الشيخ الصفار: شريحة الصم البكم والمسؤولية الاجتماعية
تحدث سماحة الشيخ حسن الصفار في الجزء الثاني من خطبة الجمعة بتاريخ 20 جمادى الآخرة 1444هـ الموافق 13 يناير 2023م عن شريحة الصم البكم، بمناسبة حضور جمع منهم صلاة الجمعة من القطيف والأحساء، ومما جاء في خطبته ما يلي:
في هذا اليوم المبارك بذكرى ميلاد سيدتنا فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها، يزورنا ويحضر المسجد عدد من إخوتنا الأعزاء من شريحة الصم البكم من الأحساء والبحرين، يشاركونا صلاة الجمعة، والاحتفاء بميلاد الزهراء صلوات الله وسلامه عليها.
فأهلاً وسهلا بهم وجزاهم الله خيرًا على تشريفهم وقدومهم،
وبمناسبة حضورهم نشير إلى أن هذه الشريحة جزء عزيز من مجتمعنا، هؤلاء يعوّضهم الله سبحانه وتعالى في الدنيا بمزيد من الذكاء والفطنة، ويمنحهم في الآخرة المزيد من الثواب والأجر، وفي العالم يوجد أكثر من سبعين مليون شخص من فئة الصم البكم، 80 % منهم في البلدان النامية، مما يدلّ على أن الأسباب الوراثية والصحية لها دور ودخل في وجود هذه الحالة، وفي بلادنا المملكة العربية السعودية تشير هيئة الإحصاء إلى أن عددهم يبلغ 230 ألف شخص، وفي القطيف والأحساء يوجد عدد بالمئات منهم من الذكور والإناث، وبحمد الله تعالى فإن الدولة فسحت لهم المجال للاندماج في المجتمع.
ففي مختلف مراحل التعليم هناك فصول تعليم بالإشارة لهذه الشريحة، وفي الجامعات أيضًا، كما فتح لهم باب الابتعاث للخارج، منهم من أكملوا دراسات عليا، وعادوا يحملون شهادات متقدمة، كما أنهم يشاركون في العمل الوظيفي في كثير من الوظائف الحكومية وفي عدد من الشركات.
وزارة الصحة لها برنامج لمساعدة هذه الشريحة عند مراجعتهم للمستشفيات في قضاياهم الصحية، إنهم شريحة منا، وجزء غالٍ علينا، لذلك ينبغي أن نحتفي بهم، وأن نقدرهم، ولمقدمهم لا بأس أن ترفعوا اصواتكم بالصلاة على محمد وال محمد.
وبهذه المناسبة فإنني أتوجه إلى اخوتي الأعزاء ومن خلفهم من أبناء شريحتهم الذين يتابعون هذه الخطبة من خلال البث بلغة الإشارة، بجهود أخينا العزيز سماحة السيد نجيب العلي حفظه الله، حيث يتابعها كثيرون من أبناء هذه الشريحة، في مختلف المجتمعات لذلك أتوجه إليهم بالخطاب:
أولاً: عليهم أن يحمدوا الله ويشكروه، فإن الله سبحانه وتعالى قد أعدّ لهم ثوابًا عظيمًا في الآخرة، وقد منحهم مقوّمات إيجابية قد لا تتوفر عند كثير من غيرهم، فليعيشوا حالة الشكر والرضا عن الله سبحانه وتعالى.
ثانياً: أيها الإخوة الأعزاء اهتموا بتلقي المعارف الدينية، احضروا المساجد والمجالس وزوروا العلماء، واسالوا عن أمور دينكم ، لا تنفصلوا عن الجوِّ الديني والثقافي العام، يمكنكم أن تصنعوا لكم برامجكم الخاصة، ويمكنكم أن تشاركوا في سائر البرامج، لا تفوّتوا على أنفسكم الحصول على ثواب صلاة الجماعة، وثواب الاستماع في المجالس، وحضور مجالس الذكر وزيارة العلماء، وإن كنتم تجدون بعض الصعوبات، لكن عليكم أن تسعوا وأن تجتهدوا لتحضروا وتكونوا جزءًا من مجتمعكم، في الميدان الديني، وكذلك في العمل الاجتماعي، ننتظر منكم دورًا اجتماعيًا في الجمعيات الخيرية، والمؤسسات الأهلية المختلفة، فأنتم كسائر أبناء مجتمعكم، عليكم واجب اجتماعي تجاه وطنكم ومجتمعكم، فساهموا وشاركوا بارك الله فيكم،
الكلمة الثانية اوجهها للجهات الاجتماعية والدينية، أن تهتم بهذه الشريحة، مع الأسف الشديد نفتقر إلى وجود علماء وخطباء يجيدون لغة الإشارة، هذا السيد الجليل (السيد نجيب العلي) من أبناء الحوزة العلمية، وهو رجل فاضل، يجنّد وقته وجهده لخدمة هذه الشريحة فجزاه الله خيرًا.
ونحتاج إلى العشرات من أمثاله ولا يوجد إلا عدد قليل من الطلبة في الحوزة العلمية في قم وفي مشهد، توجّهوا لتعلم لغة الإشارة، حتى يقوموا بدورهم في أوساط هذه الشريحة.
أهلًا وسهلًا بكم أيها الإخوة، وتقبل الله عملكم وبارك لنا ولكم في هذا اليوم السعيد.
وبعد صلاة الجمعة تقدم مجموعة منهم لقراءة الدعاء أمام المصلين بشكل جماعي بلغة الإشارة.
ثم استضافهم سماحة الشيخ في مجلسه على مأدبة الغداء، وألقى كلمة عن حياة فاطمة الزهراء وسيرتها، مع الترجمة بلغة الإشارة من قبل سماحة السيد نجيب العلي، وكانت لهم جولة في مكتبة سماحته، وقد ألقى الحاج عبدالستار محمد حسين الزاير وهو من أفراد شريحة الصم البكم كلمة بلغة الإشارة، قدّم فيها الشكر لسماحة الشيخ الصفار لحسن استقباله وضيافته واحتفائه بهذه الشريحة.