الشيخ الصفار: مقياس الإيمان انعكاسه على فكر الإنسان ومشاعره وسلوكه
قال سماحة الشيخ حسن الصفار أن مقياس الإيمان الحقيقي هو انعكاسه على فكر ومشاعر وسلوك الإنسان المؤمن.
وتابع: من هنا فإن على الإنسان أن يتأمل في شخصيته ليلتمس آثار الإيمان على أبعادها المختلفة.
جاء ذلك خلال خطبة الجمعة 5 شوال 1443هـ الموافق 6 مايو 2022م في مسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية، وكانت بعنوان: الإيمان وصياغة الشخصية.
وأوضح سماحته أن البعض قد يتعامل مع الإيمان كانتماء عائلي وهوية اجتماعية، فهو قد ولد من أسرة تنتمي إلى دين ومذهب معين، ونشأ في مجتمع مصنّف ضمن توجه ديني، لذلك يكون منتميًا لذات التوجه.
وتابع: كما قد يرى البعض أن الإيمان والتدين يتحقق بأداء الطقوس والشعائر الدينية، فيقيسون درجة الإيمان بمدى الإقبال على العبادات والشعائر الدينية.
وأضاف: لكننا حين نقرأ النصوص الدينية، ونتأمل مفاهيم الدين، ندرك أن الإيمان أعمق من ذلك، فهو في حقيقته صياغة كاملة لشخصية الإنسان، تتجلى في منهجية تفكيره، وحركة مشاعره، ومظاهر سلوكه.
وأشار إلى أن القرآن الكريم يعبّر عن الإيمان بأنه ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾، حيث يشكّل ويرسم لون شخصية الإنسان، أي أنه اللون الذي يضفيه الله تعالى على كامل شخصية الإنسان وفي مختلف أبعادها.
وأبان أن الإيمان يمنح الإنسان لونًا مميزًا يطبع الذات في جميع خصائصها وصفاتها، تمامًا كما هو الصبغّ عندما يطبع الثوب أو الجسد فيلوّن كل جزئياته.
وأفاد أن القرآن "يرفض ادعاء الإيمان من قبل من لا ينعكس الإيمان على فكرهم ونفوسهم وسلوكهم". مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ﴾.
ومضى يقول: قد يكون الإنسان منتميًا إلى مجتمع المؤمنين بالهوية والتصنيف الاجتماعي، لكنه إذا لم يحقق مقومات الإيمان في شخصيته، فلا يكون مؤمنًا حقيقيًا.
وتابع: لذلك فإنه تعالى يردّ على بعض الأعراب ادعاءهم الإيمان، وكانوا للتو قد أعلنوا الإسلام كانتماء اجتماعي، ولم تتجذر مفاهيمه في نفوسهم، ولم تنعكس قيمه على سلوكهم، يقول تعالى: ﴿قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾.
ولفت إلى أن أداء العبادات وإقامة الشعائر الدينية لا تكفي لتحقق الإيمان مالم ينعكس الإيمان على سائر أبعاد شخصية الإنسان، حيث يعتبر القرآن ذلك تدينًا ناقصًا كاذبًا.
وبيّن أن عدة أحاديث ونصوص دينية ترفض اعتبار المواظبة على العبادات والشعائر مقياسًا لتحقق الإيمان، مالم يصحبها التزام أخلاقي في السلوك الاجتماعي.
واستشهد بما ورد عن النبي : (لاَ تَنْظُرُوا إِلَى كَثْرَةِ صَلاَتِهِمْ، وَصَوْمِهِمْ، وَكَثْرَةِ اَلْحَجِّ، وَاَلْمَعْرُوفِ، وَطَنْطَنَتِهِمْ بِاللَّيْلِ، وَلَكِنِ اُنْظُرُوا إِلَى صِدْقِ اَلْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ اَلْأَمَانَةِ).
ودعا سماحته إلى أن يتأمل الإنسان في شخصيته ليلتمس آثار الإيمان على أبعادها المختلفة، في الفكر والمشاعر النفسية والسلوك الاجتماعي.
وتابع: فإذا وجد أي مساحة من شخصيته قد أخذت لونًا وصبغة أخرى غير صبغة الله، فعليه أن يبادر إلى التغيير والإصلاح واستكمال الصبغة الإلهية، ليحقق الإيمان والعبودية لله تعالى.
وختم: حين يتحدث القرآن الكريم، عن صفات المؤمنين، ومقتضيات الإيمان، وعن صفات الكافرين والمنافقين، فإنه يقصد من ذلك فرز الألوان وتبيين اختلاف الصبغة بين الشخصية المؤمنة وسواها.
وتابع: وهذا ما تشير إليه روايات عرض النفس على القرآن، كقول الإمام الباقر : (اِعْرِضْ نَفْسَكَ عَلَى كِتَابِ اَللَّهِ).
للمشاهدة:
https://www.youtube.com/watch?v=UP4adVVsVjk
للاستماع: