الشيخ الصفّار يدعو إلى احتضان المذنبين لمساعدتهم على تجاوز الخطأ

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

دعا سماحة الشيخ حسن الصفّار إلى تبنّي نهجٍ إنسانيٍّ أخلاقيٍّ في التعامل مع من يقعون في الذنب والخطأ، انطلاقًا من فهم طبيعة الإنسان الذي قد تُضعفه الشهوات أو تغلبه المؤثرات.

مشددًا على ضرورة أن تراعي الأسر أبناءها وبناتها في زمن تتكاثر فيه الإغراءات، داعيًا إلى الاحتضان بدل التعنيف، والتوجيه بدل التعيير، حفاظًا على تماسك الأسرة وسلامة المجتمع.

جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة 16 جمادى الأولى 1447هـ الموافق 7 نوفمبر 2025م، في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: حقوق المذنبين.

وأوضح سماحته أن من واجب المجتمع السعي لإصلاح المذنبين وهدايتهم، عبر النصح والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصناعة الأجواء الجاذبة التي تساعدهم على التوبة والإقلاع عن الخطأ، بعيدًا عن الانفعال أو الانتقام.

ورفض التجسس على المذنب، أو من يحتمل أنه يقترف الذنب، واستغابته وهتك ستره وفضحه، إلا أن يكون متجاهرًا معلنًا للفسق، وتعيير المذنب بذنبه.

ولفت إلى أهمية السعي لإصلاح المذنبين وهدايتهم، بنصحهم وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وإرشادهم، وصناعة الأجواء الجاذبة لهم.

وأبان أن من أجلى مظاهر رحمة الله تعالى ولطفه بعباده، حلمه ورأفته بالعصاة والمذنبين منهم.

وتابع: فرغم جرأة العصاة على معصية الله، واستحقاقهم لسخطه وعقوبته، إلا أنه تعالى لا يعاجلهم بالعقوبة.

وأضاف: إن الله يفتح للعصاة المذنبين أبواب العفو والتوبة، ويوجه لهم رسالة تودد وعطف وشفقة، بأن يعودوا إلى أحضان رحمته، ويُطمّنهم أنه سبحانه سيصفح عنهم إن تابوا وأنابوا إليه، مهما كان حجم ذنوبهم ومعصيتهم.

وأوضح أن للمذنبين حقوقًا في المجتمع، لحمايتهم من أي حيف أو جور عليهم، والحديث هنا عن المذنبين المقصّرين في حقوق الله تعالى، لأن المذنبين بالاعتداء على حقوق الآخرين، لهم حساب آخر، لأن العدوان يستلزم المحاسبة والرّدع.

وأشار إلى أن الخطاب الإلهي في قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ يعبّر عن أسمى صور الرحمة واللطف الإلهي بالمذنبين.

وتابع: إن الله تعالى يخاطب المذنبين بنداءٍ مفعمٍ بالعطف، رغم إسرافهم في المعصية، فيقول: يا عبادي، ولا يقول: يا أيها العصاة أو يا أيها المذنبون.

وبيّن أن الله تعالى أضاف المذنبين في الآية إلى ذاته بياء المتكلم، في تعبيرٍ يفيض مودةً واحتضانًا.

وذكر أن النداء الإلهي ﴿يَا عِبَادِيَ يفتح باب الأمل والرجاء، ويمنع الانزلاق إلى اليأس والقنوط، مهما كثرت الذنوب وعظمت المعاصي.

وتابع: إن الله تعالى وصف فعلهم بأنه إسراف على أنفسهم، في إشارةٍ إلى أن الذنب ضرر يقع على الإنسان نفسه لا على الله، وأن هذا الوصف يحمل في طياته دعوة رقيقة للتوبة والعودة.

وأضاف: إن هذا النداء الربّاني يحمل رسالة رحمة وأمل لكل إنسانٍ أخطأ أو أسرف على نفسه.

ومضى يقول: إن الآية الكريمة تمثل أعظم نداء للغفران الإلهي، إذ تشمل عبارة ﴿يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا كل أنواع الذنوب دون استثناء، ثم يعزّزها بالتأكيد الإلهي ﴿إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

وختم بدعوة للعصاة المذنبين بالاستجابة لدعوة الله، وعدم ترك اليأس يحجبهم عن التوبة والعودة إلى الله وطريق الهداية.