القيادات الدينية وأخلاق التعامل

 

﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ[سورة الشعراء، الآية: 215].

تحظى القيادات الدينية في أوساط المتديّنين بدرجةٍ متميزةٍ من الولاء والطاعة والتقدير؛ لأنّها تمثل الدين في نظر المتديّنين، فالولاء لهم ولاء للدين، ولأنّ القيادات الدينية هي المرجع في فهم تعاليم الدين، فالناس يرجعون إليها في أخذ تعاليم دينهم، كما أنّها المحور الذي يلتف الناس حوله في الكيان الديني، لكلّ ذلك يكون احترام الناس وتقديرهم وولاؤهم للقيادات الدينية.

وإذا كان الناس يبدون هذا الولاء والتقدير للقيادات الدينية بدافع ديني، فكيف ينبغي أن تتعامل هذه القيادات مع أتباعها؟

هل أنّ القائد الديني يتعامل مع أتباعه كما يتعامل القائد السياسي، من موقع السلطة والقوة؟!

أو كما يتعامل القائد القبلي (شيخ القبيلة) مع أفراد قبيلته؟!

لا شك أنّ منهج القيادات الدينية في التعامل مع الناس ينبغي أن يكون مختلفًا عن مناهج القيادات المادية الأخرى.

وفي رحاب ذكرى المبعث النبوي الشريف، أو ذكرى الإسراء والمعراج، نريد تسليط الأضواء على هذه المسألة المهمة، متمثلين بسيرة رسول الله في تعامله مع أتباعه وأصحابه.

كيف كان يتعامل ـ وهو النبي القائد ـ مع أتباعه الذين كانوا يؤمنون به ويوالونه ويعظّمونه ويطيعونه ويحترمونه؟

إنّ الله سبحانه وتعالى يوجه نبيّه في عدد من الآيات نحو منهج خاصّ في التعامل مع الأتباع، خلافًا لطريقة القيادات المادية الأخرى.  

ومن تلك الآيات قوله تعالى: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ[سورة الشعراء، الآية: 215].

وتكرر مثل هذا التعبير في آية أخرى هي قوله تعالى: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [سورة الحجر، الآية: 88].

وهذا التعبير الجميل الرائع كناية عن التواضع المشفوع بالمحبة واللطف، كما أنّ الطيور تخفض أجنحتها لأفراخها محبة وشفقة، وتجعلها تحت أجنحتها لتكون مصونة من الحوادث المحتملة، ولتحفظها من التشتت والتفرق! 

فكذلك الأمر بالنسبة للنبي، أمره الله تعالى أن يخفض جناحه للمؤمنين، فيكون مشفقًا عليهم، متواضعًا لهم، غير متعالٍ عليهم. 

وهذا التوجيه من الله تعالى لنبيّه ينبغي أن يستلهم منه كلّ قائد ديني أسلوب تعامله مع الناس من حوله.

ويمكننا أن نستلهم من السيرة النبوية بعض معالم هذا المنهج النبوي في التعامل مع الأتباع.

أولًا: محورية القيم في مقابل الذات

القيادات الدنيوية غالبًا ما تسعى إلى تعظيم وتضخيم ذواتها أمام أتباعها، حتى تصل ـ في بعض الأحيان ـ إلى مرحلة الصنمية، وكأنّ الأتباع عليهم أن يعبدوه ويتخذوه صنمًا، فيخضعوا له في كلّ شيء!!

في المنهج الديني الأمر مختلف، فالقائد الرباني المرتبط بالرّب سبحانه وتعالى، لا يتخذ منهج تضخيم الذات، وإنما يركز على محورية القيم الإلهية التي يُؤْمِن بها المؤمنون، فيدعو الناس إلى تعظيم ربهم سبحانه وتعالى، وعبادته، وليس إلى عبادة شخص القائد، والآيات القرآنية تركز على هذا الجانب، عليكم أن تُطِيعُوا النبي وتوالوه، لكن على أساس القيم التي يبشّر بها، من خلال ارتباطه بالله سبحانه وتعالى، فقيمة النبي أو الإمام ليست قيمة ذاتية، وإنما هي من الله سبحانه وتعالى، فالتعظيم في الأساس هو تعظيم لله ، ولهذا نقرأ في القرآن الكريم أنّ النبي يخاطب الناس:

﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ [سورة فصلت، الآية: 6].

﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [سورة الزمر، الآية: 13].

﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [سورة الأعراف، الآية: 188].

﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ [سورة الحاقة، الآية: 44-46].

﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ [سورة آل عمران، الآية: 79].

فالقائد الديني الحقيقي لا يمارس تضخم الذات أمام أتباعه، وإنّما يربطهم بتعظيم الله سبحانه وتعالى.

من هنا وردت النصوص عن رسول الله أنه كان ينهى أصحابه عن الغلوّ فيه.

قال : «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لا تَرْفَعُونِي فَوْقَ قِدْرِي، فَإِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي عَبْدًا قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَنِي نَبِيًّا»[1] .

وفي التشهد في الصلاة نقول: (وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله) استحضارًا لصفة العبودية في النبي قبل الإقرار برسالته.  

هذا ما تؤكد عليه النصوص الدينية، فالقائد الديني لا يكون لديه تضخم في الذات، وإنّما يعزّز القيم في نفوس أتباعه، حتى يكون خضوعهم للقيم، واحترامهم لمقام القائد الديني من خلال ارتباطه بالقيم، وليس كحالة ذاتية.

ورد في السيرة النبوية حينما توفي إبراهيم ابن رسول الله وصادف مع يوم وفاته كسوف الشمس، فقال البعض هذا الكسوف بسبب وافته!!

فلما سمع النبي بذلك صعد المنبر وخطب قائلًا: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ فَصَلُّوا، وَادْعُوا اللهَ»[2] . 

ولو حدث ذلك لقائد آخر ربما استغلّ الظرف لتثبيت مكانته بين أتباعه، لكن النبي لا يسيرُ بهذا المنحى.

فالقائد الديني لا يعيش تضخم الذات ولا يوحي لأتباعه بهذه الحالة، ولهذا تجد فقهاءنا الذين نقلّدهم يذكرون مسألة في (الرسالة العملية) تؤكد على التحرر من الارتباط الذاتي بشخص المرجع. 

نصّ المسألة: (إذا قلّد مجتهدًا ثم شك في أنه كان جامعًا للشروط أم لا وجب عليه الفحص، فإن تبيّن له أنه كان جامعًا للشروط بقي على تقليده، وإن تبيّن أنه كان فاقدًا لها أو لم يتبيّن له شيء عدل إلى غيره)[3] .

وهذا يعني عدم وجود علاقة ذاتيه شخصية مع المرجع، وإذا رأينا من يرتبط بشخص عالم دين أو داعية فوق إطار القيم والمبادئ فهي حالة بشرية غرائزية، أما التوجيه الديني فهو على خلاف ذلك.  

ثانيًا: إثارة عقول الأتباع

حينما يلتف الناس حول قائد يثقون به لكفاءته، فإنهم قد ينبهرون به وبما يقدّم من أفكار، ويتخذ من مواقف، إلى درجة تجميد عقولهم، فيستغلّ بعض القادة المنحرفين هذه الحالة، كما يحكي القرآن الكريم عن فرعون ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ [سورة غافر، الآية: 29].

يوحي لهم أنّ عقله هو الأكمل وأنّ عقولهم ناقصة!.

أمّا في القيادة الدينية فهذا أسلوب مرفوض، فمع أنّ النبي معصوم ومسدّد من قبل الله، لكن الله يأمره أن يستثير عقول أتباعه، يطلب منهم أن يفكروا، إنّ الله تعالى يأمره بقوله: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) والمشاورة تعني دفعهم لاستخدام عقولهم، وحثهم على التفكير وإبداء الرأي، وفي القرآن آيات كثيرة تستنهض الهمم للتفكير:

﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ، ﴿أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ، ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ، ﴿لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ.

الدين لا يطلب منك أن تجمّد عقلك أمام أيّ قائد، كائنًا من كان، بل نفس النبي هو الذي يأمرك أن تُبدي رأيك. 

في رواية جميلة عن الإمام الرضا   يتحدث عن أبيه موسى الكاظم قال حسن بن الجهم: كُنَّا عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ، فَذَكَرْنَا أَبَاهُ .

فَقَالَ: كَانَ عَقْلُهُ لَا يُوَازِنُ بِهِ الْعُقُولُ، وَرُبَّمَا شَاوَرَ الْأَسْوَدَ مِنْ سُودَانِهِ.

فَقِيلَ لَهُ: تُشَاوِرُ مِثْلَ هَذَا؟

قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رُبَّمَا فَتَحَ على لِسَانهِ.

قَالَ: فَكَانُوا رُبَّمَا أَشَارُوا عَلَيْهِ بِالشَّيْءِ فَيَعْمَلُ بِهِ[4] .

وهكذا كان رسول الله حتى قال أحد أصحابه: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ مَشُورَةً لِأَصْحَابِهِ مِنْ رَسُولِ اللهِ [5] .

كلما حدثت حادثة يجمع الناس ويطلب رأيهم (أشيروا عليِّ)  

بينما القائد من المنهج الآخر يستخفّ بعقول أتباعه، كما يقول الله تعالى عن فرعون ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ.

أمير المؤمنين يقول لأصحابه علي : «فَلَا تُكَلِّمُونِي بِمَا تُكَلَّمُ بِه الْجَبَابِرَةُ، ولَا تَتَحَفَّظُوا مِنِّي بِمَا يُتَحَفَّظُ بِه عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِرَةِ، ولَا تُخَالِطُونِي بِالْمُصَانَعَةِ ولَا تَظُنُّوا بِي اسْتِثْقَالًا فِي حَقٍّ قِيلَ لِي، ولَا الْتِمَاسَ إِعْظَامٍ لِنَفْسِي، فَإِنَّه مَنِ اسْتَثْقَلَ الْحَقَّ أَنْ يُقَالَ لَه، أَوِ الْعَدْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْه كَانَ الْعَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَيْه، فَلَا تَكُفُّوا عَنْ مَقَالَةٍ بِحَقٍّ أَوْ مَشُورَةٍ بِعَدْلٍ»[6] .    

بعض الحالات التي نراها لا تتناسب مع التوجيه الديني الصحيح، ترى البعض يطلق عبارات غير مناسبة لمن يبدي رأيه، (أنت لا تفهم)، (اسكت في محضر العالم)!!!

وهذا أمر مرفوض، فالتوجيه الديني الصحيح كما قال الإمام علي   حول مهمة الأنبياء: «ويُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ»[7] . 

القائد الديني الحقيقي هو الذي يثير في الناس دفائن عقولهم، ويدفعهم للتفكير.

ثالثًا: المواساة وعدم التَّميّز

القائد الديني لا يجمع المكاسب والامتيازات له على حساب أتباعه ومن حوله، بل يواسيهم في شؤون الحياة، ولا يستأثر بالراحة دونهم والامتيازات عليهم.

وهذا ما يؤكده التاريخ في سيرة الرسول حتى على مستوى البروتوكلات والتشريفات لم يكن النبي يعيش متميزًا بين أصحابه، كما كان القياصرة والأكاسرة يتميّزون عن سائر الشعب، كان النبي يعيش بين أصحابه كأحدهم، كما ورد في السيرة أنه كان يقوم احترامًا لبعض القادمين عليه، إلّا أنه يكره قيام الناس له، لشدّة تواضعه.

وعن زيد الزرّاد قال: سمعت أبا عبد الله (الصادق ) يقول: «إنّ رسول الله خرج ذات يوم من بعض حجراته إذا قوم من أصحابه مجتمعون، فلما بصروا برسول الله قاموا. 

قال لهم: اقعدوا ولا تفعلوا كما يفعل الأعاجم تعظيمًا»[8] .

وعن أنس بن مالك قال: «لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ ، وَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ»[9] .

وقال أبو الدرداء كان رسول الله في بعض الأوقات يمشي مع الأصحاب فيأمرهم بالتقدم، ويمشي في غمارهم! 

وعن أبي ذرٍّ الغفاري قال: رَأيتُ سَلمانَ وبِلالاً يُقبِلانِ إلَى النَّبِيِّ إذِ انكَبَّ سَلمانُ عَلى قَدَمِ رَسولِ اللّه ِ يُقَبِّلُها، فزَجَرَهُ النّبِيُّ عَن ذلكَ، ثُمّ قالَ لَهُ: «يا سَلمانُ، لا تَصنَعْ بي ما تَصنَعُ الأعاجِمُ بِمُلوكِها، أنا عَبدٌ مِن عَبيدِ اللهِ»[10] .

ورى الطبري: أنّ النبي «كان فِي بعض أَسْفَاره، فَأمر بإصلاح شاة، فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله: عَليّ ذَبحهَا، وَقَالَ آخر: عَليّ سلخها، وَقَالَ آخر: عَليّ طبخها، فَقَالَ : وَعليّ جمع الْحَطب. فَقَالُوا يَا رَسُول الله، نَحن نكفيك. فَقَالَ: قد علمت أَنكُمْ تكفوني، وَلَكِنِّي أكره أَن أتميّز عَلَيْكُم؛ فَإِنّ الله يكره من عَبده أَن يرَاهُ متميزًا بَين أَصْحَابه، وَقَامَ وَجمع الْحَطب»[11] .

رابعًا: إكرام الأتباع وليس امتهانهم

بعض القادة إذا وجد أتباعًا يخدمونه ويحترمونه، يمتهنهم ويتعامل معهم وكأنهم خدم له فلا يراعي مشاعرهم وأحاسيسهم!!

رسول الله كان في الاتجاه الآخر، كان يكرم ويحترم من يكون معه، ويشاركهم العمل والخدمة، كعمله معهم في بناء مسجد المدينة، لما أمرهم ببناء المسجد، لم يجلس جانبًا، بل شاركهم العمل.

ولما رآه اُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ يَحمِلُ حَجَرًا عَلى بَطنِهِ، قال له: يا رَسولَ الله، أعطِني أحمِلهُ عَنكَ، قالَ: «لا، اِذهَب فَاحمِل غَيرَهُ»[12] .

وفي الطريق إلى بدر كان رسول الله وعليّ بن أبي طالب ومرثد بن أبي مرثد يتعاقبون بعيرًا واحدًا، يركب كلّ واحد منهم مدة ثم يتركه للآخر، فأراد علي ومرثد أن يتنازلا عن حصتهما في ركوب البعير له، وقالا: نحن نمشي عنك. فقال لهم: «مَا أَنْتُمَا بِأَقْوَى مِنِّي عَلَى السَّيْرِ، وَلاَ أَنَا بِأَغْنَى مِنْكُمَا عَنِ الأَجْرِ»[13] .  وأبى إلّا أن تكون حصته في ركوب البعير كواحد منهما.   

وقد شارك النبي المسلمين في حفر الخندق كما صرحت به النصوص التاريخية، وكان يضرب مرة بالمعول، ومرة يغرف بالمسحاة التراب، ومرة يحمل التراب بالمكتل، ويحمل التراب على ظهره، أو على عاتقه حتى إنّ التراب على ظهره وعكنه، وربما كان يحفر معهم حتى يعيا، ثم يجلس حتى يستريح.

وجعل أصحابه يقولون: يا رسول الله، نحن نكفيك.

فيقول: «أريد مشاركتكم في الأجر»[14] .

أما احترامه لمن يخدمه فكان في قمة الشفقة والرحمة والتواضع، روى بعض خدمه قال: «خَدَمْتُ النَّبِيَّ عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا قَالَ لِي: أُفٍّ، وَلاَ: لِمَ صَنَعْتَ؟ وَلاَ: أَلَّا صَنَعْتَ»[15] .

هذا غيض من فيض أخلاق رسول الله مع أتباعه، نرجو أن يكون مدرسة لنا، وخاصة كعلماء وطلبة علوم دينية، أن نستلهم من هذه الأخلاق، فنتعامل مع الناس بشيءٍ من هذه الأخلاق، وهذا السلوك الذي تعامل به رسول

نسأل الله تعالى أن يوفّقنا وإيّاكم للتحلّي بمكارم الأخلاق.

* خطبة الجمعة بتاريخ 27 رجب 1439هـ الموافق 13 أبريل 2018م.
[1]  الشيخ الألباني: سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، ج6، ص106، حديث2550. ومثله في عيون أخبار الرضا: ج2، ص201.
[2]  صحيح البخاري، بَابُ الصَّلاَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، حديث 1009. ومثله في وسائل الشيعة، ج7، ص485، حديث10، باب وجوبها لكسوف الشمس وخسوف القمر.
[3]  السيد السيستاني: منهاج الصالحين، مسألة رقم11.
[4]  الحرّ العاملي: وسائل الشيعة، ج12، ص45، حديث 3.
[5]  سنن الترمذي، أبواب الجهاد، باب ما جاء في المشورة، حديث رقم 1714.
[6]  نهج البلاغة، خطبة رقم 216، ومن خطبة له خطبها بصفين.
[7]  نهج البلاغة، خطبة رقم 1، ومن خطبة له ، يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم.
[8]  الشيخ علي النمازي: مستدرك سفينة البحار، ج8، ص632.
[9]  سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، ج1، ص698، حديث 358.
[10]  العلامة المجلسي: بحار الأنوار، ج73، ص63، حديث 3.
[11]  محب الدين الطبري: خلاصة سير سيد البشر، ص87.
[12]  الشيخ الطبرسي: إعلام الورى بأعلام الهدى، ص159.
[13]  سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، ج5، ص326، حديث 2257.
[14]  نصر بن مزاحم المنقري: وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، ج4، ص72.
[15]  صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب حسن الخلق والسخاء، وما يكره من البخل، حديث رقم 5714.