الشيخ الصفار يدعو لتنمية مشاعر الرحمة ونشر ثقافتها

أكد سماحة الشيخ حسن الصفار على ضرورة نشر ثقافة الرحمة بين أبناء المجتمع، وتحويلها إلى خلق وسلوك عام في العلاقات الاجتماعية، بأن يوصي الناس بعضهم بعضًا بالتراحم.
وقال: إن بناء مجتمع متراحم لا يتحقق بتنمية المشاعر الفردية، بل عبر نشر ثقافة الرحمة وتعزيزها من قبل العلماء والخطباء والكتّاب، وعبر المنابر الدينية ومناهج التعليم ووسائل الإعلام.
جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة 6 ربيع الأول 1447هـ الموافق 29 أغسطس 2025م، في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: ثقافة الرحمة.
وأوضح سماحته أن الرحمة تعني رقة القلب، وطراوة المشاعر الإنسانية، وهي القيمة الأخلاقية العليا، وتأتي في طليعة الصفات الفاضلة النبيلة، لذلك يراها معظم الفلاسفة وعلماء الأخلاق، أنها أساس ومصدر الأخلاق، وهي العنصر الحيوي في كل القيم الإنسانية.
وتابع: لا يكفي أن ينمّي الإنسان في نفسه مشاعر الرّحمة، ولا أن يمارسها في سلوكه، بل مطلوب منه أن يدعو الآخرين إلى ذلك ويوصيهم بها.
وعن سؤال كيف ننمي مشاعر الرحمة في النفوس؟ قال سماحته: بخفض مستوى الأنانية في النفس إلى حدّ الاعتدال، وتعزيز الاهتمام بالغير، وذلك يثري نفس الإنسان بالإيجابية، ويؤكد المعنى في حياته، ويرسّخ القيمة الإنسانية في أعماقه.
وتابع: وبالوعي بطبيعة الذات والحياة، بأن يدرك الإنسان أنه معرض لحالات الضعف والوقوع في ألوان من المعاناة والآلام التي تصيب غيره، وسيحتاج إلى تعاطف الآخرين ومساعدتهم، فإذا مارس الرحمة مع الآخرين، وانتشرت في مجتمعه تقاليد التراحم، فإنه سيحظى عند معاناته بتعاطف يحتاجه، ومساعدة يبحث عنها.
وأضاف: نحن بحاجة إلى معاملة رحيمة من الآخرين، بقدر ما هم بحاجة إليها منّا.
وأشار إلى أن ممارسة الرّحمة تعزز مشاعر وسلوك الرّحمة.
وتابع: إن عيادة المريض، وتعزية المصاب، ومساعدة المحتاج، وتفقّد الضعفاء، ترسّخ مشاعر الرّحمة في النفس، وتعززها في السلوك.
وأضاف: إنّ الرّحمة طبع ينبغي أن نتخلّق به، عن طريق الانتظام في ممارسة سلوك الرّحمة مع القريب والبعيد.
ولفت إلى أن من أسباب تنمية مشاعر الرحمة التطلع إلى نيل رحمة الله تعالى، حيث تؤكد النصوص الدينية على أن من يمارس الرحمة تجاه الناس، تغمره رحمة الله ولطفه.
مستشهدًا بما ورد عن رسول الله : «مَنْ لا يَرْحَمُ النَّاسَ، لا يَرْحَمُهُ اللَّهُ».
وقال: إنك تحتاج إلى نعم الله وفضله ولطفه في كل جانب من جوانب حياتك، في الدنيا، وتحتاج أكثر إلى رحمته في الآخرة، والسبيل الأفضل لنيل رحمة الله في الدنيا والآخرة، هو ممارستك الرحمة تجاه الآخرين.
ودعا للاقتراب من الرحماء، والقراءة عن سيرهم وتجاربهم، واكتساب الثقافة المشجّعة على التراحم، فإن ذلك يخلق اندفاعًا وإقبالًا على ممارسة الرّحمة.
وتابع: هنا تأتي أهمية توفير هذه الثقافة في المجتمع، من قبل العلماء والخطباء والكتّاب، وعبر المنابر الدينية، ومناهج التعليم، ووسائل الإعلام.
وأبان ما للأسرة من دور أساس في زرع مشاعر الرّحمة في نفوس الأبناء، عبر التوجيه، والمحاكاة للوالدين، وتقديم النماذج للاقتداء والتأسي.
وشدد على أن تهتم المؤسسات الخيرية والتطوعية بتوفير الثقافة الدافعة نحو الرّحمة التّراحم.
واستنكر مشاعر البعض من الناس إذ لا يكترث بمعاناة غيره، ولا يجد نفسه معنيًا بآلام الآخرين، فهو منغمس في ذاته، لا تحرك مشاعره أنّة مريض، ولا صرخة جائع، ولا استغاثة مكروب، ولا حالة ضعف لصغير أو كبير، وذلك يعني طغيانًا في الأنانية، وتبلدًا للمشاعر الإنسانية، وقسوة في القلب، تجعله كالحجر أو أشد قسوة
وتابع: في المقابل هناك من يتحسس آلام الآخرين، ويشعر بمعاناتهم، كأنه يعيشها، فيتعاطف معهم، ويتحرّك لمساعدتهم ليتجاوزا المحنة والعناء.