احتضان مستويات التدين

 

﴿هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ[سورة آل عمران، الآية: 163]. 

تتفاوت مستويات التديّن بين المتديّنين على الصّعيدين العقدي والعبادي، وفي مجال الالتزام السّلوكي، فهناك تفاوت في مستوى المعرفة والفهم لعقائد الدين ومفاهيمه، بين من يعرف تفاصيل المعتقدات وبين من يكتفي بالعقيدة إجمالاً، حيث لا يجب على الإنسان أن يعرف تفاصيل العقائد الدينية، بل يكفي أن يؤمن بالله سبحانه وتعالى إلهًا خالقًا واحدًا، وأن يؤمن بمبدأ نبوة الأنبياء بشكل عام ونبوة النبي محمد ، وبالمعاد يوم القيامة، ويضاف لذلك في مدرسة أهل البيت، الإيمان بالأئمة الاثني عشر وأنهم مفترضو الطاعة.

هذا الإجمال كافٍ، أما التفاصيل حول التوحيد والنبوة والإمامة والمعاد، فلا يجب على المكلّف الاعتقاد بها.

بالطبع إنّ السّعي للتعرف عليها أمر جيّد مفضّل، كلّما استطاع الإنسان أن يستزيد في معرفة دينه، فتلك فضيلة محمودة، لكن من حيث الوجوب وتحقّق التديّن والإيمان، يكفي المعرفة الإجمالية للعقيدة، وهناك من يتوفّق لزيادة المعرفة في عقيدته، فيكون هناك تفاوت بين مستوى من يعرف العقيدة على نحو الإجمال، وبين من يعرف تفاصيل القضايا العقدية.

في العبادات يوجد تفاوت أيضًا، هناك من يؤدي كلّ الواجبات العبادية من صلاة وصوم وحج وزكاة وخمس، وهناك من يتساهل في بعض العبادات، فقد تفوته بعض الصّلوات في أوقاتها، وقد يتباطأ في أداء فريضة الحج، وقد لا يؤدي الخمس. وهناك من يتوفقون لأداء المستحبّات في الصوم والصلاة و الحج وسائر المستحبّات العبادية.

كما يوجد تفاوت على المستوى السّلوكي، هناك من يلتزم بأوامر الدين ونواهيه، فلا يرتكب المحرّمات في طعامه وشرابه ولباسه، وفي كسبه للمال وعلاقاته مع الناس، لكنّ بعض المتديّنين قد يفوته الالتزام ببعض هذه الأحكام الشّرعية. 

وهكذا فإنّ التديّن له درجات متفاوتة، هناك من يكون في مستوى 100% من التديّن، وهناك 90% وأقلّ، إلى أدنى الدرجات والمستويات.

أسباب التفاوت في التدين

اختلاف مستوى الإدراك والوعي بالدين.

الظروف البيئية التي يعيشها الإنسان في أسرته والجوّ الاجتماعي المحيط به.

تفاوت مستوى تفعيل الإرادة في حياة كلّ إنسان.

وحال التفاوت بين الناس قائم في مختلف مجالات الحياة، فالناس في دراستهم الأكاديمية متفاوتون، هناك من يكمل المرحلة المتوسطة أو الثانوية، وهناك من يلتحق بالجامعة، وهناك من يواصل دراسته العليا، ليس كلّ الناس من حيث الدراسة والتعليم في مستوى واحد، وفي الإمكانات المادية يتفاوتون، هناك الثري المليونير وإلى جانبه متوسط الحال، وهناك الفقير. وهكذا في المجال الجسمي، يتفاوت الناس في قوة أجسامهم وصحتهم، وجمال مناظرهم، فالحال في الأمور المعنوية والدينية كالحال في الأمور الدنيوية.

لذلك يقول الله تعالى: ﴿انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا[سورة الإسراء، الآية: ٢١].

كما يوجد التفاوت في أمور الدنيا، كذلك فإنّ الناس متفاوتون في أحوال الآخرة، وقد أشار القرآن الكريم إلى تفاوت درجات التديّن عند الناس، بقوله تعالى: ﴿هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ[سورة آل عمران، الآية: 163].

الناس ليسوا في درجة واحدة في العلاقة مع الله والقرب منه سبحانه، وهناك أحاديث كثيرة حول درجات الإيمان، حيث أفردت بعض كتب الحديث بابًا حول درجات الإيمان، وأنه ليس درجة واحدة.

رؤية للفهم والاستيعاب

هذه النصوص التي تقرّر التفاوت في درجات الإيمان هي لتوجيه الناس إلى أن يتفهّموا هذه الحقيقة، فلا يتوهّم الإنسان المتديّن أنّ الناس يجب أن يكونوا نسخًا متشابهة في مستوى واحد من التديّن.

إذا رأيت شخصاً أقلّ منك تديّناً في معرفة العقيدة، أو أداء العبادة، أو في الالتزام بالأحكام، فهو ضمن إطار الدين، ومشمول بعنوانه، وعليك أن تتقبل هذه الحقيقة وتستوعبها، ولا تتوهّم أنّ الناس ينبغي أن يكونوا في المستوى نفسه الذي أنت فيه.

بعض المتديّنين يتوهّم ذلك، فيسيء النظر إلى من يراهم أقلّ منه تديّنًا، وأحياناً يخرجهم من الدين ويسيء التعامل معهم!! 

عن أحد أصحاب الإمام الصادق وكان سرّاجًا خادمًا للإمام، قال: جَرَى ذِكْرُ قَوْمٍ فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّا نَبْرَأُ مِنْهُمْ، إِنَّهُمْ لاَ يَقُولُونَ مَا نَقُولُ.

فَقَالَ: يَتَوَلَّوْنَا وَلاَ يَقُولُونَ مَا تَقُولُونَ تَبْرَؤُونَ مِنْهُمْ؟!

قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: فَهُوَ ذَا عِنْدَنَا مَا لَيْسَ عِنْدَكُمْ، فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَبْرَأَ مِنْكُمْ؟!

قُلْتُ: لَا، جُعِلْتُ فِدَاكَ.

قَالَ: وَهُوَ ذَا عِنْدَ الله مَا لَيْسَ عِنْدَنَا، أَ فَتَرَاهُ اِطَّرَحَنَا؟!

قُلْتُ: لَا، وَالله، جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا نَفْعَلُ؟ 

قَالَ: «فَتَوَلَّوْهُمْ وَلَا تَبَرَّؤوا مِنْهُمْ، إِنَّ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ مَنْ لَهُ سَهْمٌ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ سَهْمَانِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ ثَلاَثَةُ أَسْهُمٍ وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ سِتَّةُ أَسْهُمٍ وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ صَاحِبُ اَلسَّهْمِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ اَلسَّهْمَيْنِ وَلَا صَاحِبُ اَلسَّهْمَيْنِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ اَلثَّلاَثَةِ وَلَا صَاحِبُ اَلثَّلاَثَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ اَلْأَرْبَعَةِ وَلَا صَاحِبُ اَلْأَرْبَعَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ اَلْخَمْسَةِ وَلاَ صَاحِبُ اَلْخَمْسَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ اَلسِّتَّةِ وَ لاَ صَاحِبُ اَلسِّتَّةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ اَلسَّبْعَةِ»[1] .

ويعلّق العلامة المجلسي على هذه الرواية بقوله: («إِنَّهُمْ لاَ يَقُولُونَ مَا نَقُولُ» أي من مراتب فضائل الأئمة: وكمالاتهم ومراتب معرفة الله تعالى، ودقائق مسائل القضاء والقدر، وأمثال ذلك مما يختلف تكاليف العباد فيها، بحسب أفهامهم واستعداداتهم) [2] . 

وفي رواية عَنْ عَبْدِ اَلْعَزِيزِ اَلْقَرَاطِيسِيِّ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ : «يَا عَبْدَ اَلْعَزِيزِ، إِنَّ اَلْإِيمَانَ عَشْرُ دَرَجَاتٍ بِمَنْزِلَةِ اَلسُّلَّمِ يُصْعَدُ مِنْهُ مِرْقَاةً بَعْدَ مِرْقَاةٍ، فَلاَ يَقُولَنَّ صَاحِبُ اَلاِثْنَيْنِ لِصَاحِبِ اَلْوَاحِدِ لَسْتَ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى اَلْعَاشِرِ، فَلَا تُسْقِطْ مَنْ هُوَ دُونَكَ فَيُسْقِطَكَ مَنْ هُوَ فَوْقَكَ، وَإِذَا رَأَيْتَ مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْكَ بِدَرَجَةٍ، فَارْفَعْهُ إِلَيْكَ بِرِفْقٍ، وَلاَ تَحْمِلَنَّ عَلَيْهِ مَا لَا يُطِيقُ فَتَكْسِرَهُ، فَإِنَّ مَنْ كَسَرَ مُؤْمِناً فَعَلَيْهِ جَبْرُهُ»[3] .

حقائق مهمة

هذه النصوص وغيرها تؤكّد للمؤمن المتديّن حقائق مهمّة:

أولًا: ألّا يسيء النظر والتعامل مع من هم أقلّ منه تديّنًا، في الجانب العقدي أو العبادي أو السّلوكي؛ لأنّ مقاييس القبول والقرب من الله تعالى، لا يعرفها الإنسان، ولا تتحدّد بمستوى المعرفة وأداء العبادة، وإنّما بمقدار الإخلاص، وطهارة القلب، وحسن العاقبة. 

أنت لا تعلم، هل قلبك أطهر وأكثر خلوصًا من قلب غيرك، وكون معرفتك بالعقيدة أفضل أو أدائك للعبادات أكثر، لا يعني أنّ قلبك أطهر ونيّتك أصفى.

قد تجد إنسانًا يصلي الواجبات فقط، لكنّ إخلاصه لله وطهارة قلبه أكثر ممن يصلّي النوافل، فيكون أقرب إلى الله تعالى!

ونحن لا نعلم بحسن العاقبة، فكم من أناس خرجوا مع الإمام الحسين من مكة وبقوا معه في كربلاء إلى ليلة العاشر، لكنّهم انسحبوا يوم العاشر!

والحرّ بن يزيد الرياحي خرج لمقاتلة الإمام الحسين لكنّه في آخر لحظة تاب والتحق بمعسكر الإمام ونال شرف الشهادة.

الإنسان المؤمن الواعي حتى إذا رأى آخرين أقلّ منه تديّنًا لا يسيء النظر إليهم؛ لأنه لا يعلم ما هي الخاتمة، ولا يعرف مدى طهارة وسلامة القلب وصفاء النيّة عندهم، هذا أمر علمه عند الله سبحانه وتعالى.

ثانيًا: إذا كان المؤمن يتطلّع لأن يكون الناس في درجته ومستواه من التديّن، فعليه أن يسعى للارتقاء بهم بمحبّة ورفق، وعليه أن يتفهّم ظروف وقدرات الآخرين، فلا يطلب منهم ما لا يتحمّلون، فيسبّب تنفيرهم من الدين.

إذا وجدت شخصًا لا يمتلك مستوًى متقدّمًا في الدين، وليس له معرفة بأهل البيت ، تحاور معه بمحبّة ورفق حتى ترتقي بمستواه العقدي.

أما أن تقاطعه أو تكفهرّ في وجهه، فذلك قد ينفّره من الدّين ويبعده عن التديّن.

ثالثًا: على الإنسان المؤمن أن يتفهّم اختلاف ظروف الناس ومدى استيعابهم، كلّ شخص يعيش ظروفًا تؤثر عليه، كما أنّ استيعابه الفكري ومستوى إرادته والضغوط التي يواجهها، كلّها عوامل مؤثرة، فعليك أن تتفهّم ظروف الآخرين.

نبيّنا محمد فيما روي عنه يقول: «أُمِرْنَا مَعَاشِرَ اَلْأَنْبِيَاءِ أَنْ نُخَاطِبَ اَلنَّاسَ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ»[4] . 

أنت تريد أن يعتقد الناس بقضايا الدين بمستوى اعتقادك، وتغفل عن مدى استيعابهم وقناعاتهم وخلفياتهم الفكرية، خاصّة مع تعدّد المذاهب والمدارس والتوجهات العقدية!!

على الإنسان أن يراعي مستوى فهم الناس، حينما يطرح عليهم المفاهيم والعقائد الدينية:

ورد عن أمير المؤمنين علي : «أتُحِبّونَ أن يُكَذَّبَ اللّه ُ ورَسولُهُ؟! حَدِّثُوا النّاسَ بِما يَعرِفونَ، وأمسِكوا عَمّا يُنكِرونَ»[5] .

وعن الإمام الصادق : «حَدِّثُوا النّاسَ بِما يَعرِفونَ، ودَعوا ما يُنكِرونَ؛ أتُحِبّونَ أن يُسَبَّ اللّه ُ ورَسولُهُ؟! 

قالوا: وكَيفَ يُسَبُّ اللّه ُ ورَسولُهُ؟ 

قالَ: يَقولونَ إذا حَدَّثتُموهُم بِما يُنكِرونَ: «لَعَنَ اللّه ُ قائِلَ هذا»، وقَد قالَهُ الله عزّ وجلّ ورَسولُهُ » [6] .

أي حدِّث الناس بما يمكن أن يستوعبوه، ولاحظ مستوياتهم.

قصة معاذ بن جبل

معاذ بن جبل أحد الصّحابة الأخيار والعلماء الأجلّاء، هو من حملة القرآن، وله مكانة كبيرة.

وقد روي أنه: (كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ الله الْعِشَاءَ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ، فَرَجَعَ ذَاتَ يَوْمٍ فَصَلَّى بِهِمْ، وَصَلَّى خَلْفَهُ فَتًى مِنْ قَوْمِهِ، فَلَمَّا طَالَ عَلَى الْفَتَى صَلَّى وَخَرَجَ، فَأَخَذَ بِخِطَامِ بَعِيرِهِ، وَانْطَلَق.

فَلَمَّا صَلَّى مُعَاذٌ، ذُكِرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَنِفَاقٌ، لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ الله ، فَأَخْبَرَهُ مُعَاذٌ بِالَّذِي صَنَعَ الْفَتَى.

فَقَالَ الْفَتَى: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يُطِيلُ الْمُكْثَ عِنْدَكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُطَوِّلُ عَلَيْنَا.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟».

وَقَالَ لِلْفَتَى: «كَيْفَ تَصْنَعُ يَا بْنَ أَخِي إِذَا صَلَّيْتَ؟».

قَالَ: أَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَأَسْأَلُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِهِ مِنَ النَّارِ، وَإِنِّي لَا أَدْرِي، مَا دَنْدَنَتُكَ وَدَنْدَنَةُ مُعَاذٍ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنِّي وَمُعَاذٌ حَوْلَ هَاتَيْنِ أَوْ نَحْوَ ذِي».

قَالَ: قَالَ الْفَتَى: وَلَكِنْ سَيَعْلَمُ مُعَاذٌ إِذَا قَدِمَ الْقَوْمُ وَقَدْ خَبَرُوا أَنَّ الْعَدُوَّ قَدْ أتوا.

قَالَ: فَقَدِمُوا فَاسْتُشْهِدَ الْفَتَى، فَقَالَ النَّبِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ لِمُعَاذٍ: «مَا فَعَلَ خَصْمِي وَخَصْمُكَ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَدَقَ اللَّهَ، وَكَذَبْتُ، اسْتُشْهِدَ) [7] .

هذه القصة وأمثالها تعطينا درسًا وعبرة، إنّ علينا أن نستوعب ونحتضن مختلف مستويات التديّن، إذا رأينا أبناءنا، وبناتنا، في أيّ درجة من درجات التديّن، علينا أن نحتضنهم ونستوعبهم، فلا نتشدّد معهم وننفّرهم من الدين.

علينا ألّا نطلب منهم فوق طاقتهم، بل أن نرفعهم ونرتقي بهم برفق، خاصّة في هذا الزمن، على الدّعاة والمبلّغين في إرشادهم للناس أن يتأمّلوا هذه الحقيقة.

ينقل أحد العلماء في أمريكا أنّ بعض النساء قد يأتين إلى المسجد ويحضرن المحاضرات الدينية، دون التزام كامل بالحجاب، وكان بعض المتديّنين يغضب من هذه الحالة، ويطالب بمنع هؤلاء النساء من دخول المسجد!!

لكنّ هذا العالم كانت له رؤية صائبة: إنّ عدم التزام هؤلاء النساء بالحجاب الكامل يعتبر معصية واحدة، ولو طردناهنّ من المسجد، قد يندفعن إلى معاصٍ أخرى!!

ولعلّنا نتمكن من معالجة مسألة الحجاب إذا حضرن المسجد، واستمعن إلى الخطب، وعشن هذه الأجواء.

علينا أن نستوعب الناس ونقبل منهم درجات تديّنهم المختلفة، مع السّعي إلى الارتقاء بهم وتنمية حالتهم الدينية.

هذا الذي يمتلك (40%) من التديّن إذا تشدّدنا معه قد يترك الدين ويخسر ما لديه من نسبة التزام بالدين.

هذا الذي يلتزم بالصّلاة لكنه لا يصوم، أو لم يذهب إلى الحج، إذا تشدّدنا معه، ربما يترك الصلاة!!

بينما لو استوعبناه يُرجى له المزيد من الهداية والالتزام. وهذا ما يجب أن نراهن عليه، ونعمل لتحقيقه.

* خطبة الجمعة بتاريخ 24 ربيع الأول 1441هـ الموافق 22 نوفمبر 2019م
[1]  الكافي، ج2، ص42.
[2]  بحار الأنوار، ج69، ص163.
[3]  الكافي، ج2، ص44.
[4]  بحار الأنوار، ج25، ص383.
[5]  بحار الأنوار، ج2، ص77.
[6]  القاضي النعمان: دعائم الإسلام، ج1، ص60.
[7]  الألباني: صفة الصلاة،حديث106. أخرجه البخاري مختصرًا.