الشيخ الصفار: المجال الديني ليس مستثنى من النقد والمراجعة
- ويرفض اعتبار ممارسة النقد الذاتي شكلًا من أشكال نشر الغسيل.
- ويقول "ما عاد ممكناً أن تقول للجمهور إن الشيوخ أبخص".
- ويتحفظ على ضرورة اقتصار ممارسة النقد الديني على الأروقة الدينية.
أكد سماحة الشيخ حسن الصفار على أهمية مراجعة التراث ونقد الذات ضمن الخطاب الديني في عاشوراء إلى جانب ترسيخ الولاء الديني وتعزيز القيم السامية في النفوس.
وقال الشيخ الصفار في ندوة نظمها الطلبة المبتعثون والمقيمون في نيوزلندا لبحث هذا الموضوع، إن موضوع النقد والمراجعة ينبغي ألا يغيب عن الخطاب الديني لعاشوراء.
وأرجع ذلك إلى أن موضوع النقد والمراجعة "يلامس ضرورة، ويلبي حاجة، ويعالج إشكاليات في أذهان وسلوكيات شريحة كبيرة من أبناء المجتمع".
وأضاف سماحته خلال مشاركته الهاتفية في المنتدى الأسبوعي للطلبة أن ممارسة النقد الذاتي أمر ضروري في كل المجالات العلمية والسياسية والاقتصادية" والمجال الديني ليس مستثنى من مسألة النقد والمراجعة".
وأوضح أن الدين ليس كله مساحة ثابتة وإنما يحتل الثابت الديني مساحة محدودة جدًا "لكن المساحة الأكبر متحركة وقابلة للتغيير"، مستدلاً بتعدد المذاهب الإسلامية واختلاف المدارس الدينية حتى ضمن المذهب الواحد.
وحدد الشيخ الصفار أربعة أبعاد يمكن أن يشملها النقد وهي بعد الفكر والثقافة، والبعد السلوكي والممارسات الدينية، وبعد المؤسسات والرموز الدينية، وأخيرًا المواقف التي يتخذها المجتمع الديني.
وعلل ذلك بالقول إن الناس بشر قد يصيبون وقد يخطئون في أفكارهم، والثقافة الدينية اجتهاد بشري فيما عدا النص الثابت البيّن الدلالة، والسلوكيات والممارسات أداء بشري معرض للخطأ.
ومضى يقول "إن الرموز الدينية من علماء ووكلاء وشخصيات، ليسوا معصومين وبالتالي فإن الغفلة والخطأ أمر وارد ، فلا مانع من النقد ولا مانع من المراجع".
وتحفظ الشيخ الصفار على ضرورة أن تقتصر ممارسة النقد الديني على الأروقة الدينية الخاصة كالحوزات العلمية فقط.
وأرجع ذلك إلى "عدم وجود منهجية وآلية تقوم بهذا الدور، فهذا يعني تعطيل النقد".
وتابع "نحن نعيش في زمن أصبحت فيه الشفافية شعاراً وقيمة عليا، فما عاد ممكناً أن تقول للجمهور إن الشيوخ أبخص، وان عليكم أن تتبعوا هذه الأفكار والآراء والتوجهات دون تساؤل ونقد واعتراض".
وقال سماحته "نحن واثقون من أصول ديننا، والمراجعة هي في التفاصيل وهذا لا يؤثر على أصل الدين، وعلى قوة الدين".
وتسائل الشيخ الصفار "ما الذي يجعلنا نتردد تجاه النقد والمراجعة.. لو اتضح أن هذه الفتوى ما عادت صالحة لهذا العصر، أو أن تلك الفكرة ليست صحيحة بالكامل، أو أن فلاناً من الناس الذي يمثل الحالة الدينية اخطأ أو اشتبه أو انحرف".
ورفض سماحته اعتبار ممارسة النقد الذاتي شكلًا من أشكال نشر الغسيل وإضعاف المذهب أمام الآخرين المناوئين.
ومضى يقول "ما عاد هناك شيء مستور، كل التراث، وكل الآراء، وكل المواقف أصبحت معروفة أمام الجميع.. الكتب موجودة على الشبكة العنكبوتية.. الشعائر والمناسبات الدينية أصبحت تبث على الفضائيات".
وحول مشروعية النقد أوضح الشيخ الصفار بأن القرآن الكريم كان يعرض النقد تجاه رسول الله والمجتمع الديني في العصر النبوي وكان الإمام علي يقول "لَا تَظُنُّوا بِي اسْتِثْقَالًا فِي حَقٍّ قِيلَ لِي".
وخلص إلى القول "لا مشكلة في أن يكون النقد (الديني) واضحًا ومفتوحًا أمام الرأي العام".
وأشار الشيخ الصفار إلى مبادرات عديدة "أكثر جرأة وأكثر انتشاراً من قبل علماء قاموا بالنقد للتراث" ومنهم السيد محسن الأمين العاملي والشيخ محمد جواد مغنية والشهيد مرتضى مطهري والعلامة محمد حسين فضل الله.
وقال إن من العلماء المعاصرين الذين قاموا بدور مهم في السنوات الأخيرة الشيخ محمد اصف محسني الذي راجع كل الروايات وكل التراث الوارد عن أهل البيت وقام بعملية غربلة وتصفية حسب رؤيته وأصدر موسوعة مهمة تحت عنوان (معجم الأحاديث المعتبرة) تقع في ثمان مجلدات.
وأضاف أن من العلماء المعاصرين كذلك الشيخ حيدر حب الله الذي يقوم الآن بدور كبير على صعيد مراجعة التراث الديني.