الشيخ الصفار يحذّر الشباب والفتيات من أصدقاء السوء

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

قال سماحة الشيخ حسن الصفار: إن على الإنسان أن يتأكد من الاستقامة النفسية والسلوكية لمن يختاره صديقًا، ويحذر ممن لا يكون مستقيم الميول والسلوك.

وحذّر من التورط بأصدقاء غير صالحين، يربكون مسيرة حياة الإنسان، ويوردونه المهالك، مؤكدًا أن كثيرًا ممن تورط في الانحرافات الفكرية والسلوكية، ووقع في مزالق الاجرام، كان ذلك بسبب أصدقاء السوء.

جاء ذلك في خطبة الجمعة 21 رجب 1445هـ الموافق 2 فبراير 2024م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: الصداقة وظيفتها النفسية والاجتماعية.

وبيّن سماحته أن من الأهمية بمكان أن تتأسس الصداقة على أساس من القيم الإنسانية الفاضلة، كالمحبة والتعاون والإخلاص والوفاء والإيثار، وليس على أساس المنفعة والمصالح المادية الزائلة.

وتابع: على الإنسان أن يحسن اختيار أصدقائه، فقد ورد عن النبي :

«أَسْعَدُ اَلنَّاسِ مَنْ خَالَطَ كِرَامَ اَلنَّاسِ».

وأشار إلى أن أكثر النصوص الدينية ركّزت على أهمية اختيار الصديق الصالح، نظرًا للتأثير المتبادل في الصداقة على طرفيها فكريًا ونفسيًا وسلوكيًا واجتماعيًا.

وتابع: وهذا ما تشير اليه الآية الكريم وهي تحذر من صديق السوء، يقول تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ﴿﴾ يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴿﴾ لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا.

ونقل تأكيد علماء النفس على أن للصداقة والأصدقاء وظائف نفسية واجتماعية مهمة في حياة الإنسان.

وتابع: من أبرز وظائف الصداقة خفض مشاعر الوحدة ودعم المشاعر الإيجابية السارة، فالشعور بالوحدة يُضعف تقدير الفرد لذاته، وثقته بقدراته على تحمل الضغوط والظروف المعاكسة.

وأضاف: إن الإنسان يشعر بالحاجة إلى الإفصاح عن ذاته، والتعبير عن همومه والامه وآماله، وهذا ما يوفره الأصدقاء الذين يطمئن إليهم الانسان، ومن دون ذلك يعيش حالة الكبت والتوتر النفسي.

وأبان أن الوظيفة الثانية للصداقة هي المساندة والدعم الاجتماعي، بتقديم الرأي والمشورة، وابداء التعاطف، وبذل المساعدة العملية والمادية.

وتابع: أما الوظيفة الثالثة، فهي بعث الراحة والسرور في النفس، حيث ينشرح قلب الانسان بأصدقائه، ويأنس بهم، ويرتاح إليهم، وفقدان الصديق يعني فقدان أهم مصدر للمساندة، بأشكالها المختلفة.

وأضاف: بذلك تكون الصداقة شرطًا من شروط الصحة النفسية، والاستمتاع بحياة لها معنى.

وأوضح أن الصوص الدينية من آيات وأحاديث وروايات اهتمت بموضع الصداقة، كما تناوله علماء الأخلاق، والمفكرون المسلمون.

وتابع: واهتم بموضوع الصداقة علماء النفس والاجتماع بمختلف تخصصاتهم في العصر الحديث، وأطلقوا عليه «سيكولوجية العلاقات بين الأشخاص».

وأضاف: وفي التراث الإنساني والديني مساحة واسعة لموضوع الصداقة والأصدقاء، حيث تحدث عنها فلاسفة اليونان كأرسطو في كتابه «علم الاخلاق الى نيقوماخوس».

وأبان أن للإنسان ثلاث دوائر في علاقاته الاجتماعية، تبدأ بدائرة الارحام والاقارب، وهي دائرة لا يختار الانسان تشكيلها، بل يجد نفسه ضمنها بحكم انتسابه العائلي.

وتابع: وهناك دائرة المصالح وشؤون الحياة، كالجوار والزمالة في الدراسة والعمل، والارتباطات المصلحية المختلفة، وقد تتاح فرصة الاختيار للإنسان في أطرافها، أو تكون مفروضة عليه في بعض الأحيان.

وأضاف: وهناك دائرة الأصدقاء، الذين يختارهم الإنسان، ويقترب منهم على أساس الجاذبية المتبادلة معهم، ووجود مستوى من التوافق النفسي والثقة بهم، ونريد أن نقف عند الحديث في هذه الدائرة.

واستشهد بنصوص قرآنية وحديثية تؤكد دعوة الدين والعقل للإحسان إلى كل من يرتبط به الإنسان برابطة الرحم أو الجوار أو الزمالة أو المصلحة، حيث ورد عن الإمام جعفر الصادق : «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُحْسِنْ صُحْبَةَ مَنْ صَحِبَهُ ... وَمُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرَهُ».