الليلة الخامسة من محرم
الشيخ الصفار: أمراض الحالة الدينية أشد فتكا من الموجات التغريبية
ويقول إن الركود في عملية الاجتهاد والتجديد يمثل تحديا للحالة الدينية.
وينتقد الحساسية المفرطة في الوسط الديني حيال حالات نقد الأخطاء.
ويرفض مواجهة الآراء النقدية داخل المؤسسة الدينية وتسقيط اصحابها.
قال سماحة الشيخ حسن الصفار ان التحديات الناشئة من داخل الحالة الدينية هي أعظم خطرا وأشد فتكا بالدين من تلك الناشئة عن عدوان من خارجها.
وقال في محاضرته العاشورائية مساء الجمعة الخامس من محرم 1440هـ الموافق 14 سبتمبر 2018م ان التحديات الناشئة من داخل الحالة الدينية هي أشد خطرا من الموجة التغريبية التي شقت طريقها سابقا على يد جملة من المفكرين العلمانيين العرب قبل أن يطويها الزمن.
ودعا الاوساط الدينية إلى الاهتمام بما يجري داخلها وتفحص أمراضها التي قد تدفع بالشباب إلى ردات فعل تصل بهم الى التشكيك في الدين والتخلي عنه.
وأضاف أمام حشد من المستمعين في مجلس المقابي بمدينة القطيف انه لابد من الاعتراف بأن جانبا من أسباب تخلي البعض عن الدين يعود إلى أسباب داخلية في الوسط الديني ربما استثمرها الآخرون في دعوتهم لعقائد أخرى.
وتابع بأن واقع التخلف وسوء الوضع المعيشي في المجتمعات الإسلامية يمثّل أحد أكبر التحديات التي تدفع الشباب المتعلم لاتخاذ موقف مناوئ للحالة الدينية.
وأرجع ذلك إلى التصور السائد بأن تلك الأوضاع المزرية ناتجة عن الدين.
ومضى الشيخ الصفار في القول بأن ظهور التيارات الدينية المتطرفة مثّل تحديا آخر أضرّ بالإسلام ضررا بالغا من خلال ارتكاباتها الوحشية التي جاوزت كل حدود.
ورأى ان تصوير المتطرفين جرائمهم من قبيل قطع الرؤوس وسبي النساء وبيع الإماء في العراق وسوريا ونشرها على الملأ باعتبارها ممارسات دينية مثلت فرصة للاعداء للتشهير بالاسلام.
واستطرد بأن تلك الارتكابات خلقت ردود فعل سلبية على مجمل الحالة الدينية في اوساط الأمة وخارجها.
وتناول حالة الركود في عملية الاجتهاد في الوسط الديني ان على المستوى الفكري أم الفقهي والذي شكل هو الآخر تحديا جوهريا للحالة الدينية برمتها.
وأعرب سماحته عن اعتقاده ان مردّ ذلك الركود يعود إلى ما وصفها بحالة الممانعة في الوسط الديني لأي اجتهاد جديد مغاير للسائد، لتجري المسارعة لوصم أصحاب الرأي بالانحراف والابتداع والظلال.
وتابع بأن الفقهاء والمجتهدين منوط بهم القيام بعملية اجتهاد وتجديد جوهرية للخروج من هذا الركود على شتى المستويات الفقهية والفكرية وتقديمها بلغة عصرية يفهمها الجميع.
وعلى صعيد التحديات أيضا رأى سماحته ان ضعف المؤسسات الدينية في اداءها ومخرجاتها وبقاءها على هيكليتها التنظيمية المتقادمة يشكل ايضا تحديا للحالة الدينية.
إلى ذلك رفض الشيخ الصفار مواجهة الآراء النقدية داخل المؤسسة الدينية وتسقيط اصحابها بالتشكيك في الكفاءة وسوء الظن في النيات.
كما انتقد بشدة الحساسية المفرطة في الوسط الديني حيال حالات نقد الأخطاء ودعاوى الاصلاح الداخلي ووصم الآراء الاصلاحية بالتآمر على الدين.
وقال ان هذه النزعة هي المسئولة عن تفاقم الأخطاء وتكريس المشاكل في الحالة الدينية.
وخلص سماحته إلى ان التحديات الناشئة من داخل الحالة الدينية هي اكثر خطرا من الموجة التغريبية التي شقت طريقها سابقا.
ورأى أن من أهم اسباب انتهاء تلك الموجة واستعادة الثقة بالدين هو استقرار العلاقة بين الدين والعلم في اوربا نفسها حيث فقدت الكنيسة سطوتها، ليتجاوز العلم حالة الصدام معها.
وتابع بأن فشل مشروع التغريب والانبهار بالغرب تكرس مع تجلي اطماع الهيمنة الغربية ودعمها للاستبداد في المنطقة والاحتلال للأراضي العربية، اضافة إلى ظهور مفكرين اسلاميين قدموا قراءة متجددة للدين، وساهموا بذلك في إعادة الثقة في نفوس ابناء الأمة.