الشيخ الصفار يدعو إلى إنشاء مؤسسات لنشر الوعي الوقفي وتطوير إدارته

في أمسية رمضانية مباركة، ألقى سماحة الشيخ حسن الصفار كلمة في مجلس الحاج رضا جراد بسيهات مساء الخميس 13 رمضان 1446هـ الموافق 13 مارس 2025م تناول فيها واقع العمل الأهلي والتنموي في المجتمع، داعيًا إلى ضرورة تأسيس مؤسسة متخصصة تُعنى بتنمية الوعي بالوقف، وتوسيع آفاقه وتطوير إدارته.
وأشار سماحته إلى أن مؤسسة (ساعي لتطوير الأوقاف)، التي أسسها سليمان الراجحي، وتهدف لتعزيز ثقافة الوقف وتوسيع مجالاته لتشمل مختلف احتياجات المجتمع، تُعَدّ نموذجًا رائدًا في تطوير الوقف، مؤكدًا أن وجود كيان مماثل في محافظة القطيف سيعزز من ثقافة الوقف، ويوجه أصحاب الخير لإنشاء أوقاف متنوعة في مجالات مثل التعليم، والصحة، والثقافة، والتنمية المجتمعية.
وشدد على أن وجود مؤسسة رسمية سيساعد في نشر الوعي الوقفي، وتقديم الاستشارات، وتهيئة بيئة قانونية وتنظيمية تدعم استدامة الأوقاف، مما يضمن تعظيم أثرها الإيجابي في المجتمع.
العمل الأهلي في ظل رؤية 2030
وتطرق في حديثه إلى النهضة المتسارعة التي يشهدها العمل الأهلي التطوعي في المملكة، مؤكدًا أن القوانين الحديثة أتاحت فرصًا واسعة لدعم هذا المجال ضمن رؤية 2030.
وأوضح أن هذه التغيرات مكّنت المؤسسات الخيرية من تنويع أنشطتها، بعدما كان العمل الأهلي يقتصر في الماضي على جمعيات محدودة، مشيرًا إلى أن الفرص المتاحة الآن تستدعي توسيع دائرة العمل الخيري والتنموي ليشمل مجالات أكثر تأثيرًا في حياة المواطنين.
وأشار إلى أن الأنظمة والقوانين التي اتخذتها دول العالم لضبط العمل الخيري، دفعت رجال الأعمال والخيّرين إلى توجيه استثماراتهم الخيرية داخل المملكة، مما خلق بيئة خصبة لنمو العمل الخيري الداخلي وتعزيز دوره في التنمية.
ضعف الحراك التنموي في المجتمع المحلي
وعبّر الشيخ الصفار عن أسفه لعدم مواكبة المجتمع المحلي في محافظة القطيف لهذه النهضة بالقدر الكافي، مشيرًا إلى أن العمل الأهلي لا يزال محدودًا في بعض المجالات التقليدية، مثل بناء المساجد والمجالس الدينية، ومساعدة الفقراء، بينما تشهد مناطق أخرى في المملكة تنوعًا واسعًا في المشاريع الخيرية، تشمل التعليم، والصحة، والتنمية الاجتماعية، وحماية البيئة، والثقافة.
وشدد على أن المخرجات الحالية للعمل التطوعي محليًا، لا تزال دون المستوى المطلوب، مقارنة بحجم الطموحات الوطنية والتطلعات المجتمعية، مما يستوجب تحركًا فاعلًا لتعزيز الحضور في هذا المجال.
الوقف كأداة للاستدامة وتحقيق التنمية المجتمعية
وخصص الشيخ الصفار جزءًا مهمًا من كلمته للحديث عن الوقف، مؤكدًا أنه يُعدّ ركيزة أساسية لضمان استدامة العمل الخيري، وهو مبدأ إنساني قديم تعزز مع الإسلام، حيث شجع النبي على الوقف باعتباره صدقة جارية تستمر في إفادة المجتمع بعد وفاة الإنسان.
واستشهد بالحديث النبوي الشريف عن رسول الله : «إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»، مؤكدًا أن الوقف يمثل نموذجًا مثاليًا للصدقة الجارية، حيث يمكن توظيفه في مشاريع مستدامة تفيد المجتمع على المدى الطويل.
وأشار إلى أن هناك تراجعًا ملحوظًا في إنشاء الأوقاف الجديدة داخل المجتمع، بينما هناك حاجة ملحة لإنشاء أوقاف في مجالات جديدة مثل دعم الطلاب، ونشر الثقافة، وحماية البيئة، والفنون، والرعاية الصحية.
وأوضح أن الأوقاف لا تزال تُدار بشكل فردي، مما يحدّ من استثمارها بشكل فعال، داعيًا إلى تبنّي إدارة مؤسسية حديثة للأوقاف، تضمن تطويرها وزيادة عوائدها لصالح المجتمع.
تفعيل المبادرات الوقفية
واقترح سماحته تأسيس جمعيات ومؤسسات رسمية متخصصة في العناية بالأوقاف، على غرار بعض المؤسسات الناجحة في المملكة، مثل مؤسسة "ساعي لتطوير الأوقاف"، ومؤسسة "بناء المستقبل". وأكد أن وجود كيان مؤسسي معتمد، يساعد في تطوير الأوقاف، وتحسين استثماراتها، وإدارتها بشكل احترافي، بالإضافة إلى تسهيل الإجراءات القانونية المتعلقة بها.
وأشار إلى مبادرات مماثلة ظهرت في مناطق أخرى، حيث تم إنشاء مؤسسات تعنى بتشجيع الأوقاف وإدارتها وفق أسس حديثة، مطالبًا المجتمع المحلي بالسير في هذا الاتجاه، والاستفادة من التجارب الناجحة.
ودعا إلى استغلال الأجواء الرمضانية لتعزيز روح العطاء والإحسان، والعمل على إيجاد حلول عملية، لتطوير العمل الأهلي والوقفي، بما يتناسب مع تطورات العصر واحتياجات المجتمع.
الشاعر المسكين
وفي بداية الأمسية ألقى الشاعر عقيل ناجي المسكين قصيدة، بدأها بكلمة هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآلهِ الطيبين الطاهرين
سماحة العلاّمة الشيخ حسن موسى الصفار حفظك الله ورعاك، أصحاب السماحة المشايخ، والسادة الأجلاَّء، صاحب المجلس الأستاذ رضا جراد، وجميع الحضور.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته...
في هذه الليلة الجميلة الثالثة عشر من شهر رمضان المبارك لهذا العام 1446هـ، تستقبل سيهاتنا الجميلة سماحة العلامة الشيخ حسن موسى الصفار، ليس كضيفٍ فحسب فهو صاحب القلوب والمتصدر في الجلوس بأيّ مكانٍ فيها، بل هو صاحبٍ المنزلة الرفيعةٍ في قلوب السيهاتيين بأجمعهم، فله سابقات جمّة من العطاء الحسيني؛ والمعرفي والفكري والثقافي المسؤول في العديد من مجالسها ومساجدها ومحافلها، وهذا المجلس الذي يستقبله بكلّ رحابةٍ وإجلالٍ وتقدير ما هو إلا بمثابة موطنِ شكرٍ وتقديرٍ واحتفاءٍ واحتفال، إضافة إلى كونه محطة جديدة لما نتوق إلى الإحاطة به من جرعات الوعي بالواقع، وقبسات الاستزادة من البصيرة في هذه الحياة المليئة بالتحدّيات والعقبات، إلا أنها بذلك الوعي وتلك البصيرة تصبح بمثابةِ ميدانٍ يأنس به المؤمنُ المستنير بوعيه، والعارف المحصّن ببصيرته، وندعو الله أن نكون من هؤلاء الذين ينطبق عليهم قول اللهِ عز وجل في محكم كتابه الكريم: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18)﴾ –الزمر-.
اسكُبْ نميرَ الوَعيِ في الأفهَامِ
يا باعِثَ الأمَلِ الجمِيلِ النَّامي
يا زارعَ الحُبِّ النَّدِيِّ بِتُربةٍ
أكرِمْ بِقَطفٍ دَامَ في الإلهامِ
الحرفُ مِنكَ شدَا الفُؤادِ بِعَالمٍ
عرِفَ التَّفاؤُلَ مَنهجَ الإسلامِ
هذي طُروسُكَ في الحياةِ مشاعِلٌ
تُزهِي الدُّرُوبَ بـِــــمُرسَلٍ وإمامِ
ومعارفُ القُرآنِ هديُ مُكَافِحٍ
والحقُّ ديدَنُهُ بِلا إحجامِ
فكلامُ ربِّ العالمينَ لِـــ (وحدةٍ)
و (تضامُنٍ) و (تآلفٍ) و (وئامِ)
والوُدُّ ما بينَ الشُّعوبِ رِسَالةٌ
تسمُو بِها بِعزيمةِ المِقدامِ
وَصَدَى خِطابِكَ في المسامِعِ جَذوةٌ
تُثرِي العقولَ بِعَالَمِ الأقلامِ
والنّاسُ عِندَكَ إخوَةٌ تسعَى لَهُمْ
خُلُقًا رفيعًا غذَّ بالإكرامِ
اصدَحْ برأيِكَ في الرِّحَابِ مُولِّيًّا
صَوبَ الحقيقةِ وَالجَمَالِ السَّامي
فَبِـمِنبَرٍ للحُسْنِ فُزتَ مُؤيِّدًا
لِليقظَةِ المثلَى لخيرِ مَقَامِ
لِلأمنِ والعَيشِ الكريمِ ومَوطِنِ
نحيا بهِ في عِزَّةٍ وسَلامِ
اسكُبْ نميرَ الوَعيِ واملأ أكؤُسًا
مِنْ حُلوِ عَذبٍ فهْوَ خيرُ مُدامِ
يا شيخَنَا الهادِي بِكلِّ مُلمَّةٍ
أزجَيتَ عِطرَ الزّهرِ لِلأنسامِ
للهِ درُّكَ يا ابنَ مُوسَى واهِبًا
جُرحَ الشَّدائدِ بلسَمَ الآلامِ
حيّتكَ سيهاتُ الأحبّةِ كُلِّها
والشّعرُ هذا منطقيْ وهُيامِي
سيهات، حي الخليج
مساء الخميس 13 /09/ 1446هـ
الموافق 13/03/2025م