الشيخ الصفار: وصايا الإمام الحسن دعوة للإنتاج والعمل لسعادة الدارين

في أمسية روحانية مفعمة بالنور والبهجة، احتفى مسجد الرسول الأعظم في بمدينة صفوى بمناسبة ذكرى ميلاد الإمام الحسن المجتبى
، مساء السبت 15 رمضان 1446هـ الموافق 15 مارس 2025م، حيث ألقى سماحة الشيخ حسن الصفار كلمة تناول فيها محاور هامة من حياة الإمام، مسلطًا الضوء على وصاياه في تكثيف العمل والإنتاج لعمارة الحياة الدنيا وسعادة الآخرة.
استهل الشيخ الصفار كلمته بتهنئة الحاضرين بهذه المناسبة العطرة، مشيرًا إلى أن ولادة الإمام الحسن كانت مناسبة ملؤها الفرح والسرور لرسول الله
، الذي كان يترقب تحقق وعد الله تعالى في قوله: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾، إذ مثّل الإمام الحسن
بداية الامتداد المبارك لذرية النبي الأكرم
عبر السيدة فاطمة الزهراء
.
التوازن بين الدنيا والآخرة
انتقل الشيخ الصفار بعد ذلك إلى تسليط الضوء على وصية الإمام الحسن التي قال فيها: «اِعْمَلْ لِدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَداً وَاِعْمَلْ لآِخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَداً»، معتبرًا أنها تحمل أبعادًا عميقة، تجمع بين السعي المادي، والتكامل الروحي.
وأوضح سماحته أن هذه المقولة تعكس رؤية متوازنة، تُصحّح الفهم الخاطئ عن الزهد والانقطاع عن الدنيا، مشيرًا إلى أن الإسلام لا يدعو إلى ترك العمل، أو العزوف عن تطوير الحياة، بل يشجع على السعي المستمر للارتقاء بالمستوى المعيشي وتحقيق الرفاهية.
وأضاف أن البعض قد يسيء فهم مفهوم الزهد، معتقدًا أن الزهد يعني الفقر أو ترك متع الحياة، في حين أن الإمام الحسن وغيره من الأئمة أكدوا على ضرورة إعمار الحياة والاستفادة من نعم الله، حيث ورد عن الإمام علي
في وصف المتقين: «سَكَنُوا اَلدُّنْيَا بِأَفْضَلِ مَا سُكِنَتْ، وَأَكَلُوهَا بِأَفْضَلِ مَا أُكِلَتْ»، أي أنهم لم يعيشوا في حرمان، بل سعوا لتحقيق جودة الحياة.
مسؤولية الإعمار والتنمية
أكد الشيخ الصفار: أن العمل والإنتاج لإعمار الأرض، مسؤولية دينية وإنسانية، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾، موضحًا أن الإنسان مأمور بالسعي والتطوير، وليس مجرد العيش بالحد الأدنى من الإمكانات.
وأشار إلى أن التعاليم الدينية تؤكد على أهمية العمل، وعدم الركون إلى الكسل. مؤكدًا أن عدة استهدافات ينبغي أن يحققها الإنسان من خلال سعيه وعمله.
وتابع: على الإنسان أن يعمل ويسعى إلى توفير متطلبات الحياة، وفي الدرجة الثانية إلى تحسين مستوى جودة الحياة، وصولًا إلى المساهمة في تقدّم الحياة على المستوى الاجتماعي والوطني والإنساني.
وفي السياق ذاته، شدّد الشيخ الصفار: على خطورة انتشار ثقافة الركود، والتقاعد المبكر عن العمل، معتبرًا أن ذلك يؤدي إلى ضعف المجتمعات اقتصاديًا وفكريًا، وذكر أن الإمام جعفر الصادق عاتب أحد أصحابه عندما ترك التجارة رغم قدرته على العمل، قائلاً له: «إِذاً يَسْقُطَ رَأْيُكَ، وَلَا يُسْتَعَانَ بِكَ عَلَى شَيْءٍ»، أي أن التوقف عن العمل يقلل من تأثير الإنسان في المجتمع، ويضعف دوره الإنتاجي.
الإمام الحسن نموذج في العطاء والسخاء
في جانب آخر من كلمته، استعرض الشيخ الصفار جوانب من كرم الإمام الحسن الذي كان مضرب المثل في الجود والعطاء، حيث نقل عن سيرته: أنه خرج من ماله مرتين لله تعالى، وتقاسم ماله مع الفقراء ثلاث مرات، مشيرًا إلى أن هذه الروح الكريمة تعكس اهتمامًا عميقًا بتحسين حياة الناس.
وفي ختام كلمته، دعا الشيخ الصفار الله تعالى أن يبارك للحضور في هذه المناسبة العطرة، ويثبتهم على نهج أهل البيت ، وأن يجعلهم من السائرين على خطاهم في العمل والإنتاج والعطاء، متمنيًا لهم دوام التوفيق في حياتهم الدنيوية والأخروية.