الشيخ الصفّار يؤكد على أهمية إحياء ثقافة الوقف دينيًا واجتماعيًا

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

ضمن نشاط سماحة الشيخ حسن الصفّار الرمضاني، وفي مساء الخميس 6 رمضان 1446هـ الموافق 6 مارس 2025م ألقى كلمةً قيّمةً في مجلس أم علي خريدة بسيهات حول أهمية الوقف في الإسلام، مسلطًا الضوء على دوره في تنمية المجتمعات وتعزيز التكافل الاجتماعي، مؤكدًا على ضرورة إحياء هذه الثقافة بما يواكب تطورات العصر واحتياجاته.

الوقف.. صدقة جارية لا ينقطع ثوابها

واستهل الشيخ الصفّار حديثه بالتأكيد على أن الوقف يُعتبر من أبرز صور العطاء المستدام، مستشهدًا بالحديث النبوي الشريف الذي ورد في مصادر المسلمين من السنة والشيعة، حيث قال رسول الله : «إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».

وأوضح سماحته أن الصدقة الجارية تعني أن يخصص الإنسان جزءًا من ماله وممتلكاته الثابتة لصرف منافعها وعائداتها على أعمال البر، ليستمر أجره وثوابه بعد وفاته، مشيرًا إلى أن الوقف هو أحد أبرز تطبيقات هذه الصدقة، حيث تُحبس عينه ويُصرف ريعه في وجوه الخير المختلفة.

وأبان أن الإنسان خلال حياته ينفق ويتصدق، إلا أن هذه الصدقات تُستهلك في حينها، بينما الوقف يبقى أثره ممتدًا، ويحقق منفعة مستدامة.

وأوضح سماحته أن هناك أناسًا يرزقهم الله سعة في المال، وبعد أن يضمنوا مستقبل أبنائهم وأسرهم، يصبح من الحكمة أن يفكروا في كيفية استثمار ما تبقى من ثرواتهم في مشاريع وقفية تعود عليهم بالنفع في الآخرة، وتسهم في تطوير مجتمعاتهم.

تراجع ثقافة الوقف في المجتمع المحلي

وأبدى الشيخ الصفّار أسفه من التراجع الملحوظ في ثقافة الوقف في المجتمع المحلي، مشيرًا إلى أن هذه الثقافة كانت أكثر ازدهارًا في الماضي، حيث كان الناس يوقفون أراضيهم الزراعية والمباني والممتلكات المختلفة لدعم المساجد والمآتم والأنشطة الدينية والتعليمية، فيما نلاحظ اليوم أن هذه الروح الوقفية قد ضعفت.

وأشار إلى أن الإحصائيات المحلية تظهر عددًا متواضعًا من الأوقاف الجديدة سنويًا مقارنةً بالمجتمعات الإسلامية الأخرى، بل حتى بالمجتمعات الغربية التي يشتهر فيها الأثرياء بالتبرع بمبالغ ضخمة للجامعات والمستشفيات والأبحاث العلمية.

وأكد على الحاجة إلى تشجيع وتحفيز الأغنياء والميسورين لإحياء هذه الثقافة، مشددًا على أن الدعوة إلى الوقف تحتاج إلى خطابٍ واعٍ قادرٍ على تحريك نوازع الخير في نفوس الناس.

ضرورة تنويع مجالات الوقف لتلبية احتياجات العصر

أكد الشيخ الصفّار أن الوقف ليس محصورًا في بناء المساجد والمآتم، بل يجب أن يشمل مجالات أوسع تخدم احتياجات المجتمع، وأي مجال ينفع الناس ويخدم الحياة.مجلس أم علي خريدة بسيهات

واستعرض نماذج من الأوقاف ذات البعد الإنساني والحضاري في التاريخ الإسلامي، كالوقف لدعم انتشار العلم والمعرفة، كما فعل السيد المرتضى في القرن الخامس الهجري، حيث وقف قرية زراعية لتوفير الورق للعلماء وطلاب المعرفة.

وتابع: والوقف المخصص لإطعام القطط الضالة، والوقف لإزالة الأحجار الناتئة (العناصيص) من الطرقات، والوقف لتوفير الأكفان لأموات العوائل الفقيرة.

وأشار إلى أن مثل هذه الأوقاف تعكس وعيًا اجتماعيًا متقدمًا، لافتًا إلى ضرورة التفكير في أوقاف معاصرة تخدم احتياجات الجيل الحالي، كدعم تعليم الطلاب من أبناء العوائل المحدودة الدخل، وتوفير منح الابتعاث العلمي.

وتابع: وتمويل زواج الشباب المحتاجين، ودعم طلاب العلوم الدينية في الحوزات العلمية، وتوفير السكن المناسب لهم.

وأضاف: وإنشاء صناديق وقفية لدعم البحث العلمي ونشر الكتب النافعة، ورعاية المرضى والمحتاجين للعلاج.

كما تحدث الشيخ الصفّار عن ضرورة الانتقال من الإدارة الفردية للأوقاف إلى الإدارة المؤسسية، مشيرًا إلى أن الوقف عندما يُدار بشكل فردي يكون عرضة للضياع وسوء الإدارة، فيما تضمن الإدارة المؤسسية تحقيق أقصى استفادة من الوقف واستدامة منافعه.

وأشار إلى تجارب ناجحة في بعض الدول، كإدارة الأوقاف الجعفرية في الكويت وإدارة أوقاف الشيعة اللواتية في سلطنة عمان.

ولفت إلى وجود مؤسسات في المملكة تعمل على تطوير الأوقاف كمؤسسة (ساعي لتطوير الأوقاف)، التي أنشأها الشيخ سليمان بن عبدالعزيز الراجحي، وقد أصدرت ما يقارب 100 كتاب ودراسة بحثية محكمة، بمشاركة عشرات العلماء والباحثين.

وتابع: إلى جانب إصدار مجلة علمية محكّمة لدراسات الأوقاف (مجلة وقف) نصف سنوية، وتأسيس مكتبة وقفية، تضم 2500 كتابًا ورقيًا وإلكترونيًا، في مجالات الأوقاف، لخدمة الباحثين والمهتمين في هذا الحقل، وتمكينهم من المصادر المعرفية والعلمية.

دعوة إلى النهوض بثقافة الوقف

في ختام كلمته، دعا الشيخ حسن الصفّار العلماء والخطباء والمثقفين وأهل الخير إلى إعادة إحياء ثقافة الوقف، وتوجيه الميسورين نحو استثمار جزء من ثرواتهم في مشاريع وقفية مستدامة، مشيرًا إلى أن تحفيز الناس وتشجيعهم يلعب دورًا أساسيًا في دفعهم نحو العطاء والبذل.

كما شدد على ضرورة التفكير في إنشاء هيئة أهلية ضمن ما يسمح به القانون والنظام لإدارة الأوقاف في كل مدينة، لضمان إدارتها بكفاءة عالية وتحقيق أكبر فائدة منها.

مجلس أم علي خريدة بسيهات

مجلس أم علي خريدة بسيهاتمجلس أم علي خريدة بسيهاتمجلس أم علي خريدة بسيهاتمجلس أم علي خريدة بسيهاتمجلس أم علي خريدة بسيهاتمجلس أم علي خريدة بسيهاتمجلس أم علي خريدة بسيهاتمجلس أم علي خريدة بسيهاتمجلس أم علي خريدة بسيهاتمجلس أم علي خريدة بسيهاتمجلس أم علي خريدة بسيهاتمجلس أم علي خريدة بسيهاتمجلس أم علي خريدة بسيهاتمجلس أم علي خريدة بسيهاتمجلس أم علي خريدة بسيهاتمجلس أم علي خريدة بسيهات