الرهان على الخارج خسارة للوطن
اطلعت على مقال الأستاذ محمد عبد الله ناب جزاه الله خيراً المنشور يوم الاثنين بتاريخ 28 أبريل 2003م على صفحات موقع إيلاف. وإني إذ أشكر له حسن ظنه وتقويمه الطيب لحديثي عن «السلم الاجتماعي مقوماته وحمايته» لأود إلفات نظره الكريم إلى أن الملاحظة التي بنى عليها نقده حول تصريحاتي لوكالة «رويتر» إنما استندت إلى العنوان –المانشيت- الذي استخدمته الوكالة ونصه «سقوط صدام قد يساعد الشيعة في السعودية»ولو قرأ نص كلامي الذي نقلته الوكالة بعد العنوان لأدرك أن حديثي يتفق مع الفكرة التي طرحها فقد قلت: « إن بروز الشيعة في العراق يساعد في تعرف الناس في المملكة هنا أكثر على الشيعة. يعرفون الشيعة أحسن ويرون الشيعة بشكل أوضح وأنهم لا يختلفون عن بقية المسلمين وأن التصورات الخاطئة التي عندهم عن الشيعة ينبغي أن يتجاوزوها» هذا هو نص كلامي وهو يدل بوضوح على أن جذور المشكلة الطائفية تتمثل في سوء الفهم المتبادل، والتصورات الخاطئة عند كل طرف تجاه الآخر. وأن تعبير الشيعة في العراق عن أنفسهم سيساعد في تصحيح صورة الشيعة ومذهبهم في المنطقة والعالم العربي بشكل أفضل.
أما في حديثي لقناة الجزيرة فقد أجبت على سؤال تأثير سقوط صدام على أوضاع الشيعة، بأن ما حدث في العراق سيدعو كل الأنظمة والواعين إلى تلمّس الخلل والثغرات في واقعهم على الأصعدة المختلفة وإن ذلك لا يختص بأوضاع الشيعة.
وأشرت إلى أن سمو ولي العهد قدم مبادرة لإصلاح البيت العربي قبيل وقوع الحرب. وكررت في حديثي للعربية والجزيرة أن معالجة موضوع الشيعة يجب أن تكون في الإطار الوطني وأنهم جزء لا يتجزأ من وطنهم وليس لهم ولاء لغيره ولا خيار سواه.
ولا أدري كيف اكتفى الأستاذ الكريم بالعنوان العام الذي لا أتحمل مسؤوليته ولم يلتفت إلى نص الحديث.
إنني أومن بعمق أن الرهان على الخارج خسارة للوطن وللمستقبل، وأتمنى أن تتجه الإرادة الرسمية والشعبية في بلاد المسلمين إلى معالجة مشاكلهم داخلياً، وأن لا يعطوا الفرصة لأي جهة أجنبية لن تهمها إلا مصالحها، ولن تخدم إلا غاياتها. وما يحصل في العراق الآن خير برهان ودليل.
وإيماني والتزامي بهذا الموقف هو الذي دفعني للانحياز إلى وطني إثناء حرب الخليج الثانية، وإعلاني عن تغيير مسار تحركي السياسي، والعودة إلى البلاد ورفض التعاطي مع الجهات التي كانت تريد توظيف موقعنا السابق بالاتجاه الأخر لمصلحة الوطن.
وأدرك جيداً أن مسؤولية الواعين من أبناء الوطن والأمة تكثيف الجهد لكي تتجاوز مجتمعاتنا واقع النزاع المذهبي والخلاف الطائفي، والذي يشكل ثغرة في جدار أمن الوطن ومستقبل الأمة.
وأكرر شكري للأستاذ الكريم وإعلان اتفاقي معه بأن هناك جذوراً ثقافية تاريخية للمشكلة الطائفية، نأمل أن تشجع الحكومة معالجتها بنشر ثقافة التسامح وإتاحة الفرصة للانفتاح الفكري، ليتعرف الجهات على بعضها، وليعيش المساواة تحت سقف قانون واحد، يساعد على دمج المواطنين في بوتقة الوطن.
حسن الصفار
28 ابريل 2003م