الشيخ الصفار يرفض الوصاية حيال الآراء الاجتهادية فقها وعقيدة
- ويصف احتكار الرأي الديني بالإرهاب الفكري والإغلاق الفعليّ لباب الاجتهاد.
- ويرجع حالات النزاع إلى دوافع مصلحية تحت مبرر اختلاف الرأي.
- ويذكّر بممارسات الكنيسة القمعية ضد علماء الطبيعة في العصور الوسطى.
- ويضيف إن ساحتنا الدينية بحاجة إلى الاعتراف بحق الاختلاف وحرية الرأي.
رفض سماحة الشيخ حسن الصفار ممارسة بعض الجهات الدينية الوصاية على أفكار الآخرين على خلفية الاختلاف في الرأي معتبرًا ذلك من أسوأ الأمراض التي تضرب المجتمعات المتدينة.
وقال الشيخ الصفار في محاضرته العاشورائية الثامنة مساء الجمعة 7 محرم 1444هـ الموافق 5 أغسطس 2022م بمجلس المقابي في مدينة القطيف «إن التعبير عن الرأي الاجتهادي عقديّاً وفقهيّاً - ضمن الضوابط المقررة - حق مكفول للجميع ولا يصح احتكاره من أي جهة».
واعتبر سماحته إنكار حق الطرف الآخر في الاجتهاد وإبداء الرأي والتعبئة ضده والتشكيك في دينه والحكم بفساد نيته هو مزلق خطير يؤدي إلى تمزيق الساحة الدينية.
وأمام حشد من المستمعين وصف هذا المسلك بالإرهاب الفكري، وإغلاق فِعليٌّ لباب الاجتهاد، وحرمان للساحة العلمية من الثراء المعرفي.
وأوضح سماحته بأنه لا تكاد توجد مسألة دينية إلا وتتعدد الآراء حولها حتى أن دائرة المسائل المتيقنة والقطعية تقدر بـ 5% فقط وفقا للشهيد محمد باقر الصدر والمرجع اسحاق الفياض.
وأرجع حالات النزاع الديني إلى ضيق الأفق عند البعض، والتعصب للرأي، والتنافس على الكسب الاجتماعي.
وأضاف بأن هذه الجهات غالبا ما تستغل العاطفة الدينية عند الجمهور، لقذفهم في أتون المواجهة ضد هذه الفكرة ومحاربة تلك الشخصية على أساس الدفاع عن العقيدة والمذهب.
وأضاف إن ساحتنا الدينية بحاجة إلى الاعتراف بحق الاختلاف، وتعزيز حرية الرأي، ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر.
ودعا سماحته للانفتاح على الرأي الآخر والحوار معه ومناقشته بالأدلة العلمية، تطبيقًا لقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾.
وأشار إلى مخالفة بعض الجهات الدينية للآراء العلمية في مجال الطبيعة وعلوم الحياة.
وتابع: ينطلقون في ذلك من تفسيراتهم لنصوص دينية قد لا تكون ثابتة، أو تفهم بطريقة غير سليمة.
وأكد أن «وظيفة الدين هداية الإنسان إلى ربه وتوجيهه إلى الكمال الروحي والأخلاقي، إما معرفة الطبيعة وإدراك سنن الحياة فذلك موكول إلى عقل الإنسان».
وذكّر بممارسات الكنيسة المسيحية القمعية ضد علماء الطبيعة في العصور الوسطى. وأبان أن «القرآن لم يطرح نظريات في علوم الطبيعة والحياة بل أشار إلى ظواهرها كدلائل وعلامات على وجود الله وحكمته وعظمته، وبلغة قابلة للفهم وفق اختلاف مستويات المعرفة في العصور».
وقال الشيخ الصفار: إن الإرهاب الفكري ومحاصرة الرأي الآخر، يعوّق تطور الفكر الديني، ويحرم ساحة المعرفة من آراء قيمة.
وذكر أمثلة ونماذج من علماء كبار استُهدِفتْ شخصياتهم، وتعرضوا للأذى بتهييج الجمهور ضدهم.
وعدّ من علماء السنة الإمام الطبري صاحب التفسير والتاريخ المشهورين، الذي حوصر في منزله ولم يسمحوا حتى بإخراج جنازته من منزله بعد وفاته.
وتابع: ومن علماء الشيعة الشيخ ابن الجنيد وهو من أبرز الفقهاء في القرن الرابع الهجري، الذي فقد كل تراثه العلمي الكبير بسبب اتهامه بالقول بالقياس.
لمشاهدة المحاضرة: