الشيخ الصفار: الإسلام يدعو إلى جودة الحياة وازدهار المجتمع
في أجواء روحانية مفعمة بالمحبة والولاء لأهل البيت 
، ألقى سماحة الشيخ حسن الصفار كلمةً قيمة مساء الأحد 16 رمضان 1446هـ الموافق 16 مارس 2025م، في مجلس الحاج سالم السالم بسيهات، احتفاءً بذكرى ميلاد الإمام الحسن المجتبى ، حيث تناول خلالها البعد الأخلاقي والإنساني في شخصية الإمام ووصاياه الحكيمة، التي ترسم للإنسان المسلم خارطة طريق متكاملة، تجمع بين النجاح في الدنيا والفوز في الآخرة.
رسالة التوازن بين الدنيا والآخرة
استهل سماحة الشيخ كلمته بتقديم التهاني والتبريكات بهذه المناسبة العطرة، مؤكداً أن الاحتفاء بميلاد الإمام الحسن المجتبى ليس مجرد فرح بولادة شخصية تاريخية عظيمة، بل هو استذكار لقيمه ومبادئه التي تجسد روح الإسلام في أبهى صورها.
وتوقف الشيخ الصفار عند وصية الإمام الحسن آخر أيام حياته لأحد أصحابه، والتي جاء فيها: «اِعْمَلْ لِدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَداً وَاِعْمَلْ لآِخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَداً»، موضحًا أن هذه العبارة الخالدة، تختزل الرؤية الإسلامية للتوازن بين الاهتمام بشؤون الحياة الدنيا، والسعي إلى الارتقاء بها، وبين الاستعداد للآخرة والعمل الصالح للفوز بالسعادة فيها.
وأشار إلى أن هذه الوصية قد وردت بنفس العبارة مروية عن رسول الله 
، وعن الإمام موسى الكاظم .
وأكد سماحته أن الإمام الحسن يقدم من خلال هذه الوصية، توجيهًا واضحًا، بأن الدين لا يعني الزهد السلبي، أو الانعزال عن الحياة، بل هو دين البناء، والإنتاج، والإبداع، وتحقيق جودة الحياة، مشددًا على أن الإنسان مطالب بأن يكون فاعلًا في مجتمعه، يسعى لتطوير نفسه ومحيطه، ولا يكون عالة على الآخرين.
الرفاه وازدهار المجتمع
وتناول سماحة الشيخ الصفار الرؤية الإسلامية حول العمل والسعي في الحياة، مبينًا أن الإسلام لا يكتفي بدعوة الإنسان إلى تأمين ضروريات المعيشة فقط، بل يشجعه على تحقيق مستوى متقدم من الرفاهية وجودة الحياة، بحيث لا يكون دوره مقتصرًا على تأمين حاجاته الأساسية، بل يسهم في بناء مجتمعه وازدهاره.
وأشار إلى أن مفهوم "عمارة الأرض" الوارد في القرآن الكريم، يعني أن الإنسان مطالب بتحقيق التنمية والازدهار في جميع مجالات الحياة، اقتصادية أو اجتماعية أو علمية، وأن التخلف ليس قدرًا حتميًا، بل هو نتيجة لإهمال هذه المبادئ الإسلامية.
رمز العطاء والسخاء
وفي جانب آخر من كلمته، سلط الشيخ الصفار الضوء على كرم الإمام الحسن وسخائه.
واستشهد بمواقف عديدة من حياته، حيث كان يجسد أرقى معاني البذل والعطاء، ولم يكن يردّ سائلاً، بل كان يقاسم المحتاجين أمواله مرارًا، إيمانًا منه بأن السعادة الحقيقية ليست في امتلاك المال، بل في القدرة على إسعاد الآخرين ومديد العون لهم.
وتابع: جاء في سيرة الإمام الحسن أنه خرج من ماله مرتين، وقاسم الله أمواله ثلاث مرات.
وأضاف أن هذه القيم يجب أن تكون نهجًا للأفراد والمجتمعات، بحيث يتحول مبدأ التكافل الاجتماعي من مجرد حالات فردية إلى ثقافة عامة تدعم استقرار المجتمع ونموه.
المبادرات الاقتصادية والاستثمارية
وفي سياق حديثه عن التنمية والتطوير، شدد الشيخ الصفار على أهمية المبادرات الاقتصادية والاستثمارية التي تعزز الاستقلال المالي للمجتمعات، مشيرًا إلى أن الدول الإسلامية مطالبة بالاعتماد على ذاتها في بناء اقتصاد قوي مستدام، بدلاً من أن تكون تابعة لاقتصادات أخرى.
وأكد أن مفهوم العمل للدنيا يعني أن الإنسان مسؤول ليس فقط عن تحسين مستوى معيشته، بل عن الارتقاء بالمجتمع بأسره، والمشاركة في تطويره من خلال المشروعات النافعة، والمبادرات الخلاقة.
وفي ختام كلمته، توجه سماحة الشيخ حسن الصفار بالدعاء بأن يجعل الله هذه المناسبة المباركة سببًا لنيل البركة والرحمة للجميع، كما أثنى على الحاج سالم السالم على جهوده الطيبة في إقامة هذا المجلس المبارك، الذي يجمع أهل العلم والخير تحت مظلة حب أهل البيت .
وأكد أن مثل هذه المجالس تعزز الوعي الديني، وتنشر القيم النبيلة التي دعا إليها أهل البيت ، متمنيًا للجميع دوام التوفيق والبركات في هذا الشهر الفضيل.
وكان الأستاذ منصور جواد (ابو جواد) قد قدّم لكلمة سماحة الشيخ الصفار بأبيات شعرية:
في ليلةٍ ما مثلُها من ليلةٍ
نالتْ بفخرٍ ارفعَ الدرجاتِ
في مجلسٍ زانَ الحضورَ حضورُهُمْ
لبَّوا ابْنَ سالمِ طيّبِ اللفتاتِ
قد حانَ موعدُنا لسمعِ فوائدٍ
فيها إلينا وافرُ البركاتِ
اعْمَلْ لدنيًا انتَ فيها مُطَالَبٌ
أُخْراكَ لا تنسى معَ الجَناتِ
يُنْبِي بها علاّمةٌ ومثقفٌ
قد خطَّ آلافًا من الصفحاتِ
في الاجتماعِ وفي العقائدِ والنّما
وإلى التعايشِ أصّلَ الخطواتِ
وله بدنيا العلمِ باعٌ واسعٌ
ذلِقُ اللسانِ ونافذُ الكلماتِ
أعني به (الصفارٍ) خير موجه
فاستقبلوه بأرفع الصلوات
