الشيخ الصفار يدعو إلى تقويم أداء مراسم عاشوراء كل عام
وينتقد بشدة "الحساسية" التي تنتاب البعض حيال ممارسة النقد الذاتي.
ويضيف بأن فتح النقاش والنقد هو السبيل إلى تعدد الاجتهادات والخيارات.
ويقول إن النقد الذاتي في أوساطنا أفضل من تعرضنا للنقد من الآخرين.
دعا سماحة الشيخ حسن الصفار أتباع أهل البيت مع انتهاء مناسبة عاشوراء إلى مراجعة نقدية لتقويم مجمل البرامج العاشورائية من الخطاب المنبري ونشاط المجالس والمواكب الحسينية.
جاء ذلك خلال حديث الجمعة 11 محرم 1440هـ الموافق 21 سبتمبر 2018م بمسجد الرسالة في مدينة القطيف شرق السعودية.
وقال الشيخ الصفار ان عملية التقويم التي تعقب انتهاء موسم عاشوراء تضمن في مستقبل الأيام تحقيق أقصى درجات النجاح من خلال تعزيز نقاط القوة وتلافي نقاط الضعف والقصور.
ونوه إلى احياء مناسبة عاشوراء بسلام ودون وقوع اعتداءات ارهابية تذكر في المنطقة وعبر العالم.
ودعا سماحته إلى اجراء مراجعة نقدية لبرامج عاشوراء بدءا من الخطاب المنبري ومجمل نشاط المجالس والمواكب الحسينية.
وانتقد بشدة "الحساسية" الشديدة التي تنتاب البعض حيال ممارسة التقويم والنقد الذاتي "وكأن لسان حالهم يقول: ليس في الإمكان أبدع مما كان".
وأضاف بأن أمثال هؤلاء يرفضون رفضا باتا تناول أي جانب من الشعائر الحسينية بالنقد والتقويم.
ورفض الشيخ الصفار رمي أي ممارسة نقدية بتهم اثارة الشبهات، ليجري اثر ذلك اخراس الأصوات الناقدة لأي ممارسة خطأ تسيء إلى المناسبة وأهل البيت.
وتابع بأن بعض النفوس تضيق بالنقد والرأي الآخر، والأسوأ من ذلك انها تمنح نفسها وصاية مطلقة على المذهب وتوهم الناس بأنها الأكثر غيرة على الشعائر الحسينية.
ومضى يقول ان بعضهم ذهب بعيدا في فرض الحجر على النقاش حتى في الوقائع والقضايا التاريخية "فتجدهم يُستفزون ويُستنفرون وكأن السماء وقعت على الأرض".
ووجه الشيخ الصفار نقدا لاذعا للذين يتهمون الناقدين لبعض الممارسات بأنهم ضد الشعائر الحسينية. معتبرا هذا المسلك "تضليلا ومغالطة وتعبئة سلبية للناس بغير حق".
وفنّد موقف الرافضين للنقد والتقويم وزعمهم بأن ذلك سيضعف مناسبة عاشوراء ويقلل من قدسيتها، وأنه يفتح الباب أمام المزيد من النقد، إلى جانب تشكيكهم بوقوف الأعداء خلف عملية التقويم هذه.
في مقابل ذلك قال ان هذه المبررات لا تصمد أمام النقاش "فإذا كان اصل احياء المناسبة ثابتا، فإن المظاهر والبرامج في مجملها قابلة للتغيير والتطوير، وهي قابلة أيضا لدخول الأخطاء وحصول الثغرات".
وتوقف سماحته عند استدلال البعض بالمنامات أو المقولات الواردة في بعض الكتب واعتبارها أدلة قطعية لا تقبل النقاش. مضيفا بأن ورودها على هذا النحو لا يعصمها من الخطأ.
ومضى يقول ان ممارسة النقد الذاتي في أوساطنا هي أفضل من تعرضنا للنقد والتشويه من الآخرين. مضيفا بأن الممارسة النقدية غالبا ما تكون سبيلا لإثارة النقاش الفكري الرصين والبحث العلمي الجاد.
ورأى سماحته أنه إذا كان لابد من السجال المفتوح حول بعض الشعائر الحسينية فليكن ذلك من خلال الدليل والدليل المقابل "وليس عبر الاتهام والتشكيك في نوايا الآخرين".
وقال ان المنهج العلمي الرصين لا يغلق باب النقاش وإنما يعمد هو نفسه لإثارة الإشكالات العميقة على مختلف المسائل في سبيل مناقشتها والرد عليها.
وتابع: إن نهج العلماء في بحوثهم الكلامية والأصولية والفقهية افتراض اشكالات والرد عليها، وعباراتهم معروفة "إن قلتم قلنا" و"قد يشكل على ذلك".
واستغرب في مقابل ذلك المسلك الدارج عند البعض في رفض النقاش حول تساؤلات ليست افتراضية وحسب وإنما اشكالات حقيقية يواجهها أبناؤنا المتعلمون ويبحثون عن اجابات مقنعة لها.
وتابع القول ان فتح باب النقاش والنقد هو السبيل إلى تعدد الاجتهادات والخيارات أمام الجمهور فمن لا يقبل رأيا سيجد نفسا منسجما مع رأي آخر، وليس مكرها على اتخاذ موقف سلبي من مجمل مدرسة أهل البيت.
وقال ان من سمات المجتمعات المتخلفة رفض تغيير أفرادها لأفكارهم أو التراجع عن آرائهم. مضيفا بأن تغيير الرأي أو الموقف أمر طبيعي مع تغير الظروف المحيطة.
وأردف بأن الفقهاء الكبار أنفسهم يتراجعون أحيانا عن فتاوى مضى عليها زمن طويل وعمل بها مقلدوهم طويلا، إذا بدا لهؤلاء الفقهاء رأي آخر في المسألة.
وأضاف بأن هذا ليس أمرا معيبا بل هو عين المسئولية الشرعية.