الشيخ الصفار يدعو إلى مؤسسات بحثية تساعد الفقهاء
- ويقول ان الصراعات داخل الوسط الديني هي «السبب الأهم» في إعاقة التجديد الفقهي.
- ويقول إن الناس قد ألفوا بعض الآراء الفقهية السائدة فاعتبروها ثوابت لا تمس.
- ويشير إلى أن أعلى المرجعيات الدينية ليست في منأى عن الشغب عليها إذا مارست تجديداً.
انتقد سماحة الشيخ حسن الصفار على نحو لاذع الممانعين لأي تغيير وتطوير في الاجتهاد والتجديد الديني تحت طائلة الاتهام بالبدعة والرمي بتهم التمييع والتغريب وعلمنة الدين.
جاء ذلك خلال حديث الجمعة (22 رجب 1437ﻫ الموافق 29 ابريل 2016م) في مسجد الرسالة بمدينة القطيف شرق السعودية.
وقال الشيخ الصفار إن معارضة التجديد الديني عند بعض الأوساط ناشئة من القلق المبالغ فيه وتضخم الحذر من الابتداع المذموم حتى أصبح عائقاً أمام حرية الاجتهاد المشروع.
ومضى يقول إن الموائمة بين التشريعات الدينية والتطور البشري الهائل باتت من أبرز التحديات التي تواجه الأمة الاسلامية في العصر الراهن.
وقال إن التشريعات التي تنظم حركة المجتمع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية عند المسلمين أصبحت في بعض جوانبها مصدر مشاكل جدية للمسلمين في هذا العصر.
وأوضح سماحته بأن الأمة الاسلامية ليس لها خيار الابتعاد عن دينها للانخراط مع العالم كما أنها ليست في مورد الاعتزال عن التطور البشري على طريقة امارة طالبان والتنظيمات المتشددة.
وأضاف أن الخيار المتاح هو أن يعيد فقهاء الأمة النظر في بعض التشريعات القائمة سعيًا وراء التعايش مع ظروف العصر. قائلًا إن هذا الأمر يستحق المحاولة ما دام باب الاجتهاد مفتوحاً.
وتابع بأن كثيرًا من مستجدات العصر حرّمها بعض رجال الدين في البداية ووقفوا بمواجهتها وحذروا المسلمين منها، لكنهم اعتبروها مباحة فيما بعد تحت ضغط الأمر الواقع، ومن ذلك تحريم الهاتف والتلفزيون وتعليم البنات وغير ذلك.
وخاطب سماحته الفقهاء المسلمين متسائلًا: «لماذا ينتزع التغيير من المؤسسات الدينية انتزاعًا، ولم لا يأت إلا نتيجة مخاض مؤلم وعملية قيصرية، تحت ضغط الأمر الواقع؟».
عوائق التجديد
وأرجع الشيخ الصفار حالة التراخي في الاجتهاد الفقهي إلى وجود عوائق جدية، أبرزها غياب المؤسسات ومراكز البحث العلمي المساندة لعمل الفقهاء، عوضًا عن الاقتصار على الجهد الفردي لكل فقيه.
وأشار سماحته إلى عائق مهم أمام حركة الاجتهاد الفقهي وهو صعوبة التعبير عن الآراء الفقهية المستجدة والمغايرة للسائد تحت طائلة الاتهام بالبدعة والابتداع.
وأرجع ذلك إلى أن الناس قد ألفوا بعض الآراء الفقهية السائدة فاعتبروها ثوابت لا يجوز المساس بها. إضافة إلى الالتباس الحاصل حول مفهوم البدعة والإبتداع.
وشدّد القول بأن إعمال الفكر والاجتهاد وإعادة النظر في مسائل الشريعة لا يمت بصلة إلى مفهوم البدعة المتضخم في الأذهان والذي تعني نسبة شيء من خارج الدين إلى الدين.
وتناول الشيخ الصفار عائقا آخر أمام حركة الاجتهاد والتجديد وهو رمي الفقهاء والمفكرين المجددين بتهم التمييع والتغريب وعلمنة الدين طمعاً في مماشاة الغرب.
واعتبر سماحته الصراعات داخل الوسط الديني نفسه «السبب الأهم» في إعاقة التجديد الفقهي.
وأوضح بأن الوسط الديني كسائر الأوساط البشرية يبتلى بالصراعات والخلافات، فإذا ما طرح طرف اجتهادًا جديدًا ثارت عليه أطراف أخرى واشتغلت على النيل منه وإسقاطه دينيًا مهما علا مقامه الديني.
وتناول في السياق الشغب الذي قوبل به المرجع الديني الأعلى في زمانه السيد محسن الحكيم حين افتى بطهارة أهل الكتاب. والحال نفسه مع الإمام الخميني حين أفتى بجواز لعب الشطرنج بدون قمار وبيع آلات الموسيقى لأغراض الإنشاد الجائز.
وحثّ سماحته على التحلي بسعة الأفق في التعاطي مع اختلاف الرأي وتنوع الاجتهادات وتباين القراءات، والنأي عن التجريح في أصحاب الرأي والتشكيك في دينهم والطعن في نزاهتهم وإخراجهم من الملة.