الشيخ الصفار يدعو النخبة لتحمّل مسؤوليتها الاجتماعية
دعا سماحة الشيخ حسن الصفار نخبة المجتمع من علماء ووجهاء وأكاديميين ومثقفين ورجال أعمال لتحمل مسؤوليتهم الأخلاقية تجاه مجتمعهم.
وتابع: لأنهم الشريحة التي يتميز أفرادها بقدرات وإمكانات وخبرات تجعلهم في موقع التقدير والتأثير تكون مسؤوليتهم بحجم النعم التي منحها الله لهم.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها سماحته بمناسبة ذكرى يوم الغدير 18 ذو الحجة 1445هـ الموافق 25 يونيو 2024م بمجلس المقابي بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: مسؤولية النخبة في المجتمع.
وأوضح سماحته أن كل فرد من أفراد المجتمع يهتم غالبًا بمصالحه وقضاياه الشخصية الذاتية، أما أفراد النخبة نظرًا لسعة أفق وعيهم، وزيادة الإمكانات والقدرات التي يتمتعون بها، فإن المأمول منهم حمل هموم مجتمعاتهم، بالتفكير فيها، والسعي لمعالجتها.
وأضاف: إن هذا الدور للنخبة يعزز مكانتهم الاجتماعية، ومكانة المجتمع الذي ينتمون إليه.
وأبان أن كل نعمة يهبها الله للإنسان يجب عليه شكرها بالعمل والعطاء، فالمال نعمة وكذلك الجاه والعلم والمكانة الاجتماعية.
وتابع: كلما كان للإنسان اهتمام بالشأن العام لمجتمعه وبمصالحه الوطنية تعززت قيمته في المجتمع، وزادت مكانته عند الله، وأصبح سببًا من أسباب قوة المجتمع الذي ينتمي إليه.
التواصل بين مكونات النخبة
وبيّن أن تواصل نخب المجتمع وتلاقيها وتشاورها في أمور مجتمعها يترك أثرًا كبيرا في مجتمعهم، ويصبحون قدوة للمجتمع ويعززون وحدته وانسجامه.
وتابع: إذا رأى الناس نخبة المجتمع من علماء دين ووجهاء ومثقفين ورجال الأعمال يلتقون مع بعضهم تسري روح الانسجام بين أبناء المجتمع.
وأضاف: وعلى العكس من ذلك إذا رأى المجتمع أن نخبته متقاطعون متنافرون فإنه يشجع جانب الفرقة والتباعد في المجتمع.
وأشار إلى أن التواصل عامل إثراء، ودافع وحدة وانسجام في المجتمع، وعنصر أساس في نجاح التطلعات العامة.
وقال: إن من الطبيعي أن يكون هناك تنوع في الاتجاهات واختلاف في الآراء والأفكار، لكن ذلك لا يصح أن يكون سببًا للتباعد والقطيعة، فالاختلاف لا يبرر القطيعة والتباعد.
وذكر أن من أسوأ الأمور أن تكون القضايا الدينية سببًا للفرقة والتنافر، الاختلاف في الاجتهادات الدينية أمر مشروع وباب الاجتهاد مفتوح، ونتيجة الاجتهاد أمكانية الاختلاف في الرأي.
الحضور الاجتماعي
وشدد على أن العالم والتاجر والأكاديمي والوجيه وصاحب المنصب ينبغي أن يتواجد في أوساط مجتمعه، ليدرك حاجاتهم، وتنمو في نفسه المشاعر الإنسانية الإيجابية.
وتابع: صحيح أن هناك انشغالات ومسؤوليات مختلفة تأخذ كثيرًا من الوقت والاهتمام لكن للمجتمع على الإنسان حقًا يجب أن يؤديه.
وأضاف: وقد يجد البعض مسافة بينه وبين عامة الناس على مستوى الثقافة والتفكير، لكن لا قيمة لأي طاقة أو كفاءة تعيش في برج عاجي.
وأضاف: قيمة صاحب الكفاءة والموهبة أن يفعّل كفاءته وموهبته في أوساط مجتمعه، إن الحضور الاجتماعي يفيد الإنسان ويفيد المجتمع.
وأشار إلى أن الحضور في المساجد الحسينيات والملتقيات والجمعيات والنوادي يضيف للإنسان تجربة ثرية على المستوى الفكري والنفسي.
وتابع: من تجربة شخصية: ما زرت جمعية خيرية أو لجنة أهلية أو مؤسسة من المؤسسات إلا وخرجت من زيارتي لها بفائدة نفسية أو فكرية أو روحية.
الارتقاء بالمجتمع
وفي موضوع متصل دعا سماحته النخب للارتقاء بمجتمعاتها، مؤكدًا أن المجتمع قد يعيش ركودًا فكريًا، أو تسوده عادات غير صالحة، أو تكون فاعلية العمل والإنتاج فيه منخفضة، ومسؤولية النخبة تحفيز المجتمع للتطوير والتغيير والارتقاء.
وأضاف: لا يكفي أن تكون ثريًا، بل عليك أن تفكّر كيف تنشر حالة الثراء في مجتمعك، شجع أبناء مجتمعك أن يكونوا أثرياء، افتح لهم مجال المشاركة في اعمالك وشركاتك حتى ترفع المستوى الاقتصادي في مجتمعك ووطنك.
وبيّن أن الأمر ينطبق كذلك على المجال الفكري والثقافي، لأن على المثقفين أن يبشّروا بالآراء والأفكار النافعة ويبثونها في أوساط المجتمع.
وتابع: صحيح أن بعض الناس لا يعجبهم أن تتحدث لهم في غير ما ألفوه، وما هو غير سائد في أوساطهم، وقد يبدون اعتراضًا، لكن الارتقاء بثقافة ووعي المجتمع من مسؤولية النخبة.
وأضاف: لا يصح لعالم الدين - مثلًا - أن يكتم الأفكار الصحيحة النافعة حذرًا من أن بعض الناس لا تعجبهم هذه الأفكار.
وقال: قد يكون لذلك ثمن بسبب تشبث البعض بالقديم والمألوف وما هو سائد، وإن كان معوقًا لتقدم المجتمع.
ودعا لاستخدام الحكمة واللباقة والأسلوب المناسب في عرض الأفكار، لكي تصل الأفكار السليمة النافعة لأبناء مجتمعنا.
يوم الغدير
وبمناسبة ذكرى الغدير قال سماحته: في مثل هذا اليوم الثامن عشر من السنة العاشرة للهجرة، وصل الموكب النبوي الشريف الذي كان يضم عشرات آلاف المسلمين، من مكة المكرمة بعد أداء فريضة الحج حجة الوداع، إلى موضع غدير خم.
وتابع: وكان الوقت يقترب من الظهر، فأمر النبي بإيقاف الركب، وجمع الناس، فرجع إليه من كان متقدمًا، ولحق به من كان متأخرًا. فصلى بهم الظهر، ثم هيء له مكان ليخطب فيهم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم وعظ وذكّر.
وأضاف: ثم أخذ بيد علي فأقامه، وقال: (مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، اَللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ).
ومضى يقول: إنها حادثة فريدة من نوعها، في ظروفها ودلالاتها. وفي تواترها بالأسانيد الصحيحة المعتبرة عند أهل الحديث من السنة والشيعة.
وذكر أن ابن حجر قال عن حديث الغدير: إنه حديث صحيح لا مرية فيه، وطرقه كثيرة جدًا، رواه ستة عشر صحابيًا، وفي رواية لأحمد: ثلاثون صحابيًا.
وأشار إلى أن الحديث قد أورده الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، مثبتًا روايته عن عشرة من الصحابة، بثلاثة وعشرين طريقًا. وقال: وللحديث طرق أخرى كثيرة يقطع الواقف على أسانيدها بصحة الحديث يقينًا.
وأبان أن المسلمين اختلفوا في دلالة هذا الحديث العظيم، فبينما يرى فيه إخواننا السنة أنه تبيين لفضل علي، ودعوة لمحبته، يرى الشيعة فيه تعيينًا وتنصيبًا لعلي في مقام قيادة الأمة وإمامة الدين بعد رسول الله .
وقد بدأ اللقاء الذي حضره لفيف من العلماء والمثقفين ورجال المجتمع بتلاوة من القرآن الكريم قدمها المقرئ الأستاذ حسين البحار،
وألقى الشاعر شفيق العبادي قصيدة ترتبط بمناسبة الغدير، كما شارك الشيخ محمد المدلوح بإلقاء مدائح وتواشيح في حق النبي وآله الكرام .