة اختلفوا في تحديد موارد الخُمس فأهل السُنَّة يقولون أن الخُمس يجب في غنائم الحرب ورأوا أن ﴿أَنَّمَا غَنِمْتُم﴾ من شيء خاصة بغنائم الحرب وأيضا يوجبونه في الفيء ويوجبنه في الركاز ويوجبونه في المعادن ولكن الشيعة يضيفون على هذه الأمور أشياء أخرى كالغوث وكالمال الحلال المختلط بالحرام وكأرباح المكاسب يعتبرون هذه موارد الخُمس، فكل إنسان يعمل طوال السنة من دخله ينفق حسب حاجته وكما يشاء إذا بقي عنده شيء آخر السنة زيادة على ما أنفق وصرف فاضل المئونة يطلقون عليه فيجب عليه أن يُخمِّس هذا الشيء المتبقي بعد مصاريفه ومئونته.
• خديجة بن قنة: نعم انتهى وقت البرنامج، في نهايته لا يسعنا مشاهدينا إلا أن نشكر فضيلة الشيخ حسن الصفار من المملكة العربية السعودية شكرا جزيلا لكم فضيلة الشيخ.
- حسن موسى الصفار: شكرا لكِ.
• خديجة بن قنة: ونشكركم أنتم مشاهدينا ومخرج البرنامج وفريق البرنامج المخرج منصور الطلافيح ومعد البرنامج معتز الخطيب، نلتقي في حلقة الأسبوع المقبل بحول الله، لكم منا أطيب المنى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
للاستماع للحوار:
media/ent_confr/1426/14260118.asf