الشيخ الصفار يدعو الجاليات الإسلامية للمشاركة في الشأن العام في بلدان إقامتهم
حث سماحة الشيخ حسن الصفار الجاليات المقيمة في الغرب على ضرورة المشاركة في المحيط العام، ومعالجة المشكلات التي تعترضهم في هذا السبيل، وتشجيع الاجيال المقبلة على السير في هذا الطريق.
وتابع: على الانسان أن يهتم بتوثيق العلاقة مع من حوله والتواصل معهم لوجود دائرتي المشترك الديني أو الإنساني.
جاء ذلك في ندوة ألقاها في مركز أم البنين الثقافي العراقي في الدنمارك بتاريخ 27 محرم 1440هـ الموافق 7 أكتوبر 2018م. وحضرها جمع من الشباب والأكاديميين والمثقفين من أبناء الجاليات الإسلامية.
وأشار الشيخ الصفار إلى أن الائمة كانوا يشجعون على الانفتاح على شرائح وأطياف الأمة، وكانوا يطبقون ما يدعون له من تواصل وتوطيد العلاقات، مستشهدا بما قام به الامام الصادق الذي كان يحضر دروسه اكثر من 4 الاف شخص من مختلف الأطياف ضمن الحالة الاسلامية، وكان يستقبل من يختلف معه في التوجه الديني والعقدي.
وتساءل سماحته عن مدى تواصل المسلمين المقيمين في الدنمارك مع الشعب الدنماركي من منطلق كلمة الامام علي : «الناس صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ، أَوْ نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ»، ومدى تحويل هذه الكلمة إلى برامج عمل في حياتهم وسلوكهم.
وأبان أن تواصل ابناء الجالية مع محيطهم ضروري ومهم، لأنه يجسد القيم الدينية، ومن خلال تعاملنا بالأخلاق الاسلامية نضع حداً للتيارات اليمينية المتطرفة المتصاعدة التي تحرض ضد وجود الآخر والمسلمين.
وأعرب عن اسفه للحملة التي تشوه صورة الاسلام والتي انطلقت في الغرب مؤخراً مطالباً الجاليات الاسلامية بتقديم صورة مشرقة عن الإسلام، بتجاوز مرحلة حماية الذات، والانطلاق والانفتاح والمشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية لهذه الشعوب.
وردا على سؤال عن الوضع في الحديث أجاب سماحته أنها من اعقد المشكلات التي تواجه الفكر والتشريع الديني لأسباب كثيرة، حيث تعددت أسباب الوضع والتزوير في الأحاديث والروايات، مشيراً إلى أن الحل يكمن في الاجتهاد في دراسة هذه الأحاديث وتنقيتها، لأنه لا يمكن الاستغناء عن السنة كمصدر للمعرفة والتشريع الديني الى جانب القرآن الكريم، مع التأكيد على محورية القرآن الكريم، حيث لا يقبل من الحديث ما يخالفه.
ورداً على سؤال عن التطرف الديني الذي تعاني منه الساحة الإسلامية، قال سماحته: إن الموروث الديني والتاريخي يشتمل على مقولات ونقولات تدفع نحو التطرف، كما أن ردّات الفعل في العلاقة السلبية بين الطوائف واتباع الديانات واحدة من اسباب التطرف، وهناك من استغل هذه الحالة وعمل على تشجيع هذه التيارات لتشويه صورة الإسلام واضعاف الأمة.
وسُئل سماحته عن بعض الفقرات في الزيارات لمراقد أهل البيت ، فقال: إن كثيرًا من الزيارات نتداولها على اساس التسامح في أدلة السنن، والعلماء لا يصرفون جهداً في تنقيح اسنادها، لذلك ليس كل فقرة في جميع الزيارات تعبّر عن معتقد، أو مفهوم ديني صحيح.
وفي رده على سؤال حول الطقوس الجديدة التي ظهرت في الشعائر الحسينية، وما دور المراجع في تبيين وتوجيه هذه الشعائر، أجاب سماحته أن هناك مساحة يختلف فيها الفقهاء والمراجع بين اباحتها ضمن شروط، وحرمتها إذا كانت تسبب هتكاً للمذهب، لذلك علينا تقبل تعددية الآراء ولا نفكر في إلغاء الطرف الآخر.
وتساءل أحد الحاضرين عن مصافحة المرأة للرجل الأجنبي إذا كان القانون الدنماركي يجبر المرأة على ذلك، فأعرب سماحته أن رفع الحرج من القواعد الدينية التي يقررها الفقه، والمراجع رأيهم حرمة مصافحة المرأة الأجنبية لكنهم يجوزونه في موضع الحرج والضرورات تقدر بقدرها.
وفي سؤال عن النقاب أكد سماحته أن المرأة لا يجب عليها ستر الوجه في الفقه الجعفري، وفي مذهب جمهور أهل السنة ايضاً، فهو غير ملزم للمرأة.
من جانب آخر حث سماحة الشيخ الصفار الحاضرين على ممارسة دورهم ونشاطهم وفعاليتهم في الدنمارك كمواطنين، وأن يعتبروا أنفسهم من أهل هذا البلد فيشاركون في العمل من أجل حمايته وتقدمه وخدمة شعبه.
وفي رد على سؤال عن التجديد في الدين اشار سماحته إلى أن التجديد يكون في إطار الثوابت ولا ينال منها، كما أن الاستفادة من معطيات العقل والعلم، والاستجابة لتطور الحياة وتغير الزمان، تفرض التغيير في بعض الأحكام لتغير موضوعاتها وتغيّر الظروف الاجتماعية والحياتية، والاسلام نص مفتوح على الاجتهاد حتى يواكب تطورات الحياة في كل الجوانب.
وحث سماحته الحاضرين على البحث عن المشتركات في علاقتهم مع أبناء الديانات والمذاهب الأخرى حيث أكد أن هذا هو توجيه القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾، مشيراً إلى المشاركة مع أهل السنة في صلاة الجماعة حين يحضر الشيعي اقامتها في مكان ما، كما وردت بذلك الروايات عن الأئمة ، وأفتى به الفقهاء المراجع، ضمن أحكام تفصيلية.