استضافة الشيخ الصفار في الاثنينية خطوة موفقة
إثنينية الأديب بن الأديب ونصير الأدب والفكر والأدباء والمفكرين الأستاذ عبدالمقصود بن محمد سعيد عبدالمقصود خوجة مَعْلَمٌ ثقافي بارز في عروس البحر الأحمر ومنتدى فكري رفيع ذاع صيته في أرجاء العالم كله، ولا أقول ذلك من فراغ بل من يقين، فأنا رجل كثير الاسفار ومعظم سفري لطلب علم لا لطلب مال، وأحضر وأشارك في خمسة مؤتمرات سنوياً على الأقل داخل وخارج العالم العربي، وما حضرت مؤتمراً قط إلا وسألني أو حدثني أهل الفكر والادب والثقافة عن الإثنينية وأعربوا عن أملهم في حضورها ولو لمرة. ونحن أهل جدة رغم الحضور المكثف للأثنينية - أزعم أننا مقصرون معها،سيما نحن معشر الأدباء أو المشتغلين بالأدب، فلا بد من أن يسأل كل منا نفسه عن عدد المرات التي حضر فيها الاثنينية خلال خمسة وعشرين عاما هي عمرها حتى الآن ونسأل الله ان تبلغ المائة بل أن تتجاوزها. وهذا الرجل الذي بذل من ماله الملايين من الريالات ومن وقته آلاف الساعات ومن صحته وجهده وعرقه الكثير الكثير يستحق أن يكرّم أعظم التكريم عرفانا له على تكريمه لمئات الشخصيات خلال ربع قرن من عمر الإثنينية.
وما يميز الاثنينية حقا حياديتها التامة واستيعابها لكافة الأطياف وعدم تحيزها لتوجه فكري أو أيديولوجي معين، مع وجود معايير دقيقة وواضحة لتوجهها والتزامها بتكريم المثقفين الملتزمين فنيا أو المفكرين المعتدلين دون تدخل مباشر من مؤسسها في التفاصيل وهو يردد دائما أن ليس له فيها إلا مقعده الذي يجلس عليه. وقد اتجه مؤخرا إلى اختيار راع لكل أمسية من أمسيات الاثنينية يتولى إدارتها وتقديم ضيفها المكرم ولا تكون للمؤسس الخوجة إلا كلمة قصيرة، ولطالما شنّف سمعي لها بفصاحته وبلاغته وضبط لغته، سيما وأني رقيب لغوي يقلقني اللحن ويؤرقني الغلط وتفرحني الفصاحة وتطربني إجادة اللغة.
ولا أعلم كيف يتصيد الاستاذ عبدالمقصود هذه الشخصيات من داخل المملكة وخارجها بدقة متناهية وحسن اختيار عجيب وبراعة منقطعة النظير.
الاثنينة الأخيرة التي حضرتها وكانت ما قبل الأخيرة لهذا الموسم استضاف فيها شخصية وطنية غاية في الاهمية، الصديق والعالم والمفكر الشيخ حسن الصفار الذي لقيته في منتديات عدة وناقشته في موضوعات تترى بل واستضفته في برنامجي الاذاعي '' ضيف ومكتبة'' الذي اقدمه في اذاعة البرنامج الثاني منذ عشر سنوات تقريبا دون انقطاع ولله الحمد.
وكان الصفار في الاثنينية كما كان في سواها من المنتديات معتدلا متوازنا نابذا للتشدد والتطرف من قبل أصحاب جميع المذاهب الدينية داعيا إلى الوحدة واللحمة الوطنية الحقة، منفرا من الشتات والفرقة وقبل ذلك كله حليما واسع الصدر متقبلا لاي رأي مهما كان مخالفا له. وكانت تلك الليلة فرصة سانحة لاجلاء الكثير من الامور التي علقت بالاذهان بين اتباع المذهبين: السني والشيعي، فقد سئل عما يدور في الاذهان على الدوام من ان الشيعة يسبون كبار الصحابة كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما وأكد ان كبار علماء الشيعة لا يقرون ذلك وكان يترضى عن الصحب الكرام في كل حديثه. كما اوضح ان ممارسات بعض الشيعة كإدماء الجسد في عاشوراء قد نهى عنه علماء الشيعة في المملكة باجماع آرائهم، وذكر ان هذه الممارسات عارضة على الشيعة ولم يعرفوها الا في مائة سنة مضت، مع تأكيده على مشروعية حزن الشيعة على موت أو مقتل الحسين رضي الله عنه في عاشوراء وجعل ذلك احتفالية دينية كبيرة تقرأ فيها السيرة وتلقى فيها الدروس ، وأصل لذلك من السنة المطهرة وذكر ان اباحة زواج المتعة في المذهب الشيعي له ادلته عندهم واحال إلى بعض كتب الصحاح في هذا الشأن.
وذكر ان الشيعة في المملكة اليوم يعيشون عهدا يتسم بالكثير من الانفتاح، وبات ممكنا لهم عرض افكارهم ونشر كتبهم بكثير من الحرية.
أقول وبالله التوفيق ان استضافة الشيخ الصفار في الاثنينية خطوة موفقة واننا بحاجة إلى استضافات مماثلة لعلماء سنة في مناطق القطيف والاحساء وسواهما لان وحدتنا الوطنية ولحمتنا وتعايشنا تحت راية لا اله الا الله محمد رسول الله تمثل جميعا المطلب الأول في عهد الخير والنماء عهد عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله.
(المدينة، الجمعة 21 ربيع الآخر 1427هـ، العدد 15731)