الشيخ الصفار يدعو لتعزيز المناعة النفسية تجاه فيروس الظلم

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

دعا سماحة الشيخ حسن الصفار لتعزيز المناعة النفسية وتحصين السلوك من الانزلاق إلى ظلم الآخرين.

وتابع: إن الاستحضار الدائم لقبح الظلم وسوء نتائجه، يؤدي لتعزيز المناعة الذاتية ضد الظلم والتجاوز.

جاء ذلك في خطبة الجمعة 14رجب 1445هـ الموافق 26 يناير 2024م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: الإمام علي والحساسية من الظلم.

وأبان سماحته أن تقوية جهاز المناعة داخل الإنسان، وتنمية الحساسية لديه نحو الظلم، يُوجد ردّ فعل في نفسه تجاه أي رغبة في الظلم والجور.

وتابع: هذا ما تقوم به النصوص والتوجيهات الدينية، إن القرآن الكريم لم يحذّر من أي ذنب أو موبقة كما حذّر من الظلم.

وأضاف: حتى الشرك بالله تعالى حينما يريد القرآن ذمه، والتنديد به، والتحذير منه، يصفه بقوله: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ.

وقال: حين نقرأ كلمات علي ، وأقواله، نرى تركيزه وتأكيده الشديد على التحذير من الظلم.

واستشهد ببعض كلماته كقوله: «الظُّلمُ أمُّ الرَّذائلِ»، و«إِيّاكَ وَالظُّلْمَ فَإِنَّهُ أَكبَرُ الْمَعاصي»، و«الظُّلْمُ فِي الدُّنْيَا بَوَارٌ، وَفِي الْآخِرَةِ دَمَارٌ».

وبيّن أن هذه النبرة العالية ضد الظلم في أقوال الإمام علي توازيها حساسية شديدة عميقة في شخصيته ومواقفه، عبّر عنها بما ورد في عدد من خطبه وكلماته.

ومضى يقول: حينما اقترح عليه بعض أصحابه عندما تولى الخلافة ممالأة بعض الفاسدين، وتثبيتهم في مواقع السلطة، حماية لحكمه، برزت حساسيته العالية فأجاب غاضبًا ورافضًا لاقتراحهم.

واستشهد بقوله : «أَتَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ اَلنَّصْرَ بِالْجَوْرِ فِيمَنْ وُلِّيتُ عَلَيْهِ! وَاَللَّهِ لاَ أَطُورُ بِهِ مَا سَمَرَ سَمِيرٌ وَمَا أَمَّ نَجْمٌ فِي اَلسَّمَاءِ نَجْماً!».

وتابع: حينما يقف الإمام علي أمام شخص وقعت عليه ظلامة من أحد، مهما كانت تلك الظلامة محدودة، فإنه يجنّد اهتمامه فورًا لإنصافه، ورفع ظلامته. مستشهدًا بعدد من القضايا التاريخية التي وردت في سيرته .

وأوضح سماحته أن قبح الظلم مبدأ يتفق عليه كل أبناء البشر في مختلف عصورهم، وعلى مختلف توجهاتهم، فلا يقول إنسان سوي إن الظلم حسن صحيح.

وتابع: فهو مبدأ فطري عقلي تؤكد عليه الشرائع الدينية، والقوانين الإنسانية الاجتماعية.

وعن سؤال: لماذا تكثر ممارسة الظلم بين الناس، مع إقرارهم واعترافهم نظريًا ووجدانيًا بقبحه؟

قال سماحته: هناك الدافع الأناني المصلحي، وسيطرة الأهواء والشهوات على الإنسان، والتي تدفعه للجور على حقوق الآخرين. وتلك هي المشكلة الأخطر، والأكثر انتشارًا بين الناس، وانتاجًا للظلم والظلامات.

وعرّف الحساسية بأنها مأخوذة من الحسّ والإحساس بالأشياء المادية، وعلى المستوى النفسي يقصد بها قوة الشعور بالأحوال الانفعالية، كاللذات والآلام، والحساسية من الظلم تعني قوة الرفض النفسي لحالة الظلم.

وأبان أن الظلم هو الجور ومجاوزة الحدّ، ويطلق على التجاوز على حق الغير، ماديًا كان ذلك الحق أو معنويًا، بالاعتداء على جسمه، أو انتهاب ماله، أو تعويق مصالحه، أو إيذاءه نفسيًا، أو النيل من سمعته.

ولفت إلى أن الرسالات الإلهية إنما جاءت للحد من حالات الظلم بين بين البشر، وإقامة العدل في حياتهم، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ.

وبمناسبة ذكرى ميلاد الإمام علي قال سماحته: إن أهم ما يجب أن نقتبسه من سيرة علي في إحيائنا لذكراه، هو أن نعزز مناعتنا النفسية تجاه الظلم، وأن نحصن سلوكنا من الانزلاق إلى ظلم الآخرين.