الشيخ الصفار يدعو إلى الانطلاق من المشتركات بين اتباع الديانات والمذاهب
- ويقول ان هناك مساحة من الاتفاق بين المسيحية والإسلام وهي بين السُنة والشيعة أكبر من مساحة الاختلاف.
- ويضيف إن العقلاء يبحثون عن مناطق الاشتراك فيما يركز الحمقى على مناطق الاختلاف.
- ويقول أن "معركة الوعي" هي بين منهج الحوار في المشتركات ومنهج الجدل في الخلافات.
دعا سماحة الشيخ حسن الصفار إلى الانطلاق من القواسم المشتركة في العلاقة بين اتباع الديانات والمذاهب بعيدا عن سيطرة الجهل والانفعالات الناتجة عن التجاذبات السياسية.
جاء ذلك خلال حديث الجمعة 24 ربيع الأول 1438ﻫ الموافق 23 ديسمبر 2016م في مسجد الرسالة بمدينة القطيف شرق السعودية، حيث تحدث عن ذكرى ميلاد السيد المسيح الذي يحتفل به المسيحيون والعالم.
وقال الشيخ الصفار ان هناك مساحة من الاتفاق بين المسيحية والإسلام وفي الداخل الإسلامي بين السُنة والشيعة "هي اوسع وأكبر" من مساحة الاختلاف بين الفريقين.
ورأى سماحته ان الظروف باتت ملائمة اكثر لتطوير العلاقات بين المسلمين والمسيحيين نتيجة تجاوز الطرفين تأثيرات عصر الفتوحات الاسلامية وحقبة الاستعمار والتبشير المسيحي.
وأضاف بأن المجتمعات المسيحية احتضنت جاليات اسلامية كبيرة، وساد الانفتاح أجواء كثير من الاوساط الاسلامية تجاه الكنيسة المسيحية.
وأرجع التوترات بين المسيحيين والمسلمين في الوقت الراهن إلى العامل الصهيوني والحركات الارهابية المتطرفة على حد سواء، معتبرا العامل الأخير هو الاخطر.
وتابع الشيخ الصفار أمام حشد من المصلين بأن هذه الحركات المتطرفة المنبثقة في الوسط الإسلامي راحت تستهدف الأبرياء في مختلف أنحاء العالم لاعتبارات دينية متطرفة.
واستعرض في السياق سلسلة من الاعتداءات الإرهابية الأخيرة التي طالت الكنائس ورجال الدين والمصلين والمتسوقين وراح ضحيتها العشرات في فرنسا ومصر وألمانيا.
وقال سماحته "لقد اصبح للإرهابيين موسمان اساسيان لاستهداف الابرياء تحت عنوان ديني؛ موسم عاشوراء وموسم أعياد ميلاد المسيح".
وأضاف بأن ذلك ترك أجواءً غير ايجابية تجاه المسلمين وقاد إلى صعود وتزايد شعبية الأحزاب اليمينية المناوئة للوجود الإسلامي في الغرب.
- المنهج العقلاني
وقال الشيخ الصفار ان القرآن الكريم يضع منهجا عقلانيا صالحا لتنظيم العلاقة بين البشر كأفراد وجماعات من مختلف الديانات والمذاهب وهو المنهج القائم على البحث عن المشتركات بين الأطراف المختلفة ﴿ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ﴾.
وأوضح سماحته بأن العقلاء يبحثون دائما عن مناطق الاشتراك والانطلاق منها في العلاقة مع الآخر، فيما يركز الجهلاء والحمقى باستمرار على مناطق الاختلاف مع الآخرين.
وتابع انه وبصرف النظر عن التفاصيل فإن نقاط الاتفاق بين المسيحيين والمسلمين كثيرة، من أهمها الإيمان بالله واليوم الآخر والأنبياء والرسل وكرامة الإنسان وأهمية البعد الروحي والأخلاق والعفة وقدسية الأسرة.
وأضاف الشيخ الصفار ان هناك حاجة لتفعيل ذات المنهج العقلاني في العلاقات المذهبية بين السنة والشيعة خاصة في ظل الاجواء المشحونة التي تعيشها المنطقة.
وتابع انه برغم التباين إلا ان مساحة الاتفاق بين السنة والشيعة أكبر من مساحة الاختلاف خاصة في اصول العقيدة من التوحيد والنبوة والمعاد ومرجعية الكتاب والسنة والفرائض العبادية وأصول المعاملات والقضاء اضافة إلى التحديات والأخطار.
وقال سماحته ان منشأ المشكلة هو التركيز على المسائل الفرعية المختلف بشأنها ليغدو حينها التعايش متعذرا عوضا عن التركيز على نقاط الاشتراك الكثيرة بين الفريقين.
وشدد بأن "معركة الوعي" في الأمة متركزة اليوم بين منهجين ينطلق أحدهما من ضرورة الحوار في المشتركات ونقاط الاتفاق، فيما ينزع الآخر الى الانطلاق من أرضية الجدل والنزاع.
وقال ان الواعين المخلصين يدركون جيدا أهمية التركيز على مواقع الاتفاق مع قبول التعددية في الآراء في مواضع الاختلاف.
وفي السياق نعى الشيخ الصفار أحد أبرز علماء الدين الذين حملوا هم الوحدة والتقريب بين المذاهب الإسلامية وهو آية الله الشيخ محمد واعظ زاده الخراساني الذي توفي في مشهد يوم الاحد الماضي.
وأضاف بأن الراحل الخراساني كان في طليعة العلماء الوحدويين "ليس على مستوى الدعوة والشعار فقط بل على مستوى المقاربة الفكرية العقدية والتأصيل الشرعي الفقهي".