المودة والرّحمة سعادة الحياة الزوجية
يقول تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [سورة الروم، الآية: 21].
تولي مختلف الديانات خاصة السماوية، اهتمامًا كبيرًا بكيان الأسرة، فتشجع على إنشائه وتكوينه، وتضع التشريعات والتعاليم لحمايته من أيّ اهتزاز واضطراب، وتتشدّد في أمر إنهاء العلاقة الزوجية.
ورد عن رسول الله
: «مَا بُنِيَ بِنَاءٌ فِي الْإِسْلاَمِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ تَعَالَى مِنَ التَّزْوِيجِ»[1] .
وعنه
: «النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي فمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَليسَ مِنِّي»[2] .
وورد عن الإمام جعفر الصادق
: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ
تَزَوَّجُوا فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ
قَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَّبِعَ سُنَّتِي فَإِنَّ مِنْ سُنَّتِيَ التَّزْوِيجَ»[3] .
فالديانة الزرادشتية (المجوس) ترى الزواج واجبًا على كلّ قادر عليه[4] .
وفي التلمود اليهودي: الذي يعيش دون زواج حتى سنّ العشرين يكون ملعونًا من الرَّب.
وفي المسيحية فإنّ الزواج مندوب لأجل التجنب من خطيئة الزنا، والذي يمكنه كبح الشهوة فالأفضل له عدم الزواج، حسب أقوال بولس الذي التحق بالمسيحية بعد غياب المسيح، وبعد أن كان من أشدّ أعداء المسيحية، وإليه ينتسب أكثر الفكر والتشريعات المسيحية.
ويستند الفكر المسيحي إلى أنّ غير المتزوج وغير المتزوجة يكون اهتمامهما في رضى الرب، فإذا تزوجا انصرف الرجل إلى رضى زوجته والمرأة إلى رضى زوجها على حساب رضى الربّ.
ومن القضايا التي أثارها لوثر في ثورته على الكنيسة الكاثوليكية مناوأته للعزوبة، لذلك ترى الكنيسة البروتستانتية أنّ الزواج أشرف من التبتل[5] .
وتتشدّد الشريعة اليهودية في شروط الطلاق. أما المسيحية فإنّ المذهب الكاثوليكي يرفض الطلاق، حيث جاء في انجيل مرقس على لسان المسيح: الذي جمعه الله لا يُفرّقه إنسان.
فحتى لو انفصل الزوجان عمليًّا لا تنحلّ الرابطة الزوجية؛ لأنها أبدية لا يجوز انحلالها حال حياتهما كأبدية علاقة السيد المسيح بالكنيسة حسب تعبير الإنجيل[6] .
وفي الإسلام ورد عن النبي محمد
: «ماَ أَحَلَّ اللهُ شَيْئًا أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلَاقِ»[7] .
دور الأسرة في حياة الفرد والمجتمع
هذا الاهتمام الكبير من الأديان بالأسرة لأنها تحقق أغراضًا أساسًا في حياة الفرد والمجتمع، ومن أبرزها:
1/ العلاقة الزوجية الأسرية هي الطريق المشروع والآمن لتلبية الحاجة البيولوجية الجنسية والعاطفية. وبدون هذه العلاقة الزوجية، إما أن يعيش الانسان الكبت والحرمان الغريزي، أو الانفلات والانحراف الأخلاقي، لذلك تعتبر الأديان أنّ الزواج يحصّن دين الإنسان وأخلاقه، ورد في الحديث عنه
: «مَنْ تَزَوَّجَ أَحْرَزَ نِصْفَ دِينِهِ، فَلْيَتَّقِ اللهِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ»[8] .
2/ وعبر تكوين الأسرة يستمرّ التناسل البشري، ويتم إعداد الإنسان وتأهيله للحياة، فهي محضن تربية الإنسان وتنشئته، وفيها يتعلم لغة النطق ولغة الحياة، حيث يكتسب عادات السلوك وأساليب التعامل.
3/ والأسرة باعث الاطمئنان النفسي والاستقرار العاطفي، وحسب تعبير القرآن فهي سكن للإنسان، يقول تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [سورة الروم، الآية: 21].
4/ الأسرة خيمة يتفيّأ الإنسان ظلالها طوال حياته، حين يكون طفلًا، ويوم يغدو شابًا، وإذا ما غزاه الشيب والكبر، ولا يستغني عن عطائها مهما حقق من تقدّم ذاتي ومكانة وشخصية؛ لأنّ عطاء الأسرة يرتبط بكيانه الروحي، وبعمق وجوده العاطفي، فهي الملجأ والملاذ له في وجه الأعاصير والأزمات.
5/ كما أنّ الأسرة تعزّز الأمن والتماسك الاجتماعي. جاء في المادة السادسة عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: (الأسرة هي الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع)، ومهمة الأسرة في المجتمع هي مهمة الخلية في جسم الكائن الحي، فكلما كانت أكثر سلامة وقوة، كان الجسم كذلك.
ويرى (أوجست كونت) عالم الاجتماع الديني (توفي 1875م): أنّ الأسرة هي النواة الأولى للمجتمع، وأنّ المجتمع يتكون من أسر لا أفراد[9] ، ويرى أنّ الأسرة تتميّز قوانينها بالطبيعة الخلقية والعاطفية، أما العقلية فثانوية، بعكس قوانين المجتمع[10] .
دعامتان لنجاح الأسرة
لكي تنجح الأسر ة في تحقيق أغراضها الإنسانية، ودورها في الحياة الاجتماعية، لا بُدّ أن تقوم على دعامتين رئيسيتين، هما: المودة والرحمة.
يقول تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾، أي من علامات ودلائل الوهيته وربوبيته تعالى، ﴿أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾، أي من جنسكم، حيث قسّم الله جنس البشر إلى نوعين: ذكور وإناث، كما يقول تعالى: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ* مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ﴾ [سورة النجم، الآيتان: 45-46].
وأوجد تعالى حالة انجذاب وتكامل بين الذكر والأنثى، حيث يملأ كلٌّ منهما فراغًا وجوديًا في حياة الآخر، ويكون مصدر أنسه واستقراره الروحي والنفسي ﴿لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾.
وبذلك تتكون الحياة الأسرية، وعبرها يتم استمرار النسل البشري، وتشكيل المجتمع الإنساني.
وما يحفظ هذا التمازج والاندماج بين الزوجين، ويحمي كيان الأسرة من أيّ تصدّع واهتزاز، هو تفعيل عنصري المودة والرحمة اللذين أودعهما الله تعالى في أعماق نفس الزوجين، ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾.
وعلى الناس ألّا يغفلوا عن هذا البُعد المهم في حياتهم الاجتماعية، وهو تفعيل عنصري المودة والرحمة في العلاقات الزوجية، عليهم أن يجعلوا هذا الأمر نصب أعينهم، ومحلّ اهتمامهم وتفكيرهم، ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.
أزمات متصاعدة في الحياة الزوجية
وحين يضعف الاهتمام بمحورية المودة والرحمة في الحياة الأسرية، تكون في مهبّ رياح الاضطراب والاهتزاز.
ولعلّ ما نشهده اليوم من وجود مشكلات وأزمات متصاعدة في الحياة الزوجية لبعض أبناء هذا الجيل، ينشأ معظمها من ضعف التركيز على هذا البعد في ثقافة الحياة الزوجية.
وفي المقابل تسود النزعة الذاتية الأنانية التي من شأنها إضعاف مشاعر المودة، وأحاسيس العطف والرّحمة.
أشارت بيانات رسمية صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، في المملكة العربية السعودية إلى تسجيل ما يزيد على 57,595 حالة طلاق في عام 2024م، وهو ما يعادل وقوع 157 حالة طلاق يوميًّا، وبمعدّل حالة طلاق واحدة كلّ تسع دقائق[11] .
وكشف تقرير صحة المرأة والرعاية الإنجابية لعام 2025، الحالة الزواجية للنساء في الفئة العمرية من 15-49 سنة، أنّ نحو 50% من النساء السعوديات سبق لهن الزواج، مقابل 45% لم يسبق لهن الزواج[12]).
بين المحبة والمودة
لقد اختار القرآن الكريم في التعبير عن العلاقة العاطفية بين الزوجين مصطلحًا دقيقًا هو (المودة) ولم يستخدم هنا لفظ الحب والمحبة. حيث يشير بعض العلماء المحققين إلى فروق بين مادتي (ودّ بالضم والكسر) و (حب) في الاستعمال القرآني.
قال الفيض الكاشاني: والمودة هي من الودّ بمعنى الحبّ، وكأنّ الفرق بينها وبين الحب أنّ الحب ما كان كامنًا في النفس، وربما لم يظهر أثره، بخلاف المودة؛ فإنها عبارة عن إظهار المحبة وإبراز آثارها، من التألف والتعطف ونحو ذلك، فالحب أعمّ[13] .
وقال السيد الطباطبائي في الميزان: المودة كأنها الحب الظاهر أثره في مقام العمل، بخلافه في الحب، فقد يكون له أثر وقد لا يكون[14] .
ومن هنا كان أجر الرسالة هو المودة في القربى، ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ﴾، وهي المحبة القلبية والعملية، وليس مجرّد الحب القلبي لأهل البيت
.
وحين يقول تعالى: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ في العلاقة بين الزوجين، فإنّ المقصود هي المحبة القلبية التي يتم إبرازها وإظهارها وترجمتها عمليًّا وسلوكيًّا.
وقد ورد عن رسول الله
: «قَوْلُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ إِنِّي أُحِبُّكِ لَا يَذْهَبُ مِنْ قَلْبِهَا أَبَدًا»[15] .
الرّحمة لاستقرار الأسرة وسعادتها
والعنصر الثاني الأساس في العلاقات الزوجية، هو الرّحمة، وتعني الرقّة والعطف، بأنّ يبدي كلٌّ من الزوجين عطفه ورقته للآخر، ولا يتعامل معه بأيّ مستوى من القسوة أو الإهمال.
ولحالة التراحم بين الزوجين تجلّيات من أهمها:
أولًا: الدعم والمساندة في المشاكل والأزمات الشخصية، كالأمراض الجسمية، والصدمات العاطفية، والأزمات النفسية، وقد يتعرّض كلٌّ منهما لشيء من ذلك، فيجب أن يجد من شريكه في الحياة أفضل مساندة ودعم، لأنه الأقرب إليه من كلّ أحد.
ثانيًا: المشاركة في تحمّل أعباء الحياة الزوجية والمسؤولية العائلية، فالزوجة حينما ترى زوجها محدود الدخل، أو يمرّ بظرف ضغط اقتصادي، ويعاني في تحصيل نفقات الأسرة، فعليها أن تجتهد في التقليل من الصرف، وأن تعين زوجها ماليًّا إن كانت تستطيع ذلك، ويحدث أنّ بعض الزوجات ترهق زوجها بالطلبات الكمالية، دون أن تأخذ بعين الاعتبار ظروفه الصعبة.
والزوج حينما يرى زوجته تكافح للقيام بأعباء تربية الأبناء، وخدمة المنزل، فعليه أن يساعدها ويعينها.
ومن المؤسف أنّ بعض الأزواج يحمّلون زوجاتهم فوق طاقتهن، ولا يعذرونهن في أيّ نقص أو خلل. وهذا مظهر للقسوة وغياب لخلق الرحمة.
ثالثًا: استيعاب الخطأ وتحمّل الزلات. وسبق أن تحدّثنا أنّ وقوع الإنسان في الخطأ هي حالة ضعف، واستعرضنا النصوص الدينية التي ترشد إلى رحمة من أخطأ وأذنب.
يقول السيد محمد حسين الطباطبائي: والرحمة نوع تأثّر نفساني، عن مشاهدة حرمان المحروم عن الكمال، وحاجته إلى رفع نقيصته، يدعو الرّاحم إلى إنجائه من الحرمان ورفع نقصه[16] .
وهناك نصوص دينية كثيرة تدعو الإنسان في علاقته مع الآخرين إلى التسامي عن أخطائهم وإساءتهم إليه، فكيف بشريك الحياة، الزوج أو الزوجة؟
إنّ مقابلة الإساءة بالإحسان قد تكون أفضل وسيلة وأسلوب لامتصاص آثار الإساءة في النفس، ولتعديل سلوك الطرف الآخر.
جاء عن رسول الله
: «أَحْسِنْ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ»[17] .
وورد عن أمير المؤمنين علي
: «أَصْلِحِ الْـمُسِيءَ بِحُسْنِ فِعَالِكَ»[18] .
وعنه
: «لاَ يَحُوزُ الْغُفْرَانُ إِلَّا مَنْ قَابَلَ الْإِسَاءَةَ بِالْإِحْسَانِ»[19] .
الانفعال عند حدوث الخطأ
إنّ أسوأ شيءٍ في العلاقات الزوجية، هو الانفعال عند حدوث الخطأ، والانزلاق إلى معادلة الفعل وردّ الفعل.
إنّها حياة مفتوحة ومتداخلة بين شخصين، لكلٍّ منهما طبيعته ومزاجه، وتشير البحوث العلمية والميدانية إلى وجود خصائص مختلفة بين شخصيتي الرجل والمرأة.
وقد صدر للطبيب النفسي الأمريكي جون غراي سنة 1992م كتاب (الرجال من المريخ والنساء من الزهرة)، تناول فيه المشاكل التي قد تحدث بين الرجل والمرأة نتيجة عدم تفهّم الفروق والاختلافات في طبيعة الشخصية.
ويبيّن الكتاب أنّ المشكلة الرئيسة بين الرجال والنساء، ناتجة عن الاختلافات في طريقة تفكير كلٍّ منهما وكأنهما من عوالم مختلفة.
ومما جاء فيه: إنّ إدراك واحترام هذه الاختلافات يؤدي الى تناقص المشكلات والخلافات غير الضرورية.. فعندما يكون الرجال والنساء قادرين على أن يحترموا ويتقبّلوا اختلافاتهم، عندها تكون الفرصة سانحة ليزدهر الحب[20] .
كما أنّ الخلفية الوراثية وأجواء النشأة والتربية، قد تكون مختلفة أيضًا بين الزوجين، وطبيعة الظروف التي يعيشها كلٌّ منهما في مجال عمله وعلاقاته، قد تكون مختلفة، وكلّ ذلك يترك أثرًا على النفس والسلوك لكلٍّ منهما.
فلا بُدّ من تفعيل عنصر الرحمة في العلاقات الزوجية، لاستيعاب ما قد يحدث من سوء فهم وتفاهم، ووقوع خطأ من هذا الطرف أو ذاك، وفي بعض الأحيان قد لا يكون هناك خطأ حقيقي، بل خطأ متوهم من وحي حالة مزاجية.
يقول تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [سورة النساء، الآية: 19].
إنّ حالة الكراهة والنفور التي قد تحصل من أحد الزوجين تجاه الآخر قد تنشأ من تصورات خطأ، ومن وحي موقف انفعالي، لذلك تشير الآية الكريمة إلى ضرورة عدم الانقياد لمثل هذه الحالة والتسرع في أنهاء العلاقة الزوجية، بل التفكير بموضوعية في الآثار والنتائج الإيجابية لاستمرار الكيان العائلي، ومن أظهر الآثار حماية الأبناء من تداعيات انفصال الأبوين.
وفي هذا السياق لا يصح التركيز من أحد الزوجين على بعض السلبيات، والتنكر للإيجابيات عند الطرف الآخر.
جاء عن رسول الله
: «لَا يَفْرَكْ[21] [أي لا يبغض أو يكره] مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ»[22] .
وعن الإمام جعفر الصادق
: «أَيُّمَا اِمْرَأَةٍ قَالَتْ لِزَوْجِهَا مَا رَأَيْتُ قَطُّ مِنْ وَجْهِكَ خَيْرًا فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهَا»[23] .
إنّ على الرجل والمرأة أن يسعى كلٌّ منهما لتحمّل نقاط ضعف الطرف الآخر، ورد عن رسول الله
: «مَنْ صَبَرَتْ عَلَى سُوءِ خُلُقِ زَوْجِهَا أَعْطَاهَا اللهُ مِثْلَ ثَوَابِ آسِيَةَ بِنْتِ مُزَاحِمٍ»[24] .
وعنه
: «مَنْ صَبَرَ عَلَى خُلُقِ امْرَأَةٍ سَيِّئَةِ الْخُلُقِ وَاحْتَسَبَ فِي ذَلِكَ الْأَجْرَ أَعْطَاهُ اللهُ ثَوَابَ الشَّاكِرِينَ»[25] .
وعن إسحاق بن عمار: قلت لأبي عبدالله [الإمام جعفر الصادق
]: مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا الَّذِي إِذَا فَعَلَهُ كَانَ مُحْسِنًا؟ قَالَ
: «يُشْبِعُهَا وَيَكْسُوهَا، وَإِنْ جَهِلَتْ غَفَرَ لَهَا، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ
، كَانَتِ اِمْرَأَةٌ عِنْدَ أَبِي
تُؤْذِيهِ فَيَغْفِرُ لَهَا»[26] .
إنّ سعادة الحياة الزوجية لا تتحقق بفرض القوانين، ولا بالتشبّث بالحقوق المتقابلة أو الواجبات المتبادلة، وإنّما بسيادة مشاعر المودة والرحمة وتنمية روح العطاء والإيثار.
وما أحوج مجتمعاتنا إلى بثّ هذه الثقافة، والتأكيد عليها عبر الخطاب الديني، ومناهج التعليم العامة، ووسائل الإعلام، والتنشئة العائلية.






