مشيدًا بالبطولة القيمية لأنصار الإمام الحسين

الشيخ الصفار: الأبطال يملؤون نفوس أبناء مجتمعاتهم بالفخر والثقة

 

قال سماحة الشيخ حسن الصفار: إن الأبطال يملؤون نفوس أبناء مجتمعاتهم بالفخر والثقة، ويلهمونهم إثبات الذات والتطلع إلى آفاق التقدم، والتغلب على المشاق والصعوبات.

وتابع: عندما نحتفي بأبطال كربلاء إنما تحتفي بالتزامهم القيمي الأخلاقي، إلى جانب البطولة المتميزة والشجاعة الفائقة.

جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة 9 محرم 1447هـ الموافق 4 يوليو 2025م، في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: عاشوراء البطولة والقيم.

وأوضح سماحته: إن البطولة هي الشجاعة الفائقة التي لا يتصف بها إلا قليل من البشر، وكان هذا المفهوم يستخدم في ساحة المعارك والحروب، فالمقاتل الشجاع الذي توفرت فيه قوة الجسم، وقوة النفس، بحيث يتغلب على الآخرين، ويوقع الهزيمة بهم، يسمى بطلًا.

وتابع: ثم اتسع استخدام هذا المفهوم، ليشمل سائر الميادين، فالمتفوق على الأقران، والمتقدم على الأنداد، والذي يحقق إنجازات متميزة في أي ميدان من ميادين الحياة، يطلق عليه بطل.

وأضاف: لذلك هناك أبطال في مجال العلم والمعرفة، والأدب والفنون، وفي مجال القيادة السياسية والاجتماعية. فالبطل من يمتلك قدرات فائقة، على إنجاز ما لا يستطيع أي كان إنجازه.  وقد يحقق الإنسان البطولة في أكثر من ميدان.

وأشار إلى أن دور الأبطال في المجتمعات الإنسانية لا يقتصر على ما يحققونه من إنجازات في مسيرتهم البطولية، فهم إلى جانب ذلك يملؤون نفوس أبناء مجتمعاتهم بالفخر والثقة، ويلهمونهم إثبات الذات والتطلع إلى آفاق التقدم، والتغلب على المشاق والصعوبات.

وتابع: لذلك أصبح وجود الأبطال حاجة حضارية في المجتمعات الإنسانية، فلكل شعب ولكل أمة أبطالها، وقد تضفي شعوب ومجتمعات، على بعض قادتها ورموزها، في حياتهم، أو بعد موتهم، صفات خارقة بشكل اسطوري، لتخلق منهم أبطالًا يملؤون فراغ البطولة في تاريخها وثقافتها. بل قد تختلق لها أبطالًا اسطوريين.

وأضاف: مما يعني الشعور بالحاجة إلى وجود الأبطال، لقيام نهضة الأمم والشعوب.

وقال: إذا كانت مستويات البطولة مختلفة، وميادينها متعددة، فإن هناك بعدًا أساسًا لابد من توفره لتستحق شخصية البطل الإكبار والتمجيد، وهو البعد القيمي الأخلاقي، فإن البطولة مع فقدان هذا البعد في شخصية الإنسان وسلوكه، تفقد قيمتها الحقيقية، ودورها الإيجابي في الحياة الاجتماعية.

وتابع: فمن دون القيم والأخلاق، قد يوظف البطل قدرته في مجال تفوقه، للإضرار بالآخرين، والافساد في الحياة.

وأضاف: حينئذٍ لا يستحق التمجيد، ولا أن يكون قدوة للأجيال. بل يكون وبالًا على الناس والحياة، ومستحقًا للدم والازدراء.

ولفت إلى إن توجه الأوطان والمجتمعات لتنمية كفاءات أبنائها في مختلف المجالات، لصنع جيل من المتفوقين والمتميزين في المجالات العسكرية والأمنية والعلمية والاقتصادية، يجب أن يرافقه اهتمام بتربية الأبناء على القيم والالتزام الأخلاقي، ليكونوا قادة وأبطالًا أمناء على مصالح أوطانهم ومجتمعاتهم، وجديرون بالتقدير والاحترام.

وأبان: أن من المناهج المؤثرة في التربية على القيم والأخلاق، ترسيخ صور الأبطال القيميين، في ذاكرة ونفوس أبناء المجتمع، ليكونوا مصدر إلهام، وموضع تأسٍ واقتداء.

ومضى يقول: إننا في موسم عاشوراء نحتفي بالبطولة الممتزجة بالقيم والمبادئ، من خلال الملاحم البطولية التي سطرها سيد الشهداء الحسين بن علي وأصحابه الأوفياء الأبطال، والمواقف القيمية الأخلاقية النبيلة التي جسدوها، في مواجهة معسكر الضلال والانحراف.

وتابع: كان أصحاب الإمام الحسين يقاتلون في سبيل الله، ومن أجل قيم الحق والعدالة وحرية الإنسان، بينما كان المعسكر الأموي يقاتل في سبيل الطاغوت، من أجل المصالح والمكاسب المادية الزائلة.

وأضاف: لقد تحدث رواة التاريخ عن مستوى البطولة الفائقة، التي تحلى بها أبطال كربلاء.

وبيّن أن إلى جانب هذه البطولة المتميزة والشجاعة الفائقة، كان أصحاب الإمام الحسين قمة في التزامهم القيمي والأخلاقي، حتى وصفهم الإمام الحسين بقوله: إِنّي لا أعلَمُ لي أصحاباً أوفى‌ ولا خَيراً مِن أصحابي.

وتابع: وقد سجّل التاريخ كثيرًا من مشاهد وصور الحالة القيمية والأخلاقية في سيرة هؤلاء الأبطال الحسنيين، فقد باتوا ليلة العاشر من المحرم، ولهم دويّ كدوي النحل، ما بين راكع وساجد، وقائم وقاعد، يصلّون ويستغفرون، ويدعون ويتضرعون.