الشيخ الصفار: التدين وعي بالسنن وليس حصانة منها

أكد سماحة الشيخ حسن الصفار أن التدين وعي السنن والقوانين الحاكمة في الكون، مشددًا على أن النجاح مرهون بالكفاءة والسعي وليس بالمعتقدات الدينية وحدها.
وتابع: على المؤمن أن يدير حياته وفق السنن الإلهية، لا أن يعتمد على التدخلات الغيبية دون سعي وجهد.
خطبة الجمعة 8 شعبان ١٤٤٦هـ الموافق 7 فبراير ٢٠٢5م، في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: إدارة الحياة بين السنن والأوهام.
وأوضح سماحته أن بعض المتدينين يظنون أن إيمانهم يمنحهم امتيازًا خاصًا يجعلهم فوق قوانين الحياة، متوقعين تدخلًا غيبيًا يسهل لهم النجاح دون بذل الجهد المطلوب، لكن القرآن الكريم يرفض هذا المنطق بوضوح.
وتابع: إن القوانين الإلهية لا تعرف المحاباة، مستشهدًا بمثال عملي: من يتقن السباحة سينجو في البحر، سواء كان مؤمنًا أم كافرًا، ومن يجهلها سيغرق حتى لو كان صاحب عقيدة صحيحة.
وأشار إلى أن العطاء الإلهي في الدنيا ليس محصورًا على المؤمنين، بل يشمل الجميع، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلاء وَهـَؤُلاَءِ مِنْ عَطَـاءِ رَبِّكَ وَمَا كَـانَ عَطَـــاءُ رَبِّكَ مَحْظـُورًا﴾.
ومضى يقول: إن الدعاء مطلوب ومهم لأنه يعزز الحضور الإلهي في نفس الإنسان، وتأكيد العبودية والحاجة له، والاقرار بهيمنته وقدرته المطلقة.
وتابع: ولأن الدعاء يحيي الأمل في نفس الإنسان بأن هناك مخرجًا عبر سنة أخرى، وطريق آخر لم يكن ملتفتًا إليه، ولم يكتشفه.
وأضاف: كما أن الدعاء ينتج الدافعية للعمل والسعي للتقدم في الحياة.
وأبان أن النصوص الدينية تؤكد على فهم الداعي لطبيعة ما يدعو به، ومدى موافقته للسنن.
واستشهد بما ورد عن الإمام علي : «إِنَّ كَرَمَ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ لاَ يَنْقُضُ حِكْمَتَهُ فَلِذَلِكَ لاَ يَقَعُ اَلْإِجَابَةُ فِي كُلِّ دَعْوَةٍ».
ولفت إلى أن للطبيعة نظامها وقانونها الإلهي، كما أنّ الحياة الاجتماعية أيضًا تخضع لسنن إلهية ثابتة، حيث تشير أكثر من 16 آية قرآنية إلى حاكمية هذه السنن، كقوله تعالى: ﴿فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا﴾.
وعن سبب تأكيد الآيات القرآنية على ثبات القوانين والسنن في أنظمة الكون والحياة، قال سماحته: إن ذلك يهدف إلى تبيين عظمة الله وحكمته وقدرته، بتسيير هذا الوجود الضخم على هذا النحو الدقيق من الإتقان والثبات.
وتابع: ولدفع الإنسان لاكتشاف هذه السنن والقوانين، ليستطيع من خلال ذلك التعامل مع واقع الكون، وحركة الحياة بشكل أفضل، ولم يحرز الإنسان هذا التقدم والتطور في حياته إلا عبر اكتشافه ومعرفته لبعض القوانين والسنن.
وأضاف: كلما اطلع الإنسان بدقة أكبر على نظام جسم الإنسان مثلًا، أمكنه أن يطوّر من واقعه الصحي بشكل أفضل.
وبيّن أن تأكيد النصوص على ثبات القوانين والسنن جاءت ليبني الإنسان طريقة تعامله مع الحياة على أساس علمي صحيح، بعيدًا عن الخرافات والأوهام، فالحياة لا يسيرها السحر والسحرة، ولا التمائم والأحراز.