الصفار موهبة علاقات إنسانية بذاته
اختار الكاتب الأستاذ نجيب الزامل_ الكاتب بصفحة الرأي بجريدة اليوم _ شخصية العدد ليكتب عنها بأسلوبه اللطيف السلس متحدثاً بكل صدق عن شخصية سماحة الشيخ حسن الصفار مشيراً إلى تلك الصفات التي تميز بها سماحته. وذلك في عدد اليوم (11982) تاريخ 7/3/1427هـ وفيما يلي نص حديثه...
استاذ نجيب كيف الحال أين انتم ومتى سنراكم؟
وينساب الصوت الدقيق كل مرة في أي مناسبة، واحيانا بلا مناسبة فالشيخ حسن الصفار موهبة علاقات انسانية بذاته، كما ان تهذيبه الشديد واناقته اللفظية، وطريقته في التأكد من ان كل حرف يخرج مستقلا كاملا ورنانا تجعلك تنجذب للحديث معه، كأن صوته الخلاب هذا سر من اكبر هباته فالشيخ حسن موهبة خطابية معززة باستيعاب عقلي وشرعي من بواكيره. وسيذكر لك اهالي القطيف الفتى اليافع الذي كان يقف على المنابر ثم يشد السامعين.. واضيف ما انتبه اليه الاستاذ نبيل المعجل في مقال له، ارسله الى بريدي الالكتروني، في تواضع الشيخ الصفار عندما ذهب الاخ المعجل مع الاخ تركي الدخيل في محاضرة في بيت الاستاذ جعفر الشايب، حين اقبل الشيخ حسن والمحاضرة قد بدأت، دخل بصمت وذاب بين الجلوس بدون اعلان ولا لفت انتباه متعمد.
واقول ان تواضع الشيخ الصفار وبساطة اهابه، ولطافة هيكله، والابتسامة الباشة في مرسم فمه وطريقته في التحية، وهدوءه، تجعل منه شخصية بقدرة وطاقة مميزتين، ليس على الحوار وحسب، ولكن في دفع الآخرين إلى المبادرة في حواره.. وهو محاور لا يكل ليس لانه شديد المراس في نقاشه، او لجزالة فخمة في نبرته، او لاستعراض هجومي في مناورته.. على النقيض، انه يسري بصوته حولك كما يسري الماء بخفة سائغة.. وهنا تفوقه الماكن حين يستخدم هذه العذوبة في تمرير فكره وآرائه. وهو قيادي يزجيه بين الناس تواضع الحضور ورقة الشخصية.. وعندما حضر منزلي مع مجموعة من المفكرين لم يجاهد في دعوتنا لمقره، ولكن كان هاجسه أين سيكون الاجتماع الآخر.. فالمكان لا يعني له شيئا ان لم يكن للحوار.. ومحبو الحوار واساتذته يقفون في خندق مضاد ضد جنرالات الحروب ومشيعي الكراهية والاحقاد وبالفعل كان اللقاءالاخر في بيت الدكتور فهد المهنا.. ونحن الذين لم نتابع.. ولكن الشيخ لا ينتهي فهو يحمل جاذبيته وصبره ويحاور في كل مناسبة وفي كل مكان. لم نعرف عالما شيعيا حاور هذا القدر من علماء السنة الكبار في المملكة مثل عايض القرني وسليمان العودة. والعبيكان، وبعضهم زاروه في منزله.
وهو داهية بلا شك، ولكن في تـحري البعد عن المواجهة التي لا تورث الا مزيدا من القطيعة، والفرقة، وهو لا يجفل عندما يسأل اكثر الاسئلة احراجا مثل الرؤية الشيعية لبعض الصحابة فهو يقول ويكتب مؤكدا ان : شتم الخلفاء الراشدين عمل محرم وخاطئ.
ان رجلا يحتل مركز الشيخ حسن الصفار بامكانه بسهولة ان يستغل مقامه، ويحرث الرماد بحثا عن الجمر، لكنه يختار الطريق الاصعب والاصوب، الطريق الذي يؤدي للتوافق، وليس بالضرورة الاتفاق.
الشيخ الصفار من القلائل الحافلين بالتجارب الموضوعية والشخصية والمنهجية، ولا يهاب التغيير متى رأى التغير مدعاة للتغيير.
وهو، كما قلنا، يسري كالماء الذي يعرف طريقه في مجتمعه المحيط، ليصب في نهر المجتمع الكبير.
ان اي قيادي يقدم مصلحة البلاد واللحمة الوطنية يستحق الاعجاب، وعندما يكون قائدا دينيا ويقدم ذلك، فان المسألة تتعدى الاعجاب لتكون احتياجا حيويا تماما كالماء.