تكريم في الشرق وفي الغرب
قلت فريد من نوعه لأنة احتفاء بالحي قبل وفاته فلقد تعودنا تكريم الأموات بعد الشعور بفقدهم وتقدير انجازاتهم بعد مماتهم وهذه عاداتنا في تكريم الأعلام إلا أن ما حدث في القطيف خروج عن السياق في ثوب جميل مرصع بكلمات الحاضرين وتهنئتهم نلبسه المحتفى به كي نشكره في حياته عن خدمة الوطن والإنسانية بإثراء المكتبة الثقافية بالفكر والعطاء وليت هذا الغيث ينهمر على جميع مدن المملكة ليحي الزرع في نفوس المبدعين .
وفي الغرب دعينا لجامعة أم القرى بالعاصمة المقدسة لتكريم أحد أعلام الوطن ولكن التكريم هذه المرة لعلم من الأموات ، الرجل الفذ محمد سعيد عبدالمقصود خوجه اثر مؤلفه آنذاك ( وحي من الصحراء ) والذي جمع فيه خلاصة الأدب من الشعر للفطاحل الحجازية في ذاك الوقت لقد كان التكريم مزدوجا فهو لمحمد سعيد عبدالمقصود خوجه في شخص عبدالمقصود محمد سعيد خوجه والذي أبدع في سرد سيرة والده الذي سبق عمره آنذاك ، ما لاحظته في هذا الرجل وأقصد هنا ألابن الحي لأني لم أرى الأب الميت ( رحمه الله ) أن الماديات لم تؤثر في شخصيته ولا تواضعه ولا دماثة أخلاقة وأريحيته الشفافة والتي تأسرك من أول لقاء لك به ، فقد تحشرج صوته حزنا مرتان ولولا أن دموعه تحجرت داخل أحداق عينيه لبكى وأبكى، الأولى حين تدفق نهر الذكريات والحنين لأبيه سكت لوهلة ليستجمع قواه وليمنع تدفق قطرات دموعه ، والثانية عندما سرد حكاية يتمه باكرا من عمره ورعاية أصدقاء أبيه له ، عرفت بعد أن رأيت الكتب المطبوعة على نفقته ورعايته للأدب والثقافة ومن والاهما أن التكريم لهما الاثنين الأب التريب والابن الأديب وما رعايته في اثنينيته لأهل الفكر طيلة خمسة وعشرون عاما إلا دلالة على سلامة ذوق رجل الأعمال عبدالمقصود خوجة و ليت رعيله يقتدون به .
الثالثة عندما جاء التكريم من معالي الشيخ عبدالمقصود خوجة لسماحة الشيخ حسن الصفار لاستضافته في اثنينية الأول والحديث حول الحوار والتسامح وسمو الإسلام عن الاختلاف بالتحشيد والتعبئة في حشد من أصحاب المعالي والسعادة والمثقفين والكتاب ونخبة من المهتمين بتعزيز نقاط الاتفاق والابتعاد عن نقاط الاختلاف من أجل وحدة الوطن بألوان زاهية جميلة بعيدا عن محاولة التفرد وإقصاء جميع الشركاء في الوطن . وقد أبدع المحتفى به سماحة الشيخ حسن الصفار في طرح الوطن الواحد لجميع الأطياف وثناءه على الحوار من أجل معرفة الأطياف الأخرى في تعايش سلمي واحترام كل للآخر بعيدا عن مواطن الفرقة والتمزيق لنسيج المجتمع الواحد دليل على رفعة تفكير هذا الشيخ الفضيل
إن مثل هذه المبادرات الأهلية والرسمية والفردية لتعزز لحمة الوطن ولتنمي روح الإبداع والفكر في نفوس الكثير ممن يحتاجون إلى كلمة الشكر والشعور بالاحتفاء في حياتهم