سماحة الشيخ الصفار يؤكد: على المصلحين أن يجهروا بآرائهم
أكد سماحة الشيخ حسن الصفار على ضرورة تحلي المصلحين في المجال الديني والثقافي بالجرأة في الجهر بآرائهم الإصلاحية خصوصاً وأننا نعيش في عصرٍ اتسعت فيه رقعة الوعي في المجتمع، كما أن شريحة حملة الآراء التغييرية لم تعد قليلة كما كانت في السابق، ومن شأن ذلك أن يدفع بالمصلحين لممارسة دورهم التغييري بكل جرأة.
وأشار الشيخ الصفار، في درسه القرآني الذي عُقد مساء الأربعاء 13 ربيع الأول 1427هـ (12 مارس 2006م) في مجلس سماحته، إلى الأسباب التي تدفع المصلحين باتجاه إخفاء آرائهم الإصلاحية ومن أبرزها: خشية ردود الفعل الاجتماعية، واستغلال البعض لمثل هذه الأدوار لتصفية الحسابات الشخصية.
وأضاف: هذه الحالة لا تخص فئة معينة دون أخرى، وذكر نماذج متعددة لعلماء من مختلف المذاهب عانوا هذه الحالة وبعضهم لا زال يُعاني منها حتى يومنا الحاضر.
وأكد الشيخ الصفار أن الأنبياء والأوصياء قد تمر عليهم ظروف تدفعهم باتجاه إخفاء بعض آرائهم الإصلاحية، لبعض الوقت مستوحياً ذلك من القصة التي حدثت لرسول الله في السنة الخامسة للهجرة وخلّدها القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً﴾ (الأحزاب، 37)، مستخلصاً من هذه القصة أن رسول الله خشي من ردود فعل المجتمع تجاه نقضه لحكم كان سائداً في المجتمع أيام الجاهلية، وهو عدم زواج المتبني لزوجة من تبناه بعد فراقه لها كما هو الحال بالنسبة لزوجة الولد للصلب. بالطبع فإن خشيته لم تكن لشخصه وإنما حذراً من تأثير ذلك على الرسالة والدعوة.
ورداً على من يبرر هذه الحالة بأن المسائل العقدية حسّاسة والناس لا يتحملون رأياً مخالفاً فيها يقول الشيخ الصفار: إننا نرى هذه الحالة تطال حتى المسائل الفقهية، ومثالها الضجة التي أثيرت على المرجع الراحل السيد محسن الحكيم حين أفتى بطهارة أهل الكتاب، وعلى الإمام الخميني حين أفتى بجواز الشطرنج إن لم يصحبه قمار.
من جهة أخرى يقول البعض: إذا كان المتحدّث فقيهاً فإن الناس يقبلون كلامه، أما إذا لم يصل إلى مستوى الفقاهة فالناس يردون كلامه، ورداً على ذلك يقول الشيخ الصفار: وهذا الكلام غير صحيح فهناك عدد من الفقهاء كانت لهم آراء تجديدية واجهتها معارضة، رغم أنه لا أحد يُشكك في فقاهتهم كالسيد محسن الأمين ورأيه حول بعض الممارسات في الشعائر الحسينية، وكذلك الإمام الخميني وفتواه حول الشطرنج.
وأكد الشيخ الصفار أن هذه الحالة يواجهها المصلحون في كل زمان بأن المجتمع لا يتقبل الرأي الجديد بسرعة، فهل يتجرأ المصلحون في طرح آرائهم وبالتالي يدفعون ثمن ذلك، أم أنهم ينكفئون على أنفسهم، مشيراً أن الأصل في المسألة أن الإنسان إذا كان لديه رأي فعليه أن يطرحه بكل جرأة خصوصاً إذا كان لرأيه دور إصلاحي.
وأوضح الشيخ الصفار فروقاً بين الماضي والحاضر مما يجعل مسألة الجرأة في طرح الآراء الإصلاحية أقرب إلى القبول من قبل أبناء المجتمع، فنحن نعيش في عصر انفتاح وتقدم من الناحية العلمية والمعرفية بعكس الماضي، إضافةً أن من يحملون الآراء الإصلاحية ليسوا محدودين كما في السابق، ولكن تواجههم مشكلة أنهم لا يعرفون بعضهم ولا يتعاونون من أجل بث أفكارهم الإصلاحية، وآن الأوان لينقشع الغبار ويجهر كل حامل رسالة برأيه خصوصاً تلك الآراء التي يُنتظر منها تغييراً اجتماعياً واسعاً وإصلاحاً ثقافيا دينيا.