في الليلة الثامنة من المحرم
الشيخ الصفار يدعو إلى الانفتاح على الرأي الآخر والنأي عن المجابهة "الجاهلية"
- ويقول ان فتح باب الاجتهاد يعني تلقائيا فتح باب الاختلاف في الرأي على مصراعيه.
- ويدعو إلى الحوار مع أصحاب الرأي الآخر ومطالبتهم بتقديم أدلتهم ومبرراتهم.
- وينتقد حالة التشنج في أوساطنا التي فاجأت حتى بيوت مراجع الدين في النجف وقم.
دعا سماحة الشيخ حسن الصفار أبناء المجتمع إلى الإنفتاح على أصحاب الرأي من الرموز والمفكرين والمثقفين والنأي عن مجابهتهم بسد الأسماع على غرار أهل الجاهلية لقاء آرائهم الجديدة واجتهاداتهم المستحدثة.
جاء ذلك في محاضرة عاشورائية القاها في مجلس الحاج سعيد المقابي بمدينة القطيف ليلة الثامن من محرم.
وقال الشيخ الصفار أمام حشد من المستمعين اكتضت بهم قاعتا المجلس "ينبغي أن نستوعب بعضنا بعضا وأن نحترم رموزنا ومفكرينا ومثقفينا، ونرد على ما نعتبره رأيا خطأ بالرأي والعلم والمعرفة".
وانتقد سماحته بشدة حالة التشنج الذي تقابل بها الآراء الفكرية والإجتهادات الدينية في مجتمعنا على نحو يجري معه تسقيط أصحاب الرأي والنيل منهم لمجرد الإختلاف معهم.
واضاف بأن حالة التشنج الموجودة في أوساطنا تسببت في تشويه سمعة مجتمعنا وفاجأت حتى بيوت مراجع الدين في النجف الأشرف وقم الذين درجوا على تلقي شكاوى من فاعليات في مجتمعنا ضد اخوانهم من أصحاب الرأي.
وتسائل سماحته "لماذا نحن متشنجون ومتوترون في علاقاتنا الداخلية.. مع أننا نرى مراجعنا وعلماءنا في ايران والعراق ولبنان يستقبلون المسيحيين واليهود والشيوعيين والبعثيين والليبراليين والعلمانيين من ابناء مجتمعاتهم".
وأوضح الشيخ الصفار بأنه وخلافا للمجتمعات الأخرى لا تزال مجتمعاتنا تواجه مشكلة في التعامل مع الرأي الآخر حتى داخل المذهب الواحد والجماعة الواحدة، معللا بأن "التفكير السائد هو حاكمية الرأي الواحد، ورفض تعدد الآراء".
ومضى يقول ان بعض المتديّنين يتصوّرون خطأً أنّ ما يؤمنون به من أفكار، وما يعرفونه من أحكام، وما يمارسونه من طقوس وشعائر، هي حقائق دينية صلبة لا تقبل المسّ والتغيير، ولا يصح مناقشة شيءٍ منها.
واستدرك سماحته بالقول أنه لا مشكلة في تبني رأي والدفاع عن صوابيته وتخطئة الرأي الآخر "لكن لا يصح قمع الرأي الآخر، وسلبه المشروعية".
وتابع بأن البعض يزعجه اختلاف الآراء ويتمنى لو ان المجتمع كله نسخة واحدة. مضيفا انه لا سبيل إلى ذلك سوى ان نحظر عليهم التفكير، أو نقنعهم بالاعتماد على من يفكر نيابة عنهم، على جري المثل "الشيوخ ابخص".
وقال ان الدين دعوة إلى التفكير وليس التبعية والجمود. موضحا ان فتح باب الاجتهاد في الشريعة يعني تلقائيا فتح باب الاختلاف في الرأي على مصراعيه.
- النأي عن مسلك الجاهلية
إلى ذلك طالب سماحة الشيخ الصفار بالانفتاح على الرأي الآخر وتفهمه والنأي عن مسلك أهل الجاهلية الذي يعمد إلى سدّ الاسماع امامه.
ومضى يقول ان بعض الناس يتحمسون ضد بعض الافكار والمقولات دون ان يكلفوا أنفسهم عناء الاطلاع عليها، فيحاكمونها ويصدرون الحكم على اصحابها دون موضوعية وانصاف.
ودعا سماحته إلى الحوار مع أصحاب الرأي الآخر ومطالبتهم بتقديم أدلتهم ومبرراتهم سعيا نحو تفهم موقفهم أولا ومساعدتهم على اكتشاف خطأ أفكارهم ثانيا.
وأوضح بأن الإقتناع بخطأ الرأي الآخر وبطلانه يعطي الحق في نقده وتسليط الأضواء على ثغراته. مستدركا بالقول "لكن ذلك لا يعني منحك الحق في الإساءة لصاحب الرأي الآخر والتعدي عليه".
وأضاف إنّ رفض أيّ فكرة أو رأي معيّن لا ينبغي مطلقًا أن يقود إلى نصب العداوة لصاحب ذلك الرأي.. ان من الضروري هنا التفكيك بين الفكرة وصاحب الفكرة.