الشيخ الصفار يستوحي من سيرة الإمام علي درس الفاعلية والنشاط

 

استوحى سماحة الشيخ حسن الصفار من سيرة الإمام علي درساً في الفاعلية والنشاط، حيث كانت حياة الإمام كلّها فاعلية منذ اللحظات الأولى لحياته، ولأخر لحظةٍ منها.

وفي كلمةٍ ألقاها في مجلس الحاج عادل هلال بأم الحمام بتاريخ 13 رجب 1446هـ الموافق 13 يناير 2025م، قال الشيخ الصفار: ما نحتاج إليه في ذكرى ميلاد أمير المؤمنين هو الحديث عن سيرته المباركة للاقتداء والاهتداء بها.

وتابع: العلاقة بين المأموم والإمام لا تنحصر في الحب فقط، وإنما جوهر العلاقة بين المؤمن وبين الأئمة هي علاقة الاقتداء والاهتداء.

مستشهدًا بما ورد عنه : «أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَأْمُومٍ إِمَاماً يَقْتَدِي بِه، ويَسْتَضِيءُ بِنُورِ عِلْمِه».عادل هلال

وأوضح سماحته أن من الجوانب التي ينبغي الالتفات إليها في سيرة الإمام علي هي الفاعلية والنشاط الدائم في حياته، فمنذ حداثة سنه نشأ في ساحة الجهاد وتحمل المسؤولية، فقد كان إلى جانب رسول الله يصحبه ويدافع عنه ويدعم مسيرته في تبليغ الرسالة.

مشيراً إلى أن التاريخ يذكر الكثير من المواقف التي تتجلّى فيها فاعلية الإمام علي ونشاطه الدؤوب، ومنها حادثة الإنذار، وكذلك دفاعه عن النبي نتيجة تحريض قريش صبيتهم لإيذائه فكان الإمام علي لهم بالمرصاد.

وتابع يقول: واستمرت هذه المسيرة المباركة إلى آخر لحظةٍ من لحظات حياة الإمام علي ، وقد ورد عنه أنه قال: «لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا ومَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ، وهَا أَنَا ذَا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِّتِّينَ».

وفي موضوع متصل أشار الشيخ الصفار إلى كتابٍ حول الأوقاف النبوية وأوقاف الصحابة، للدكتور عبد الله الحجيلي، أستاذ مشارك في كلية الشريعة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وقال عن قراءته للكتاب: لفت نظري أن الدكتور قد خصص نصف كتابه، تقريبًا 200 صفحة حول أوقاف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وكان عنوان الفصل: أوقاف الخليفة الراشد علي بن أبي طالب (الأوقاف العلوية).

وأضاف: أحصى الكاتب من الأوقاف التي وقفها الإمام علي في المدينة المنورة، وقد بلغت سبعة بساتين، وفي ينبع ستة بساتين، وفي وادي القرى خمسة بساتين، وفي قرية الرجلاء، وهي قريبة من خيبر، أربعة بساتين، وفي خيبر ثلاثة.

وسجّل الكاتب رصداً ميدانياً لكل الأوقاف وما هي التغيرات التي طرأت عليها وكذلك الاعتداءات التي لحقت بها. ونقل صيغ الوقفيات لهذه الأوقاف، والولاة الذين تولوا أوقاف الإمام علي .

وقدّم الكاتب استنتاجات فقهية من الصيغ الوقفية التي سجّلها الإمام علي .

واستدرك الشيخ الصفار قائلاً: مع الأسف لا نمتلك دراسة ضمن بحث علمي يتحدث عن أوقاف النبي والأئمة والسيدة الزهراء .  

وعن حياة الإمام علي بعد رحيل رسول الله وبعد أن زُوُيت عنه الخلافة، ذكر الشيخ الصفار أن الإمام لم يبقَ في البيت مكتوف اليد مكتئباً، بل انطلق للعمل في مختلف المناطق حتى زرع كل تلك البساتين ليجعلها وقفاً لله تعالى، وكان في حياته زاهداً يعيش على القليل من الطعام.

وتابع: إضافة إلى عمله الشخصي كان قريباً من الخلفاء يحل المشاكل، وكانوا يرجعون إليه في كثيرٍ من القضايا والمشاكل، وقد أحصت الكتب الكثير من المراجعات التي رجع الخلفاء فيها إلى أمير المؤمنين علي .

وأضاف: رغم أنّ الخلافة قد زويت عنه، إلا أنه لم يكن يتعامل مع الموضوع من منظار شخصي، وإنما كان يُقدّم مصلحة الأمة على مصلحته الشخصية، فكان يسعى لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه، وكان يسعى للإصلاح.

واستشهد بما نُقل عن الخليفة عمر أنه قال: لا أبقاني الله لمعضلةٍ ليس فيها أبو الحسن، وقال: لو لا عليٌّ لهلك عمر.

وأشار الشيخ الصفار إلى كتابٍ صنّفه الشيخ نجم الدين العسكري بعنوان: عليٌّ والخلفاء، أحصى فيها القضايا التي رجع فيها الخلفاء الثلاثة إلى أمير المؤمنين ، وحتى في زمن معاوية مع تمرّده على الإمام علي .

واستخلص الشيخ الصفار من حياة الإمام علي الذي عاش طوال حياته في عملٍ وكفاحٍ ونضال وعبادة، درساً بأن الحياة ساحة كفاح وعمل وليست دار رحة وكسل، وذلك يتجلّى في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ، وقال تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ.

وأكّد أن الإنسان الذي يعتقد أن الدنيا خُلقت للراحة فهو يحرم نفسه.

واستشهد بشعرٍ للشيخ حسن الدمستاني الذي يقول فيه:

أنفاس نفسك أثمان الجنان فـهـل    تـشـري بـهـا لـهـباً فـي الـحشر تـشتعلُ

مختتماً كلمته: بأن على الإنسان ألا يُضيّع شيئاً من أوقاته، وألا يستغرق كثيراً في النوم.

وتابع: ينبغي أن تكون أوقاتنا مليئة بالطاعة والعبادة وأعمال الخير والفاعلية والنشاط في قضايا الدنيا والآخرة.

عادل هلال