مجتمعاتنا وحكايا الآمال والآلام
ينشأ الإنسان في هذه الحياة ولديه رغبات وتطلعات، أمال وآلام، ولكن كيف يتعامل الناس مع هذه الأمور؟
هكذا يتساءل الشيخ الصفار في درسه القرآني ليلة البارحة، ثم يجيب قائلاً: الناس تجاه هذه الأمور تنقسم إلى ثلاثة أصناف:
ـ صنف يبقي هذه الرغبات حبيسة النفس، لا يُطلع عليها أحداً حتى لو سئل عنها.
ـ صنف آخر، دائم الحديث عن آماله التي يتمناها، عن آلامه التي يعاني منها، وهو أكثر تقدماً من الصنف الأول، أقلها أن إفراغ ما في النفس علاج لها.
ـ الصنف الثالث، من يسعى ويجتهد لتحقيق آماله، ومعالجة آلامه وهو بلا شك الصنف الأفضل.
ثم يضيف الصفار: إن المؤمن في صورته الحقيقية والصحيحة هو من الصنف الأخير البريء من أولئك الذين تنتقدهم الآية الشريفة ﴿يا أيها الذين آمنوا لمَ تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون﴾.
مشيراً سماحته إلى أن الخطاب بالدرجة الأولى موجه للمجتمع ككل، فالمجتمعات تنسحب عليها نفس التصنيفات السابقة للفرد. ولا شك أن الأمر يزداد خطورة بالنسبة للمجتمعات حسب التصنيفين الأوليين، ويزداد نجاحاً وتقدماً بالنسبة للصنف الأخير.
ويؤكد الصفار أنه لو أراد باحث أن يعمل إحصائية لمشاكل المجتمعات الإسلامية والعربية لكّون قوائم لا حد ولا حصر لها! ولكنه لو أتى ليحصي المشاريع التي تسعى لحل هذه المشاكل فلن يجد إلا شيئاً بسيطاً.
المجتمعات المتقدمة احترفت فن حل المشكلات بكل ما تملك من قوة، ومجتمعاتنا احترفت فن الحديث عن آمالها وآلامها!
ثم أوضح سماحته بعض المظاهر التي تبرز في هذه المجتمعات ومنها:
ـ الاستغراق في عرض المشاكل وفي ذات المشكلة نفسها والحديث عنها بإسهاب وتوسع، دون أن نكلف أنفسنا البحث عن الحلول والسعي لتحقيقها.
ـ توقع الحل من جهة ما إما خارجياً، أو داخلياً كوجهاء المنطقة، وهو إما أن يكون حسن ظن فيها، وإما فقط لاتخاذها شماعة يعلق عليها المسؤوليات لنخلي أنفسنا منها.
وفي الختام أكد الصفار على أن مجتمعاتنا بحاجة إلى أن تنتقل للصنف الثالث مشيراً إلى بعض مرويات أهل البيت عليهم السلام التي تدعو لذلك، فعن أمير المؤمنين علي : «زيادة الفعل على القول أحسن فضيلة، ونقص الفعل عن القول أقبح رذيلة». وعنه في كلمة جميلة: «غضب الجاهل في قوله، وغضب العاقل في فعله».
ويقول : «يا علي لا خير في قول إلا مع الفعل». ويوصي الإمام الكاظم تلميذه هشام: «يا هشام المؤمن قليل الكلام كثير العمل، والمنافق كثير الكلام قليل العمل».