الشيخ الصفار يدعو للصبر والاستيعاب في العلاقات العائلية والاجتماعية

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

أكّد سماحة الشيخ حسن الصفار أهمية ترويض النفوس على الصبر والاستيعاب في العلاقات العائلية والاجتماعية، مع تنامي النزعة الأنانية والحالة الانفعالية التي تؤدي إلى تفكك الأسر وتدمير العلاقات بين الناس.

وقال: إن التعامل مع الآخرين يمثل اختبارًا حقيقيًا للإنسان في حياته الاجتماعية.

جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة 22 شعبان ١٤٤٦هـ الموافق 21 فبراير ٢٠٢5م، في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: خيارات التعامل مع الناس.

وأوضح سماحته أن العلاقة مع الآخرين ضرورة تفرض نفسها على الإنسان، لأن طبيعة الحياة الإنسانية أنها اجتماعية، والإنسان مدني بالطبع، فلا يستطيع تسيير حياته بمفرده.

وتابع: لكن علاقة الانسان بأخيه الانسان غالبًا ما تكتنفها صعوبات، وذلك لتضارب المصالح، بسبب نزعة حب الذات، وسعي كل واحد لتحصيل أكبر قدر من المكاسب، ولو على حساب الآخر.

وأضاف: كما أن أمزجة الناس وأفكارهم ونفسياتهم مختلفة، فالتعامل مع البشر يختلف عن التعامل مع أشياء الطبيعة الأخرى.

وأبان أن امزجة البشر مختلفة، وعقولهم متفاوتة، ومصالحهم متضاربة. مبينًا أن مزاج الفرد قد لا يكون ثابتًا، بل يتقلّب باختلاف الأحوال والظروف، مما يضفي على الصعوبة صعوبة أخرى.

ومضى يقول: في مواجهة هذا التحدي الكبير، في علاقة الإنسان مع من حوله، فإنه سيكون أمام خيار تغيير طبيعة الأشخاص الذين يتعامل معهم، بحيث يكونون وفق مزاجه، وكما يناسبه.

وتابع: هذا ما لا يمكن لإنسان ادعاء القدرة على تحقيقه.

وأضاف: قد يستطيع أن يؤثر في الآخرين بإقناعهم بما يريد، وبتعديل بعض سلوكهم، لكنه لا يستطيع الفرض، ولا التأثير على الجميع، في مختلف مجالات الاحتكاك بهم.

وأبان أن من الخيارات أن ينسحب الإنسان من العلاقة مع كل من لا ينسجم معه.

وتابع: هنا قد يعزل الإنسان نفسه، وتتقلص دائرة علاقاته إلى حدّ كبير. مستشهدًا بما ورد عن الإمام جعفر الصادق : «مَن لَم يُؤاخِ إلاّ مَن لا عَيبَ فيهِ قَلَّ صَديقُهُ».

واستدرك: ثم أن هناك من لا تستطيع الانسحاب من العلاقة بهم، كالأرحام والأقرباء، مثل الوالدين والأولاد.

وكشف عن خيار آخر وهو حياة التشنج والتوتر مع الآخرين، بأن يعيش الإنسان الأزمات الدائمة في علاقاته، ويتورط في الصراعات المستمرة مع من حوله. وفي ذلك ضرر كبير على نفسيته ومصالحه.

وبيّن أن من الخيارات سياسة الصبر والاستيعاب، مؤكدًا أنه الخيار الأفضل الذي تحفزنا إليه الآية الكريمة ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا.

وتابع: يجري هذا الموقف الأخلاقي في العلاقات ضمن الدوائر القريبة والبعيدة، كالعلاقات الزوجية، والعلاقة مع الأولاد والجيران والزملاء والأصدقاء.

وفي ظل تنامي النزعة الأنانية، والحالة الانفعالية، شدد الشيخ الصفار على الحاجة الملحة لترويض النفوس على الصبر، باعتباره مفتاحًا للحفاظ على العلاقات الأسرية والاجتماعية، وسبيلًا للفوز برضا الله تعالى.

وتابع: قد يظن البعض أن الصبر حالة ضعف أمام الآخرين، لكن الإمام علي يقول: «اَلصَّبْرُ شَجَاعَةٌ»، مما يعكس أهميته كقيمة أخلاقية وإنسانية.