مجلة الاجتهاد والتجديد تنشر بحثًا للشيخ الصفار عن المرجع الفياض
نشرت مجلة (الاجتهاد والتجديد) في عددها رقم 42 ربيع 2017م- 1438هـ بحثاً لسماحة الشيخ حسن الصفار بعنوان: "الشيخ محمد اسحاق الفياض عمق الفقاهة وسمو الأخلاق"، صفحة 149- 171.
وقد تحدث الشيخ الصفار في البحث عن بعدين في شخصية المرجع الشيخ الفياض هما عمق الفقاهة، وسمو الاخلاق، مستدلا على قوة جناحه العلمي بما قدمه سماحته من فتاوى واعية متفهمة للعصر متكئة على معرفة بالنص ومحيطه، وعن سمو أخلاقه استدل بملاحظاته الشخصية عند زيارته للمرجع الفياض، فتلمس انعكاس المبادئ والقيم الاخلاقية في سلوكه العملي.
وقد بدأ الشيخ الصفار مقاله بالتعريف بالمرجع الشيخ الفياض الفقيه العصامي، الذي ولد سنة 1930م لعائلة فقيرة تمتهن الفلاحة في إحدى قرى محافظة (غزني)، وسط أفغانستان، جنوب العاصمة كابل، ثم قصد النجف الأشرف لينهل من علومها حتى أصبح من كبار أعلامها.
ثم تحدث سماحته عما تواجهه الأمة من تحديات مؤكدا أن "أهمها تحدي التوفيق بين الاصالة والانفتاح"، وسبب ذلك أن " التخلف العميق الذي تعيشه الأمة في مختلف مجالات الحياة، يقابله تقدّم باهر أنجزته الحضارة الغربية".
ويشير إلى أن هذا التقابل "أدّى إلى وجود تيارين في أوساط أبناء الأمة، تيار يتبنى الانفتاح بلا حدود على الحضارة الغربية، دون أيّ تحفّظ على ما تحمله من قيم وثقافات، وما تمارسه مجتمعاتها من تقاليد وسلوكيات".
وتيار "يدعو إلى الانغلاق على الذات، والقطيعة الكاملة مع الغرب، برفض جميع منتجاته دون تصنيف أو تمييز".
ويبين الشيخ الصفار أن " الصراع بين هذين التيارين كلّف الأمة باهظ الأثمان والخسائر، وأضعف تماسك مجتمعاتها واستقرار أوطانها".
وبعيدا عن هذا التيار وذاك خرج تيار وسطي متوازن، "يجمع بين الأصالة في الانطلاق من قيم الدين، ومبادئه الثابتة، وبين الانفتاح على تطورات العصر ومستجدات الحياة، ويستفيد من تجارب المجتمعات المتقدمة، بدراستها والانتقاء منها".
ومن مصاديق هذا التيار المرجع الديني الكبير الشيخ محمد إسحاق الفيّاض. الذي يمثل "أنموذجًا رائعًا للتوفيق بين الأصالة والانفتاح، فالممارسة الفقهية لدى الشيخ الفيّاض محكومة بالضوابط المقررة، وفي إطارها العلمي الدقيق، وبأدوات الصناعة المتداولة في البحث الأصولي والفقهي، لكنها ممارسة اجتهادية بامتياز"
مؤكدًا أن الشيخ الفيّاض "يبذل قصارى جهده للتعامل مع الأدلة، بانفتاح كامل، دون رهبة أو تقيّد بفهم السابقين، وإلى جانب تفحّص الدليل، يجتهد الشيخ الفيّاض في مقاربة موضوع البحث، للوصول إلى التشخيص الواقعي للموضوعات في واقعها المعاصر، وصورتها الحاضرة، لأن المستجدات والمتغيرات في الموضوع تؤثر في تحديد الموقف منه، وتطبيق العنوان عليه
ويمثل لذلك برؤية الشيخ الفياض لموقع المرأة في النظام السياسي الاسلامي، وكذلك رؤيته لموضوع الانتماء للإسلام والتعايش المذهبي، بالإضافة إلى تأكيده لأهمية حفظ النظام العام، ورعاية القوانين، وانفتاحه على واقع القضايا الفكرية والاجتماعية.
ثم يتحدث عن سمو الاخلاق عند المرجع الفياض، وذلك من خلال تجربة، وحس وليس تخمينا، فحين تعرف عليه أدهشه "عظيم تواضعه وسموّ أخلاقه، حيث تعلو محيّاه البشاشة، وتتخلل حديثه الابتسامة، ويتعامل مع زائريه وتلامذته بعفوية وبساطة، تجعلك منطلقًا في الحديث معه والانفتاح عليه دون تهيّب أو قلق".
موضحا أنه "لا يُشعر جليسه مهما كان مستواه بالتعالي، ولا يقابل أحدًا بغضب أو انفعال، مهما كانت درجة سخونة موضوع النقاش، يُعبّر عن رأيه بهدوء واحترام، ويُصغي للرأي الآخر، فيقبله إن رآه صحيحًا، ويناقشه إنْ رأى فيه خللًا بموضوعية وحكمة".
يشار إلى أن مجلة "الاجتهاد والتجديد" فصلية مختصة بقضايا الاجتهاد والفقه الاسلامي، تصدر عن مركز البحوث المعاصرة في بيروت – لبنان.
لقراءة المقال اضغط (هنا)