الشيخ الصفار: يترتب على الملتزم بالقيم الدينية أن يعيش هموم مجتمعه ويخدم مصالحه
قال سماحة الشيخ حسن الصفار إن الإنسان الملتزم بالثقافة الدينية يترتب عليه أن يعيش هموم مجتمعه ويخدم مصالحه، كما يعيش همومه الذاتية ويعمل لمصالحه الشخصية.
وتابع: لا ينبغي أن يشعر بحالة الانفصال بينه وبين مجتمعه. بل التوجيه الديني يرجح أن يقدم مصالح مجتمعه على مصالحه الشخصية، وأن يتنازل عن مصلحته للصالح العام.
جاء ذلك في ندوة لسماحته بعنوان: بناء العلاقات الاجتماعية في القرآن الكريم، ظهر يوم السبت 12 رمضان 1445هـ الموافق 23 مارس 2024م، وأدارها الأستاذ عبدالله الهمل، في مسجد الإمام الباقر في سيهات شرقي السعودية.
وأوضح سماحته أن الدين لا يجبر الإنسان على تقديم مصالح مجتمعه ولكن يرجحه له ويشجعه عليه وتنص النصوص على مسألة الإيثار والموارد الأخلاقية التي تدفع الإنسان المؤمن للتنازل للحق الاجتماعي العام.
وتابع: حينما تكون الأولوية للمجتمع هذا يوفر السعادة والاستقرار الاجتماعي، وذلك أهم من المصلحة المادية الفردية.
وأضاف: لأن الدين مبني على مراعاة مصالح الإنسان الشمولية، ويشجع على التنازل ماديًا من أجل مكسب معنوي تنال به الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى. فهو عطاء يعوضه أخذ وكسب كبير.
وأبان أن الفرد إذا أعطى يشعره البذل بالرضا والبهجة، قد تفوق سعادته إذا أخذ، ففي الرواية أن الإمام زين العابدين كَانَ إِذَا أَتَاهُ اَلسَّائِلُ يَقُولُ: «مَرْحَباً بِمَنْ يَحْمِلُ زَادِي إِلَى اَلْآخِرَةِ».
وتابع: بهذا الدرس يعلمنا الإمام أن العطاء يخلق سعادة في نفس الفرد كما في نفوس الآخرين.
وأضاف: إن التكافل الاجتماعي يوفر الأمن المجتمعي، وهناك الكثير من الدراسات حول أسباب الجرائم وعواملها وأن سببه الرئيس هو الضعف والفقر المادي والمعنوي في المجتمع.
ومضى يقول: من ضمن مسؤوليات الفرد المؤمن بالثقافة الإسلامية توفير الحاجات المادية والمعنوية، واليوم الجمعيات الخيرية توفر المعونة والمواد اللازمة للفقراء والمحتاجين، وهذا أمر في غاية الأهمية.
واستدرك: لكن لا ينبغي إغفال القسم الآخر في المنظومة، فلابد من تأسيس مؤسسات تهتم بالعون الروحي والمعنوي ومن صورها بناء المؤسسات التربوية كالمساجد والحسينيات والأنشطة الثقافية التي بدورها ترعى القيم المعنوية والأخلاق الفاضلة وتعززها في المجتمع.
وفي موضوع متصل تحدث سماحته عن النظريات التي يتبناها علماء الاجتماع حول الفرد والمجتمع، وهل أن الفرد هو الأصل أو عكس ذلك؟
وقال: هناك النظرية الرأسمالية التي ترى أن الفرد موجود سابق وأن المجتمع يتكون من مجموع الأفراد، وبالتالي فالأصل هو الفرد والقوانين والتشريعات يجب أن تتجه لمصلحة الفرد أولًا.
وتابع: هذه النظرية تدافع بقوة عن الحريات الفردية ومصالح الفرد وتقدمه.
وذكر أن هناك النظرية الشيوعية التي ترى أن الانسان تتحقق إنسانيته من الاندماج الاجتماعي، والانسان من دون المجتمع انسان بالقوة، ولا يكون إنسانا بالفعل إلا من خلال تفاعله الاجتماعي.
وتابع: هذه النظرية ترى أن وجود الإنسان الحقيقي يكون عبر المجتمع، وكلما ذاب الفرد في المجتمع كان أفضل للمصلحة الإنسانية.
وأشار إلى أن هناك نظرية تظهر للمتتبع للنصوص الدينية وهي أن الأصالة للمجتمع والفرد معاً، فلا نستطيع القول بأصالة المجتمع دون الفرد أو عكس ذلك.
وتابع: يظهر من الفكر الديني أنه يعطي الفرد والمجتمع مستوى واحدًا من الأهمية، ولا يوجد قانون عام يرجح إحداهما على الآخر.
وأضاف: بل يختلف التشخيص في بعض الموارد، لأنهما أصلان متوازيان ومتساويان في القيمة والاعتبار.
لمشاهدة الندوة
https://www.youtube.com/watch?v=d2UeJZrnt3A