سماحة الشيخ الصفار يستضيف سماحة الشيخ النمر في حوار حول مؤتمر الحوار الوطني الخامس بأبها
استضاف سماحة الشيخ حسن الصفار في مجلس سماحته بالقطيف سماحة الشيخ حسن النمر، في حوارٍٍ اتسم بالشفافية والموضوعية حول مؤتمر الحوار الوطني الخامس بأبها، تحت عنوان: نحن والآخر.
وقد أشار الشيخ النمر في بداية الحوار عن أبرز مميزات هذا المؤتمر عن المؤتمرات السابقة، وقال من جملتها: اتفاق جميع المؤتمرين على الحقيقة الثابتة وهي أن مجتمع المملكة العربية السعودية يتمتع بتعدد أطيافه ومذاهبه، وأن كل من ينتمي لهذا البلد فهو مسلم. مضيفاً أن رسالة المؤتمر الأساسية هي معالجة تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر والتي أدّت إلى تشويه صورة المملكة بشكل خاص والإسلام بشكلٍ عام أمام الرأي الدولي العالمي، مؤكداً أن هدف المؤتمر يتمثل في الإعلان على أن في هذه البلد رأيٌ آخر سوى الرأي الذي أريد الترويج له إعلامياً للنيل من سمعة المملكة ومكانتها. ومما يُميز هذا الحوار هو بث جلساته مباشرةً عبر التلفزيون السعودي، وبذلك يتضاءل خوف الجمهور من أن يكون هذا المؤتمر كسائر مؤتمرات الدول العربية، وأضاف أن هذا البث جعل جميع المؤتمرين يكونون مسؤولين وحذرين تجاه ما يقولون. وأكد الشيخ النمر أن الحوار الوطني بحد ذاته مكسبٌ ينبغي استثماره للخروج من حالة التغييب التي فُرضت على المجتمع الشيعي في المملكة، مؤكداً أن المجتمع الشيعي ليس وحده المقصي في هذا البلد. معتبراً المشاركة في الحوار الوطني لونٌ من ألوان إثبات الوجود على مستوى هذا البلد، وفرصة لتصحيح الصورة القاتمة عند البعض حول المجتمع الشيعي. وعبر عن ارتياحه من الأعضاء المشاركين معه من المجتمع الشيعي، حيث كانوا على قدر مسؤولية تمثيل مجتمعهم هناك.
وقد اتسم الحوار الذي تلا كلمة الشيخ النمر بالشفافية تجاه هذا المؤتمر، وكانت إجابات الشيخ النمر أكثر شفافية وموضوعية، وتساءل يوسف البوري من البحرين: نحن نؤمن بالحوار ونسعى إليه، ولكن ما مدي جدوائية الحوار مع طرفٍ لا يؤمن بثقافة الاختلاف والتعددية؟ وفي إجابة الشيخ النمر على ذلك قال: إن خادم الحرمين الشريفين جادٌ من عقد هذا الحوار، وإذا استطعنا أن نُحسن العلاقة مع القيادة السياسية في البلد ونُثبت أن مصلحة الوطن تهمنا وهي أساس تحركنا، فإننا لن نخشى من الطرف المتشدد خصوصاً أن هذا الطرف مطيعٌ لولاة الأمر، وأضاف: أعتقد أن قادة البلد لمسوا من مجتمعنا ذلك، ولا أحد يستطيع المزايدة على وطنية الشيعة في المملكة.
وفي إجابة الشيخ النمر على سؤال منصور صالح سلاط من القطيف: هل من الممكن أن يحقق لتا ما نتمناه من وحدة وطنية حقيقية تزيل النفس الطائفي؟ وهل نستطيع من خلال هذا المؤتمر تكوين مؤسسات المجتمع المدني؟ قال: علينا أن نعمل ونأمل، والتوفيق بيد الله، فحجم المشكللات كبير، والملك تحدث عن ذلك كثيراً، وقال إن حل المشكلات يحتاج إلى صبر، ونأمل أن تُسرع الدولة في إيجاد الحلول لمختلف المشاكل متجاوزة حالة التراخي التي تسودها.
ووجه أحد المشاركين تساؤلاً: سمعنا أنك ترفض هذا الحوار والمشاركة فيه، فما الذي استجد في الأمر؟ وقد أعلنت عن تحريم سب الصحابة فهل لديك مستندك الفقهي؟ وأجاب الشيخ النمر: أنا ضد الحوار الوطني المذهبي أما إذا كان الحوار ضن الإطار الاجتماعي والسياسي فأنا أرحب بهذا الحوار وأدعو للمشاركة فيه والتفاعل معه. وأما عن سب الصحابة فأنا أحرّم وأجرّم سب الصحابة، لأن سلوك وسيرة أهل البيت (عليهم السلام) ترفض هذا السلوك، والقرآن الكريم يرفض هذا السلوك مع الكفّار فكيف مع المسلمين؟ وحتى لو أخطأ بعض الصحابة فنحن لا نعتقد بعصمتهم، وهذا ليس مبرراً لسبهم وشتمهم.
وتعرض الشيخ عبد الله اليوسف من القطيف إلى الفكرة التي طُرحت في المؤتمر حول تدريس المذهب الشيعي، وأنها فكرة جميلة، مشيراً إلى فكرةٍ أخرى وهي: تدريس الفقه المقارن لجميع المذاهب الإسلامية، مؤكداً أن هذا الطلب أقرب للتنفيذ، وأشار إلى أن الصحف المحلية تحدثت أن الحوار تحوّل من نحن والآخر، إلى نحن ونحن، وتساءل عن المشادات في المؤتمر وعن اللقاءات الثنائية التي جمعت الشيخ النمر ببعض المؤتمرين؟ وقال الشيخ النمر في إجابته: ليس من الصواب أ، نقفز بالحوار إلى نحن والآخر، ولم نتمكن بعد من تحقيق الائتلاف على مستوى نحن ونحن، ونقصد بنحن: نحن السعوديون بجميع المذاهب، وأما المشادات فهي تعبيرٌ صحفي، فالمؤتمر لم يتسم بهذه الصفة إطلاقاً، إلا أن أحد المؤتمرين كان ضمن حديثه كلمة الرافضة فتحدثت في مداخلتي عن هذا الأمر لمعالجة هذه القضية، وبعدها لم تصدر أي كلمة تمس الجانب الطائفي.
ودعا الشيخ فوزي السيف في مداخلته أصحاب الفكر والثقافة والمهتمين بالشأن الاجتماعي من المجتمع الشيعي ليطلوا بفكرهم على الإعلام، فالساحة مفتوحة، مؤكداً ضرورة أن تكون الكتابات في إطارها الوطني العام، وأشاد السيف بمشاركة الشيخ النمر والأعضاء المشاركين معه من المجتمع الشيعي.
واختتم اللقاء بكلمة لراعي هذا اللقاء سماحة الشيخ حسن الصفار أبدى فيها شكره العميق لسماحة الشيخ النمر على حضوره ومشاركته، وشكر الحضور جميعاً على تفاعلهم، وأشار إلى عدة نقاط في كلمته:
أولاً- ينبغي أن تكون قراءتنا للأوضاع موضوعية، مؤكداً أن غالبية المجتمع تفتقد إلى الموضوعية في قراءتها للأوضاع، مشيراً أن ذلك قد يكون بسبب ما يختزنه المجتمع الشيعي من آلام وقهر، مؤكداً أن المجتمع يمر بتطورات وعلينا أن نستثمرها.
ثانياً- علينا الاستفادة من كل الفرص، وإن لم تكن بمستوى تطلعاتنا وطموحنا، مضيفاً: لا أعتقد أن عاقلاً يقول أن ندع المشاركة في الحوار الوطني لمجرد وجود استفهامات وإشكالات حوله وعن مدى جدوائيته ومستقبله.
ثالثاً- تشجيع ألأدوار الإيجابية، فكل إنسان له الحرية في اتخاذ المواقف، ولكن من الخطأ أن يتحول الاختلاف إلى التنكر لما يقوم به بعض أبناء هذا المجتمع من أدوارٍ إيجابية، وليس صحيحاً أن نُسقّط بعضنا لمجرد الاختلاف.
وأخيراً- الاهتمام بالتواصل مع الآخرين، مضيفاً: من خلال تجربتي ثبت لي أن التواصل مع أي مذهب أو طرف آخر يُفيد الطرفين، فبإمكاني أ، أقيّم ذلك الطرف، وأن أوصل له صوتي ورسالتي ، فأـعرف عليه ويتعرف عليّ عن قرب. ودعا سماحته إلى ضرورة أن يتحول التواصل إلى جزءٍ من المهام اليومية. مؤكداً أننا كطائفة نُعاني من حالة العزلة التي فرضت علينا ولكننا ألفناها واستمرأناها، وبما أن هناك فرصة ينبغي أن نستفيد منها بكل السبل، وعلينا أن لا نقف عند حدود الجلسات الرسمية للحوار. فنحن مستغرقون في الداخل، وآن الأوان لكي نخصص وقتاً من حياتنا ولو للبعض منا للتواصل مع الآخرين.
جانب من الصور: