الشيخ محمد الصفار: الإنسان العاقل المتدين يقود غرائزه ولا تقوده الشهوات

 

قال سماحة الشيخ محمد الصفار: إن الإنسان العاقل المتدين يقود غرائزه وشهواته، ولا يدعها تقوده.

وتابع: وفي المقابل فإن بعض الناس تقودهم شهواتهم وغرائزهم للتهلكة في الدنيا والنار في الآخرة.

جاء ذلك في خطبة الجمعة 5 صفر 1446هـ الموافق 9 أغسطس 2024م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: شِباك الغرائز.

وأوضح سماحته أن الإنسان ينشأ وتنشأ معه غرائزه وشهواته، وتكون حاضرة في حياته وضاغطة ومغرية.

وتابع: وقد أعطاه الله عقلًا يرشده إلى الصلاح، واختيار ما ينفعه من الشهوات الصالحة.

وأبان أن بعض الناس يكونون عبيدًا لشهواتهم، تأخذهم أين ما تريد.

مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا‎، وقال: الحنك هو اللِجام الذي يُربط به عنق الحيوان ليجر به، والمعنى هنا لأستولي وأتسلط عليه فيكون مقودا لي.

وأشار إلى خمس مراحل يمر بها الإنسان في علاقته مع شهواته.

وتابع: أول هذه المراحل (التذوق)، ويحصل الإنسان من خلاله على اللذة لأنها غريزة تطلب ذلك الشيء، وعلى الألم وهو صرخة الضمير، "هو التذّ لكنه غيرُ راض عن نفسه".

وأضاف: فإما أن ينهض الإنسان بحزنه وألمه من جرمه وخطيئته ويتوب إلى بارئه، أو أنه يصر ولا يستمع لصوت ضميره الأخلاقي، وهنا سيندفع إلى مرحلة أخرى.

وبيّن أن المرحلة الثانية هي (التعلق) وهي الرغبة في العودة إلى ذلك الفعل، والانشداد إليه، والسعي لتكراره.

وتابع: هذا التعلق وهذه الرغبة تكون مختزِنة لردة الفعل من التذوق الأول، فيحضر فيها الألم ووخز الضمير.

وأضاف: ولأن الأهواء والغرائز هي القائدة، يندفع الإنسان إلى المرحلة الثالثة وهي (التكيف).

وأوضح أن التكيف هي محاولة الإنسان قلب الطاولة على النفس اللوامة والضمير الأخلاقي الداخلي.

وتابع: لا بد من إسكات الألم النفسي، ولا بد من تعطيل جرس الإنذار المزعج، فاللذة مع القلق ومع الحزن ومع تجريم النفس وتوبيخها داخليا ليست مريحة.

وعن الطريق لإسكات النفس اللوامة قال سماحته: هناك أمران، التهوين، حيث يقول الإنسان لنفسه: "أنا لم أقتل، ولم أغتصب، ولم أرعب أحدا، وما تركت صلاتي ولا صيامي، ولا كفرت بالله"

وتابع: والمطلوب هو أسكت أيها الصوت الداخلي، توقفي يا محكمة الضمير، فالأمر لا يستحق كل ذلك.

والأمر الثاني التبرير، بأن ما عمله ليس ذنبا صغيرا، بل هو أمر عادي، فصاحب هذا المحل الذي سرق منه هامور ومليان ولن يؤثر هذا المبلغ عليه، وتلك المرأة هي التي بادرت وليس هو من بادر.

وأبان أن المرحلة الرابعة هي (المجاهرة)، فحين يتعلق الإنسان بشهواته ويصبح أسيرا لها، ويرى في المقابل أناس متدينون وورعون، فإنه يشعر بحاجته إلى تأكيدات ممن حوله أنه ليس تائها ولا ضائعا ولا حقيرا ولا تافها، فيتكلم ببعض توافهه أمام أصدقائه الذين يعتقد مساندتهم.

وتابع: وهنا يطربه مدحهم له وتشجيعهم على أفعاله، فينفي عن نفسه التفاهة والسوء والحقارة، وهذا ما يسعى له من خلال المجاهرة.

وأضاف: والمرحلة الخامسة هي (التجنيد) وهو اشراك الآخرين معه في الشهوات القبيحة والغرائز الحيوانية.

مستشهدا بقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾‏