الشيخ الصفار يدعو لشجاعة تصحيح المسار الفكري والنهج السلوكي الخطأ

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

دعا سماحة الشيخ حسن الصفار أن يتفحص كل إنسان مساره الفكري، ونهجه السلوكي، فإذا كان به اعوجاج أو انحراف، يبادر إلى اتخاذ قرار التصحيح والتغيير، دون تهيب ولا تردد.

وتابع: إن الله تعالى منح الإنسان إرادة يستطيع أن يتحدى بها الصعوبات، ويقاوم الضغوط، شرط أن يثق بنفسه، ويستخدم إرادته.

جاء ذلك في خطبة الجمعة 6 محرم 1446هـ الموافق 12 يوليو 2024م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: تصحيح المسار درس من عاشوراء.

وأوضح سماحته أن الإنسان قد يقع في خطأ عارض، حيث تصدر منه معصية أو ذنب، نتيجة غفلة، أو ضعف إرادة، لسيطرة شهوة أو رغبة على نفسه، وهذا أمر لا يكاد يسلم منه أحد إلا من عصمه الله تعالى.

وتابع: وهناك المسار الخطأ، بأن يسلك الإنسان طريقًا منحرفًا في حياته، كأن يعتنق فكرًا أو عقيدة باطلة، أو يتخذ الانحراف والفساد نهجًا دائمًا في سلوكه.

وأضاف: هنا الخطر الأشد على الإنسان دنيًا وآخرة، فالخطأ العارض يسهل تجاوزه عادة.

وأبان أن تراجع الإنسان عن عقيدة وفكرة انتحلها ونشأ عليها ثم اتضح له بطلانها، أو اقلاعه عن سلوك خطأ انتهج ممارسته وارتبطت به مصالحه، ذلك أمر فيه صعوبة بالغة.

وتابع: لأن ذلك قد يتطلب تغييرًا جذريًا في حياة الإنسان، وتحولًا من ضفة إلى أخرى، في مجال الفكر والسلوك، وشبكة المصالح والعلاقات الاجتماعية، ويحتاج إلى إرادة وشجاعة في اتخاذ القرار.

وأضاف: لكن الإنسان العاقل حين يتبين له خطأ المسار الذي انتهجه فكريًا أو سلوكيًا، فعليه أن يبادر إلى إنقاذ نفسه، ويتخذ القرار بتصحيح المسار، وكل ما سيواجه من صعوبات تهون أمام الهلاك الأبدي، والمصير القاتم، الذي ينتظره إن استمر في طريق الضلال والانحراف.

مستشهدًا بما ورد عن الإمام علي : «مَا خَيْرٌ بِخَيْرٍ بَعْدَهُ اَلنَّارُ، وَمَا شَرٌّ بِشَرٍّ بَعْدَهُ اَلْجَنَّةُ».

وأشار إلى أن الله تعالى قد فتح لعباده باب التوبة فقال: ﴿فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.

وتابع: إن الشاب الذي تورط في فخ المخدرات، عليه أن يقرر انقاذ نفسه، وحماية مصيره ومستقبله، بالانفصال عن أجواء المدمنين، والالتحاق ببرامج التعافي من هذا الوباء الفتاك.

وأضاف: ومن تورط في علاقات عاطفية غير مشروعة، عليه أن يتوب إلى الله تعالى، ويقرر تنمية حالة العفاف في نفسه، ويستغني بحلال الله تعالى عن حرامه.

وحثّ كل من ابتلي بسلوك سيء، في علاقته مع أسرته أو الآخرين، أن يقرر تغيير سلوكه الخطأ، مستعينًا بالله تعالى، وبإرادته وعزيمته، وسيكون التوفيق حليفه.

مدرسة عاشوراء

ولفت إلى أن من الدروس العظيمة التي تقدمها لنا مدرسة عاشوراء التي نعيش أجواءها المباركة، المبادرة لاتخاذ قرار تصحيح المسار، وهو ما نجده في موقف أحد ابطال كربلاء، الحر بن يزيد الرياحي.

وقال: كان الحر بن يزيد الرياحي أحد وجهاء قبيلة بني تميم، وكان قائدًا في الجيش الأموي، ويبدو من اختيارهم له ليقود ألف فارس في أول مواجهة للإمام الحسين ، أنه يحظى منهم بثقة واعتماد كبير، وأنه كفاءة عسكرية بارزة، وهو ما يظهر من قول المهاجر بن أوْسٍ له: (لَو قيلَ لي: مَن أشجَعُ أهلِ الكوفَةِ رَجُلاً ما عَدَوتُكَ).

وبيّن أن الحر تاب وغيّر مساره ثم قاتل بين يدي الإمام واستشهد. فنال السعادة الأبدية، واستحق كل الأوسمة التي نالها الشهداء أنصار الحسين ، وأصبح مثواه مزارًا للمؤمنين، وذكره خالد على مرّ العصور.

وذكّر بأن أفضل ما نكسبه ونستفيده من إحياء ذكرى عاشوراء، والاحتفاء بأبطالها العظام، أن نتخذهم رموزًا وقدوات، نحتذي بمواقفهم، ونلتزم بالقيم السامية التي جسدوها في شخصياتهم.