علماء ومثقفو القطيف: انعكاس تداعيات التناحر الطائفي بالعراق على المنطقة غير وارد
جريدة عكاظ د. عثمان عبده هاشم، صالح الفهيد (الدمام)
الشيخ حسن الصفار قال ان لدى المواطنين الشيعة في المملكة روحاً وطنية عالية وادراكاً لمصالح بلادهم.. وتجاوبوا مع مشروع الحوار الوطني الذي يجب ان يتحول الى خطط عملية لمعالجة بعض المشاكل القائمة لسد الثغرات امام اية محاولات مغرضة.. مشيراً الى ان بعض وسائل الاعلام وبعض الاتجاهات الدينية التعصبية تحاول التركيز على الخلاف المذهبي من خلال ما يحدث في العراق وطرح ما يمكن ان يكون له من انعكاسات على التنوع المذهبي في المملكة ودول الخليج.
تحصين الاجواء
واضاف الصفار،، ان ذلك يستوجب على حكومات المنطقة.. وعلماء الدين الواعين تحصين الاجواء فما يجري في العراق يخص الشعب العراقي والصراع هناك قد تستغل فيه الورقة الطائفية لكنه صراع ارادات سياسية.. وقريب منا ما حصل في الجزائر من عنف داخلي استمر بضع سنوات وليس في الجزائر مشكلة مذهبية طائفية.
واكد ان اخطر جانب في المشهد العراقي هو استخدام العنف وممارسة الارهاب لتحقيق استهدافات معينة قائلاً انه اذا كانت مقاومة الاحتلال امراً مشروعاً فإن استهداف المدنيين والمواطنين الابرياء بتفجير المساجد والاسواق وعمليات الخطف والقتل على الهوية المذهبية.. عمل اجرامي لا يمكن تبريره ولا قبوله وهذا هو المشكل الحقيقي في ما يجري في العراق حيث هناك صراع ارادات على الساحة العراقية بين من يريد تفجير حرب مذهبية قد تحرق الاخضر واليابس ويمتد لهبها الى مختلف الارجاء وهذه هي ارادة الارهابيين والمتطرفين الذين يرفعون شعارات دينية اسلامية مع شديد الأسف.
واضاف الصفار.. في المقابل هناك ارادة تعمل لضبط النفوس والسيطرة على الانفعالات وتوجيه الشعب الى العملية السياسية حيث تتحرك كل القوى لطرح ارائها واقناع الجمهور بها ثم الاحتكام الى الاستفتاء والتصويت .. وهذا هو نهج القيادات الدينية الحكيمة والقوى السياسية الواعية.
واعرب عن تفاؤله بأن الله سيجنب العراق الحرب الطائفية لوجود المرجعيات الدينية الرشيدة ومستوى الوعي العام عند الشعب العراقي وطبيعة التداخل المذهبي بين العشائر العراقية وتاريخ العلاقات الايجابية بين علماء واتباع المذاهب الاسلامية في العراق.. بيد انه استدرك مضيفاً.. مع هذا التفاؤل ادرك ان هناك عملاً جاداً لإيقاد نار الفتنة.
مرحلة خطيرة
واشار الى ان العراق يمر بمرحلة خطيرة وحساسة حيث يتحرك الشعب العراقي لاعادة التأسيس وبناء الدولة وترتيب العلاقة بين مكوناته بعد عقود من الاوضاع السياسية الخاطئة التي عانى في ظلها من الاستبداد والتمييز القومي والطائفي واساءة العلاقة مع الدول المجاورة.
واردف.. لا شك في ان عملية اعادة البناء والتأسيس ليست سهلة بسيطة خاصة في ظل الاحتلال الاجنبي ومع انكشاف الساحة العراقية امام التدخلات الاقليمية المختلفة..
العمق التاريخي
ومن جانبه قال الكاتب محمد محفوظ: الحقيقة انني اعتبر المخاطر قائمة.. ولكن طبيعة العلاقة بين المذاهب في العراق تضبط نزعات الحرب الاهلية..
اضافة الى طبيعة العمق التاريخي للشعب العراقي وطبيعة العلاقات بين مكونات هذا الشعب والتداخل الاجتماعي العميق بين طيفه الواسع.. سواء على الصعيد المذهبي او القومي «عرب واكراد».. فهناك زيجات مختلطة على الصعيدين القومي والمذهبي.. واضاف محفوظ ما نتطلع اليه هو ان تتبلور مبادرات وطنية في الساحة العراقية.. وعربية واسلامية .. باتجاه ضبط الاوضاع .. ومحاولة مساعدة الشعب العراقي في الخروج من هذه المحنة..
واردف: بصراحة استبعد ان يكون هناك للقوى الاقليمية تدخل سافر في العراق.. فمن مصلحة كل القوى الاقليمية بالمنطقة وكل دول الجوار للعراق ان يبقى هذا البلد مستقراً ومتحداً في نفس الوقت.. فالوحدة الوطنية العراقية والاستقرار السياسي فيه هو ليس مطلباً عراقياً بحتاً وانما هو مطلب اقليمي من مصلحة الجميع.
انعكاسات
واستطرد يقول: بطبيعة الحال التحديات قائمة وتتطلب من كل عقلاء وحكماء الامة المزيد من تعزيز اللحمة الداخلية سواء في المملكة.. او في غيرها..
قلق
ورأى الشيخ عبدالله اليوسف: ان الوضع في العراق يبعث على القلق.. ولكن اعتقد ان وعي الشعب العراقي.. وحسه السياسي يطمئن لجهة عدم وقوع حرب اهلية بين العراقيين .. خصوصاً اذا علمنا ان الشعب العراقي شعب متداخل بين طوائفه ومذاهبه .. فنجد في العشيرة الواحدة تداخلاً وتزاوجاً ..
لذلك اعتقد انه من الصعب حدوث حرب اهلية ويسند ذلك تأكيد القيادات العراقية الابتعاد عن الانجرار وراء الدعوات لحرب اهلية او طائفية..
واجب المفكرين
واضاف هذا لا يعني عدم وجود المخاطر.. لذلك اعتقد ان من واجب الدعاة والمفكرين والمثقفين .. ومن واجب الدول العربية والاسلامية العمل على تهدئة الاوضاع وتعميق الوحدة الوطنية بثقافة التعايش.. وتحقيق العدالة التي تساوي بين جميع المواطنين. واردف: ما يحدث في اي بلد لابد ان يترك اثراً على الجوار .. لكن لا أتصور ان يكون التأثير مباشراً.. فالمنطقة شهدت الكثير من الاحداث الساخنة في السابق.. لكن بقي ولاء الشيعة في المملكة لوطنهم ولا اعتقد ان ما سيحدث في العراق سينعكس بصورة مباشرة.. انما سيكون هناك انعكاس عام وليس على طائفة معينة.. وما يجري في العراق هو مصدر قلق لجميع ابناء المملكة ولكافة شعوب الدول المجاورة.
تدخلات خارجية
وفي ذات السياق اعتبر الكاتب جعفر الشايب ان للاحداث الدموية الطائفية الجارية في العراق اكبر الاثر على مستقبل هذا البلد العربي العزيز وهي احداث غير مقبولة او مبررة من اي طرف كان .. وقد يكون منشؤها التدخلات الخارجية التي تعمل على تأجيج الحالة المذهبية والطائفية والعرقية..
ورأى ان هناك من لا يريد الاستقرار للوضع في العراق ويساهم بصورة او بأخرى في الدفع الى تأجيج الفتنة تحت اسماء ومبررات مختلفة بالرغم من ان العراقيين عاشوا فترات طويلة من الانسجام والتفاهم الاخوي دون ان يكون للتقسيمات اي اثر على صعيد توافقهم السياسي ونشاطهم الوطني. ودعا الشايب للوقوف بحزم امام محاولات تأجيج الفتنة واعطاء الفرصة لابناء الشعب العراقي لتحديد خياراتهم السياسية بكل حرية وإرادة دون فرض اية وصاية اقليمية او دولية عليهم.
وحول تداعيات ما يجري في العراق اقليمياً قال بالطبع فإن مثل هذه التطورات قد تنعكس سلباً على الوضع السياسي والاجتماعي في المنطقة التي مرت بتجارب عنيفة من الشحن والتشنج الطائفي والمذهبي طوال السنوات الماضية لكن وعي المسؤولين والنخب المثقفة يمكن ان يحول دون اي تطور سلبي.