تقديم الشيخ القرشي لكتاب المرأة العظيمة (ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
أما سيدة النساء فهي وسام شرف للإسلام، ومصدر فخر واعتزاز للأسرة النبوية فهي بطلة التأريخ، ورائدة الجهاد المقدس في جميع الأعصار والأباد.
إنها الكوكب المشرق في سماء هذا الكون، فقد طوّقت الدنيا بما بثته في أرجائها من المثل العليا التي هي أحق بالبقاء وأجدر بالخلود من هذا الكوكب الذي نعيش فيه.
لقد ورثت سيدة النساء زينب جميع المقومات والذاتيات في شخصية جدها الرسول صلى الله عليه وآله باعث الروح والعلم في الأجيال، وكذلك ورثت جميع المكونات في شخصية أبيها الامام أمير المؤمنين عليه السلام رائد العدالة الاجتماعية في الأرض.
لقد حكت جدها الرسول صلى الله عليه وآله في سمو إرادته وصلابة عزيمته، فقد تسلحت بالصبر أمام الأحداث الجسام التي تذوب من عظيم هولها الجبال، فقد أحاطت بها الأزمات والكوارث يتبع بعضها بعضًا في صعيد كربلاء، فقد شاهدت أبناء الأسرة النبوية وهم في زهرة الشباب يذبحهم الجيش الأموي بوحشية قاسية، ورأت أخاها الذي هو عندها أعز من الحياة قد مزقت جسده الطاهر السيوف، فوقفت عليه وقالت كلمتها الخالدة التي ارتسمت مع الفلك وسارت معه:
(اللهم تقبل منا هذا القربان)
إن الانسانية لتنحني اجلالاً وتعظيماً لهذه السيدة التي هي ملئ فم الدنيا إيماناً وسمواً وكمالاً حقاً.
إنها من معجزات جدها الرسول صلى الله عليه وآله الذي فاق جميع الأنبياء بكمالاته النفسية.
لقد شابهت أباها الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في شجاعته وقوة بأسه، فقد استهانت بالإرهابي عبيد الله بن زياد الخبيث الدنس الذي أظهر تشفيه بقتله لسيد الشهداء وإبادته لعترة رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقد ردت عليه في آخر كلامها: ثكلتك أمك يا بن مرجانة، وقالت لسيده يزيد وهي أسيرة (إني لأستصغر قدرك، واستعظم تقريعك وتوبيخك).
واضافت قائلة:
(فكد كيدك وأسع سعيك فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين).
أرأيتم هذه الشجاعة لقد قالت هذه الكلمات التي هي كالصاعقة على رأس الطاغية وهي أسيرة ورأس أخيها بين يديه، فما استكانت ولا وهنت، إن الاسلام يعتز ويفخر بهذه السيدة الكريمة التي رفعت كلمة الحق، وجاهدت في سبيل الله تعالى كأعظم ما يكون الجهاد، وأن من الواجب أن تكون أنموذجاً رائعاً ومثلاً أعلى للجهاد ونكران الذات إلى السيدات الفاضلات من نساء المسلمين فيتخذونها قدوة حسنة لهن في الجهاد في سبيل الله تعالى في هذه الظروف الحاسمة من تاريخ الإسلام.
وعلى أي حال فإن من الواجب أن نشيد بسماحة حجة الاسلام والمسلمين المجاهد الشيخ حسن موسى الصفار على ما بذله من جهد خلاق في دراسته عن حياة سيدة النساء الذي أسماه (المرأة العظيمة) وهو من ذخائر ما ألف عن حياة حفيدة الرسول صلى الله عليه وآله وهو بالاضافة إلى إلمامه بالكثير من حياة بطلة الاسلام فإنه من مناجم الأدب في روعة بيانه وسمو تحليله، وأني أتمنى له المزيد من هذه البحوث التي تنفع الناس والتوفيق بيده تعالى يهبه للصالحين من عباده.
باقر شريف القرشي
13 ربيع الأول 1424
كتبت هذه الكلمة في قم المقدسة.