الشيخ الصفار يدعو لاستثمار ظاهرة التكريم اجتماعيًا ومأسستها ورصد أوقاف خاصة بها
دعا سماحة الشيخ حسن الصفار إلى استمرار ظاهرة التكريم، واستثمارها اجتماعيًا، وأن تتحول إلى حالة مؤسسية، وترصد لها أوقاف خاصة بها.
وقال: نتفاءل أن مستوى الوعي والعطاء في مجتمعنا قد تقدم إلى مستوى تحقيق هذه التطلعات وأكثر إن شاء الله.
جاء ذلك خلال خطبة الجمعة 24 رجب 1443هـ الموافق 25 فبراير 2022م في مسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية، وكانت بعنوان: التكريم ظاهرة حضارية.
وأوضح سماحته أن التكريم يعزّز تقدير الذات في نفس المكرّم، ويجلب له الرضا ويدخل على قلبه الراحة والسرور.
وفي سياق حديثه عن انعكاسات التكريم على شخصية المكرّم قال: يشير علماء النفس إلى أنه لا شيء يسعد الإنسان كشعوره باهتمام الآخرين به، وفرحه بهذا المكسب المعنوي قد يكون أكثر من فرحه بالمكاسب المادية.
وأبان أن بعض آيات القرآن الكريم أشارت إلى أهمية هذا الجانب حتى بالنسبة للأنبياء مع عمق اخلاصهم وانقطاعهم لله تعالى، إلا أنّ تكريمهم يخدم رسالتهم.
وتابع: لذلك طلب نبي الله إبراهيم من الله تعالى ان يجعل له ذكرًا وثناءً حسنًا في الأجيال، كما يفيد قوله تعالى: ﴿وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ﴾.
وأضاف: ويمتن الله تعالى على نبيه محمد برفع ذكره: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾.
وبيّن أن التكريم يحفّز المكرّم لمواصلة دوره وزيادة عطائه.
وأشار الشيخ الصفار إلى المعطيات والآثار الاجتماعية للتكريم وأنه يرسّخ القيمة والصفة التي يكرّم من أجلها في أوساط أبناء المجتمع، حيث يصبح المكّرم أنموذجًا وقدوة يتطلع الآخرون من خلال تكريمه إلى تمثّل تلك القيمة والصفة في شخصياتهم وسلوكهم.
وذكر أن المجتمعات المتحضرة تتنافس في تكريم أبنائها المبدعين، ورواد العمل الاجتماعي، بل تعدت ذلك لتكريم المتميزين والمبدعين على المستوى العالمي.
واستشهد بجائزة نوبل التي أسسها الصناعي السويدي (ألفريد نوبل) عام 1895م، وجائزة الملك فيصل العالمية التي كرّمت أكثر من 275 فائزًا منذ تأسيسها سنة 1979م.
وأشاد بتأسيس جائزة القطيف للإنجاز سنة (2008م)، آملًا أن يتجدد نشاطها ويتسع دورها بتعاون المواطنين الواعين.
ومضى يقول: قد شهدنا في السنوات الأخيرة تكريم عدد من الكفاءات العلمية والأدبية، ورواد العمل الاجتماعي، والشخصيات المعطاءة في المجالات المختلفة.
وتابع: إن تشكل هذه الظاهرة حديثًا في مجتمعنا تدل على تقدم مستوى الوعي الاجتماعي.
وأضاف: كما تدل على رقي أخلاقي، لأن من أسباب تجاهل الكفاءات والطاقات، انتشار نزعة الأنانية والتحاسد خاصة في أوساط نخب المجتمع، ومن الطبيعي ألا يبادر من تسكنه هذه النزعات إلى تكريم أنداده ومنافسيه.
وأشار إلى إن البعض تمتلئ نفسه بحب ذاته بشكل نرجسي، ويسيطر عليه الغرور، وتتضخم لديه الأنا بحيث لا يرى أحداً غيره مستحقاً للمدح والتقدير.
واستنكر ما كان يحدث في الماضي "حيث كان يُنتظر موت العالم أو الأديب أو الوجيه لتكريمه بالتأبين بعد وفاته".
وتابع: إذا مات المتميّز "تعقد المجالس لذكر محاسنه، وتعداد فضائله، وإعلان الحسرة على فقده، وقد يكون متجاهلًا في حياته، وتلك هي سمة المجتمعات غير الحضارية".
للمشاهدة:
https://www.youtube.com/watch?v=eazr4l0ITM0
للاستماع: