الشيخ الصفار يدعو لتنمية الشعور بالمسؤولية في نفوس أبناء الجيل

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

دعا سماحة الشيخ حسن الصفار لتنمية الشعور بالمسؤولية في نفوس أبناء الجيل وتحصينهم عن الإصابة بالضعف والضمور في الإحساس بالمسؤولية.

وتابع: إن تحمل المسؤولية من التحديات الخطيرة التي يواجهها هذا الجيل، على صعيد بناء شخصيته الإنسانية، وتحديد مسار سلوكه الاجتماعي.

جاء ذلك في خطبة الجمعة 23 جمادى الآخرة 1445هـ الموافق 5 يناير 2024م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: الجيل الجديد وثقافة المسؤولية.

وأوضح سماحته أن إعداد الأجيال الجديدة لتحمل المسؤولية يكون بترشيد أساليب التربية، باعتماد نهج التنشئة على تحمّل المسؤولية تجاه الذات والعائلة، وترك الدلال المفرط، والتوجيه للاعتماد على الذات، واشراكهم في أداء بعض المهام المرتبطة بإدارة شؤون الحياة العائلية.

وتابع: ويكون بتنمية الاهتمام الاجتماعي في نفوس الأبناء والبنات، ومصاحبتهم في البرامج الاجتماعية، وتشجيعهم على العطاء للآخرين، والاهتمام بهم، واحترامهم.

وطالب الوالدين أن يُظهرا أمام أبنائهم وبناتهم قيمة الشعور بالمسؤولية، بالحديث والممارسة الفعلية، ليكونا قدوة لهم، فإن مشاهدة الأبناء مثلًا لاهتمام الوالدين وخدمتهما لوالديهم، يدفعهم لتبني مسلك البر بالوالدين.

وأشار إلى أهمية استحضار ثقافة المسؤولية في الأجواء الاجتماعية العامة، عبر وسائل الإعلام، ومناهج التعليم، والخطاب الديني.

وبيّن أن الشعور بالمسؤولية ينطلق من إحساس الإنسان بقيمته وبدوره في هذه الحياة، ويعزز ثقته بنفسه، ويدفعه لاستنهاض قدراته وتنمية طاقاته.

وتابع: إن الشعور بالمسؤولية قيمة دينية إنسانية يؤكد عليها الدين، فالإنسان في الرؤية الدينية كائن مسؤول، وهو محاسب أمام ربه عن مسيرته وممارساته.

ومضى يقول: إن من أبرز تجليات الشعور بالمسؤولية تجاه النفس، هو إصلاحها وتزكيتها، لضمان الخلاص والنجاة في الآخرة، واستقامة السلوك في الدنيا، وكذلك السعي لتطوير الذات واكتساب المعارف والخبرات، والعناية بالصحة الجسمية، واستثمار الوقت والإمكانات المتاحة فيما ينفع الإنسان في دنياه وآخرته.

وتابع: ومن تجليات الشعور بالمسؤولية تجاه العائلة، البر بالوالدين، وحسن التربية والإدارة، وإغداق العطف والحنان، والتوسعة عليهم في المعيشة.

وأضاف: ومن تجليات الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع ممارسة دور الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وخدمة المصالح العامة، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، والانخراط في العمل التطوعي.

وأوضح سماحته أن طبيعة الحياة في الماضي كانت تدفع الإنسان لتحمل المسؤولية في وقت مبكر من عمره، فصعوبات الحياة وقسوتها، كانت تفرض على الفتيان والفتيات، مشاركة عوائلهم في القيام بأعباء الحياة.

وتابع: فالولد حين يتخطى العقد الأول من عمره، وربما قبل ذلك، يساعد أباه في عمله، في الفلاحة أو التجارة أو المهن والحرف المختلفة، وفي توفير لوازم المعيشة، وحاجات المنزل.

وأضاف: والبنت تساعد أمها في الخدمات المنزلية، ورعاية أخوتها الأصغر منها سنًا، ومتابعة شؤونهم.

وبيّن أن الفتيان والفتيات كانوا ينخرطون في أداء المهام والواجبات الاجتماعية برفقة الآباء والأمهات، يحضرون معهم مجالسهم، ويشاركونهم في المناسبات العامة، ويستقبلون الضيوف، ويقومون بخدمتهم.

وذكر أن من خلال هذه التنشئة يتعرف الفتيان والفتيات على قضايا الحياة، وإدارة شؤونها، ويترسخ في نفوسهم الشعور بالمسؤولية، ويتدربون على تحمّل أعبائها. كما يكتسبون المهارات والخبرات في مجال تسيير أمور الحياة، وأساليب التعامل الاجتماعي.

وأشار إلى أن الجيل الجديد ينشأ في نمط مختلف من الحياة، حيث تطورت أساليب العيش، وتوفرت الإمكانات ووسائل الرفاه، فلم يعد مطلوبًا من الفتيان والفتيات أكثر من الانتظام في صفوف التعليم، وهم ضيوف كرام على أهاليهم، وعلى المؤسسة التعليمية.

وتابع: فقد لا يعرف الولد شيئًا عن طبيعة عمل أبيه، ولا يشاركه فيه، كما لا تتحمل الفتاة شيئًا من أعباء الخدمة المنزلية.

وأضاف: وعلى الصعيد الاجتماعي، حصل تباعد ومسافة بين عالم جيل الآباء والأمهات، وعالم جيل الفتيان والفتيات. ولكلٍ من العالمين برامجه واهتماماته، فقلّ أن ترى الفتيان والفتيات في استقبال ضيوف الوالدين، أو في صحبتهم.

وحذّر من الثقافة التي يعيش في ظلها فتيان وفتيات هذا الجيل، وهي في الغالب ثقافة مادية استهلاكية، ترسّخ في نفوسهم الأنانية والتّمحور حول الذات، والسعي خلف تحقيق الرغبات الذاتية، والانفلات من القيود الأخلاقية، وتمجيد الحرية المطلقة، وعدم المبالاة بما هو خارج الذات. أو الاهتمام بالآخرين حتى الوالدين.

وقال: هذا هو الافراز الطبيعي للثقافة المادية الغربية، التي تضخ إلى نفوس وأذهان أبناء الشعوب، عبر مختلف وسائل الثقافة والإعلام، بدءً من الألعاب الالكترونية الموجهة للأطفال، وانتهاءً بمواقع التواصل الاجتماعي، وسائر برامج الفن والترفيه.