العمل التطوعي في خدمة المجتمع
تواجه الإنسان في هذه الحياة مسؤوليات كبيرة تنتظم في عدة دوائر، فهو مسؤول بالدرجة الأولى عن نفسه لتسيير شؤون حياته، وتوفير متطلباته الذاتية مادية ومعنوية، ثم هو مسؤول عن عائلته وأسرته، بأن يتكفل باحتياجاتهم ويرعى مصالحهم، وباعتباره جزءاً من مجتمعه ومحيطه، فهو معني بالشأن الاجتماعي العام، ولأنه ينتمي إلى الدائرة الإنسانية، فلا بد له من تحمل مسؤولياته على الصعيد الإنساني العالمي.
ولكن هل الإنسان قادرٌ ومؤهلٌ للقيام بهذه المسؤوليات في دوائرها المتعددة؟ وعلى جبهاتها المختلفة؟
نعم وبكل تأكيد فقد هيأه الله تعالى ليكون خليفته في الأرض، ومنحه قدرات عقلية ونفسية هائلة، يستطيع بها أن يسخّر إمكانات الحياة والكون، وأن يحقق أضخم الإنجازات، ويؤدي أكبر الأعمال والمهام، ولسنا بحاجة إلى أدلة وبراهين نظرية لإثبات هذه الحقيقة، لأننا نرى مصاديقها في الواقع الخارجي، فتاريخ البشرية في الماضي والحاضر يحفل بشخصيات قيادية لامعة، قامت بأدوار عظيمة على مستوى العالم، وتجاوزت حدود ذواتها، وإطار عوائلها، ونطاق مجتمعاتها، وأصبحت في موقع الريادة والتأثير على صعيد الإنسانية جمعاء والعالم كله.
فالإمكانية والمؤهلات متوفرة لدى الإنسان لتحمل كل هذه المسؤوليات، شرط الإدراك والوعي، وإرادة التصدي، وبذل الجهد والنشاط، وهنا يتفاوت الناس، فهناك من يفتقد الوعي والإدراك حتى لمسؤليته تجاه نفسه، ويقصّر في خدمة ذاته، ويصبح عبئاً وكلّاً على الآخرين يحمّلهم مشاكله، ويعتمد عليهم في معالجة قضاياه، وهناك من يتعاجز أو يعجز عن القيام بمهام أسرته وعائلته، لقصور في وعيه، أو تقصير في حركته وأدائه، كما أن هناك من لا يبالي بواقع مجتمعه ولا دور له في خدمته. وفي مقابل هذه الحالات توجد صور مشرقة ونماذج رائعة، لأناس يمتلكون الوعي والإدراك لمسؤولياتهم الذاتية والعائلية والاجتماعية والإنسانية، فيقومون بأدوار كبيرة، ويقدمون خدمات جليلة.
ويتحدث القرآن الكريم مقارناً بين هاتين الصورتين المتناقضتين لمن يعجز حتى عن خدمة نفسه، ويكون عبئاً على غيره، ولمن يجسّد الفاعلية والحركة الدائبة بالاتجاه الصحيح، ساعياً لتوجيه الآخرين وقيادتهم، يقول تعالى:
﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ، وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاَهُ، أَيْنَمَا يُوَجِّهُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ، هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ، وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [1] .
وإذا كان تحمل المسؤولية ضمن دائرة الذات و العائلة أمراً يفرض نفسه على الإنسان، لأن متطلبات الحياة الشخصية، والالتزامات العائلية، تضغط عليه بشكل مباشر، كما تنعكس عليه مردودات ونتائج حركته في هذا الاتجاه بصورة فورية، لذلك لا يكاد يفلت من دائرة هذه المسؤولية إلا الشاذ النادر، فإن المعادلة على العكس من ذلك تماماً فيما يتعلق بتحمل المسؤولية تجاه المجتمع، حيث لا ينبري ولا يتصدى لها إلا ثلة قليلة من الواعين المخلصين.
وتكمن جملة من الأسباب وراء الظاهرة العامة للعزوف عن العمل في الخدمة الاجتماعية منها:
1- الاستغراق في الحالة الذاتية، فينصرف الإنسان إلى خدمة مصالحه الذاتية المباشرة، ولا يرى نفسه معنياً بخدمة مصالح الآخرين.
2- تعدد الاهتمامات والانشغالات وخاصة في هذا العصر، حيث لم تعد الحياة ببساطة الماضي، ومحدودية آفاقه، فقد اتسعت دائرة المستلزمات المعيشية ووسائل الراحة والرفاه، وأصبحت تربية الأولاد ومتابعة تعليمهم تأخذ وقتاً وجهداً كبيراً من المهتمين بمستقبل أبنائهم، كما أن البرامج الإعلامية المتطورة عبر البث المباشر، ووسائل الاتصالات المتقدمة كالإنترنت، تقتطع من أوقات المنجذبين والمنشدين إليها الشيء الكثير.. وهكذا يعيش الإنسان في دوامة من الالتزامات والاهتمامات التي تصرفه وتشغله عن التوجه للعمل في ميادين خدمة المجتمع.
3- وتعترض طريق العمل في الخدمة الاجتماعية العديد من المعوقات والمثبّطات في غالب بلدان ومجتمعات العالم الثالث، فالقوانين والأنظمة غير مشجعة، والروتين السائد يضاعف العناء والمشقة، والمواقف السلبية التي يتخذها البعض من الناس تجاه العاملين تسبب الإحباط والانزعاج.. بينما تتوفر أمام الراغبين في الخدمة العامة للمجتمعات المتقدمة، كل وسائل التشجيع وأجواء التقدير والدعم.
صحيح أن العمل التطوعي لخدمة المجتمع يأخذ من الإنسان وقتاً وجهداً قد يكون في حاجة إليه لشؤونه الذاتية، وأنه يحمّله أعباءً ومسؤوليات مرهقة، ويضعه في مواقف حرجة بعض الأحيان، إلا أن له نتائج ومكاسب عظيمة، إذا أدركها الإنسان استسهل كل الصعوبات، واستعذب كل المشاق.
أولاً: يحقق السعي في خدمة المجتمع وقضاء حوائج الناس، راحة نفسية وسعادة معنوية كبيرة، ففي أعماق الإنسان ميول ونوازع خيّرة، وبين جنبيه ضمير أخلاقي حسّاس، وإذا ما أنجز الإنسان أي خدمة تطوعية، أنقذ بها محتاجاً، أو أعان ضعيفاً، أو ساعد مظلوماً، فإن ذلك يسعد ضميره، وينعش أحاسيسه النفسية، ويشعره بالكثير من السعادة واللذة الروحية.
ثانياً: العمل الاجتماعي ينمّي عند الإنسان قدرات ذهنية ومهارات ومؤهلات سلوكية، تزيد من نقاط قوة شخصيته، حيث يكسبه الخبرة والتجربة، ويجعله أكثر معرفة وإحاطة بواقع المجتمع الذي يعيش ضمنه، والظروف التي تكتنفه.
ثالثاً: وبمقدار ما يؤدي الإنسان من دور اجتماعي، يأخذ موقفاً، وينال مكانة، في وسط المجتمع، وتتسع دائرة علاقاته وارتباطاته، وتظهر مواهبه وكفاءاته.
رابعاً: إن وجود مؤسسات الخدمة الاجتماعية، وإرساء قواعد التعاون والتكافل الاجتماعي، يوفر الاطمئنان في نفس الإنسان على مستقبله ومستقبل ذويه، حيث هو معرّض لحالات الضعف، وحدوث المشاكل والمخاطر، التي قد لا يستطيع مواجهتها بإمكانياته الذاتية، فعمله وأمثاله هو الذي يصنع الضمانات لتوفير الدعم والمساندة، عند الحالات الطارئة لأبناء المجتمع.
ولعل هذا ما تشير إليه الآية الكريمة في قوله تعالى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا﴾ [2] .
فإذا كنت مهتماً بمستقبل أبنائك الصغار من بعدك، فاجتهد في إقرار نظام تكافل اجتماعي، لحماية الأيتام، وخدمة مصالحهم، وذلك خير ضمانة لأطفالك، لو احتاجوا إلى الحماية والرعاية لا قدّر الله.
وبنفس المضمون نفهم ما قاله رسول الله : «وتحنّنوا على أيتام الناس يُتحنّن على أيتامكم». فإضافة إلى الدور الغيبي، هناك الأثر الاجتماعي الواضح المتمثل في تكريس العادات والسنن الطيبة الحسنة.
خامساً: والإنسان المؤمن يدفعه إلى التطوع لخدمة الناس تطلعه إلى ثواب الله تعالى وجزائه، حيث تؤكد النصوص الدينية، على أن خدمة الناس والسعي في قضاء حوائجهم، هو من أفضل الأعمال التي تقرّب الإنسان إلى ربه، وتوجب له المزيد من ثوابه ورضوانه.
روي عن رسول الله أنه قال: «من قضى لمؤمن حاجة قضى الله له حوائج كثيرة أدناها الجنة»[3] .
وتؤكد نصوص كثيرة على أن مساعدة الناس وخدمتهم أرجح فضلاً عند الله تعالى من العبادات والنوافل، كالحديث المروي عنه : «من قضى لأخيه المؤمن حاجة كان كمن عبد الله دهراً»[4] ، وعنه : «من مشى في عون أخيه ومنفعته فله ثواب المجاهد في سبيل الله»[5] .
وورد في حديث عن الامام جعفر الصادق : «قضاء حاجة المؤمن افضل من الف حجة متقبلة بمناسكها وعتق الف رقبة لوجه الله»[6] .
التطوع لغة: تفعّل من الطاعة. وهو ما تبرع به من ذات نفسه مما لا يلزمه فرضه[7] . وفي الاصطلاح الشرعي: يطلق على الأعمال والعبادات التي يحبذها الشرع دون أن يعتبرها فرضاً واجباً على المكلف، وهي النوافل والمستحبات، يقول تعالى: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ [8] . أي من زاد على المقدار الواجب.
أمّا على الصعيد الاجتماعي فيقصد من التطوع: ذلك الجهد أو الوقت أو المال الذي يبذله الإنسان في خدمة مجتمعه دون أن يُفرض عليه، ودون انتظار عائد مادي في المقابل.
والتطوّع الآن ظاهرة إيجابية منتشرة في أغلب المجتمعات الإنسانية، وقد أصبحت مادة لتخصص علمي، يدرس دوافعها وآثارها ومعوقاتها وسبل تطويرها، ويرصد تجاربها وأساليبها.
فإلى جانب المؤسسات الرسمية الحكومية، هناك منظمات ومؤسسات أهلية تطوعية تقوم بالعديد من الأنشطة والمهام في سبيل خدمة القضايا الإنسانية والاجتماعية، وفي إحصائية عن عقد الثمانينات، بلغ عدد المنظمات والهيئات غير الحكومية حوالي50 ألف منظمة وهيئة في البلدان النامية فقط، تعمل في الميادين التنموية المختلفة، ويقدر عدد الأفراد المستفيدين من خدماتها حوالي (100مليون نسمة).
وتعج المجتمعات الغربية بالكثير من المؤسسات والهيئات التي تعمل في مجالات الخدمة الاجتماعية والإنسانية داخل بلدانها وعلى مستوى العالم، ففي أمريكا وحدها هناك (32.000) مؤسسة خيرية بلغت ممتلكاتها عام 1989م أكثر من (138) مليار دولار. كما وشارك في العمل التطوعي حوالي (93) مليون أمريكي يشكلون نسبة 30% من مجمل الأمريكيين، ينفقون سنوياً (20) بليون ساعة في العمل التطوعي لصالح الأطفال والفقراء والتعليم وقضايا أخرى[9] ، كما يقدر معدل التبرع المالي لكل أمريكي (500) دولار سنوياً. وقبل سنتين تبرع الأمريكي" تيد تورنر" مؤسس (CNN) بثلث ثروته إلى المنظمات الإنسانية في الأمم المتحدة ويساوي مبلغ مليار دولار. وقال "تورنر" في بيان التبرع أن زوجته شاركته في القرار وفرحت به، ويعني بذلك أنها لم تعترض ولم تقل له: مالنا وللأمم المتحدة وليبق المليار دولار لأولادنا!
وكانت عائلة "روكفلر" قد تبرعت قبل نصف قرن بالأرض التي أنشئ عليها مبنى المنظمة الدولية الأمم المتحدة.
وواضح أن لسيادة هذه الروح التطوعية الجماعية أثر كبير في تقدم المجتمع الأمريكي، فعندما زار" إلكسيس توكفيل" الكاتب الفرنسي الولايات المتحدة في منتصف القرن التاسع عشر لاحظ أن الأمريكيين يشاركون في كثير من الجمعيات التي ينظمونها لخدمة أغراض مجتمعاتهم: زراعية ومالية ودينية واجتماعية وجمعيات من كل نوع وفي كل اتجاه. وعلّق "توكفيل" على هذا معتبراً أن هذه الجمعيات تمثل خاصتين جديدتين في المجتمع الأمريكي ستؤديان إلى تقدمه بسرعة متفوقاً بذلك على أوربا، التي كانت تسيطر على العالم في ذلك الوقت. هاتان الخاصتان هما فن التنظيم الاجتماعي، والرغبة في العمل الجماعي الطوعي وغير الطوعي[10] .
وجاء في تقرير حديث لجمعية فرنسا للشؤون الاجتماعية أن 10ملايين ونصف المليون فرنسي يتطوعون في نهاية الأسبوع للمشاركة في تقديم خدمات اجتماعية مختلفة تخص الحياة اليومية، من مجالات التربية والصحة والبيئة والثقافة والترفيه وغيرها.
وتتراوح أعمار 51 % من المتطوعين ما بين الخامسة والثلاثين والتاسعة والخمسين. ويمثل الطلبة نسبة 21% وتتراوح أعمار المتطوعين منهم ما بين 18 و25 عاماً [11] .
وتنطلق الاعمال التطوعية في تلك المجتمعات من الدوافع الخيّرة الموجودة في اعماق كل انسان، ومن تقدم مستوى الوعي الاجتماعي، وبعضها لاغراض مصلحية، ومكاسب مادية.
يفترض أن تشهد مجتمعاتنا الإسلامية إقبالاً على العمل التطوعي الاجتماعي اكثر من المجتمعات الغربية، لما في تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف من حث كبير على نصرة المظلومين، ومساعدة الفقراء، وخدمة المحتاجين، حتى اعتبر القرآن الكريم ذلك مقياساً لصدق التدين، وأن من لا يهتم بمناطق الضعف في المجتمع، كاذب في تدينه، وإن تظاهر بطقوس الدين وشعائره، يقول تعالى:﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ. وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ [12] .
إضافة إلى الحاجات الكبيرة في مجتمعاتنا والتي تتطلب الكثير من الجهود والطاقات لتلبيتها ومعالجتها، فهناك حالات الفقر والعوز، ومشاكل العلاقات والخلافات الاجتماعية، وقضايا التعليم والتوجيه الديني والسلوكي، وأمور البيئة، وأوضاع المحتاجين إلى الرعاية من مسنين ومعوقين وأيتام، إلى سائر مناطق الحاجة والفراغ.. إن كل ذلك يستلزم تعبئة الجهود والطاقات، وشحذ العزائم والهمم، لسدّ النواقص وتنمية المجتمع وتطويره.
وقد تأسست بحمد الله في مجتمعنا مؤسسات خيرية اجتماعية كالنوادي الرياضية، والجمعيات الخيرية، ولجان كافل اليتيم، وصناديق الزواج الخيري، ومهرجان الزواج الجماعي، وهيئات ولجان للنشاط الديني والثقافي، ومع التقدير والامتنان للجهود الطيبة التي يبذلها القائمون على العمل في هذه المؤسسات التطوعية، إلا أننا نلحظ أن درجة الإقبال على العمل التطوعي ضمن هذه المؤسسات لا يزال محدوداً وغير متناسب مع التوجه الديني لمجتمعنا والحاجات الملحة القائمة بالفعل.
وتتضح هذه الحقيقة في قلة انضمام عناصر جديدة لإدارات هذه المؤسسات، وضعف رفد لجانها ومجالات عملها بالطاقات والكوادر التي تطوّر مسيرة العمل، وتواصل تقدمه.
إن بعض الجمعيات الخيرية تواجه مأزقاً وحرجاً عندما يحين موعد انتخاب أعضاء لإدارة جديدة، حيث لا يتقدم أحد لترشيح نفسه، أو لا يكون عدد المتقدمين كافياً للمواقع الشاغرة في الإدارة!!
إنه أمر مؤسف جداً حيث يعجّ مجتمعنا بالطاقات والكفاءات، والعناصر المؤمنة والواعية، فلماذا الإحجام عن التصدي للمسؤوليات الاجتماعية؟ ولماذا نتقاعس عن دعم هذه المؤسسات الخيرية التي تشكل تجسيداً لمبادئ التعاون والتكافل والتراحم الاجتماعي؟
يعتذر البعض من الناس بانشغالاتهم والتزاماتهم الدراسية أو العملية والعائلية عن المشاركة في العمل الاجتماعي، لكن هذا العذر غالباً ما يكون وسيلة وتبريراً للتهرب عن المسؤولية، وإلاّ فإنّ العاملين فعلاً في المؤسسات الخيرية، ليسوا خالين من الالتزامات، ولا عاطلين عن العمل..
إن الإنسان إذا امتلك التطلع لثواب الله ورضوانه، وأدرك مسئوليته الدينية والاجتماعية، فإنه بحاجة إلى شيء من تنظيم وقته، وهندسة اهتماماته وأولوياته، فالكثيرون يضيعون أوقاتهم وجهودهم في أمور وقضايا ثانوية هامشية بينما يعتذرون بعدم الفرصة للقيام بواجباتهم الاجتماعية..
إن تنظيم الوقت، والحرص على الانضباط الدقيق يعطي للإنسان مجالاً كبيراً للإنجاز واستثمار حياته، والذين يقومون بالأعمال الكثيرة، ويحققون النتائج الهائلة في حركتهم ونشاطهم، لا يفعلون المعجزات، وإنما يحسنون الإدارة والتنظيم لأوقاتهم.
كما أن الاستعداد للتضحية وبذل الجهد في سبيل خدمة المجتمع أمر مطلوب يفرضه وعي الإنسان والتزامه الديني، وانتماؤه الاجتماعي.
وقد يعتذر البعض بما قد يسبب لهم العمل الاجتماعي من إشكاليات واعتراضات من قبل هذه الجهة أو تلك، لكن المؤمن الواعي يعرف أن الأجر والثواب يستلزم تحمل الأذى والمشاق، والمصلحون طوال التاريخ كانوا عرضة للاتهام والتجريح، لكن ذلك يصدر من الجهلة أو المغرضين، ولا يفتّ من عضد العاملين المصلحين.
اننا ندعو العناصر الواعية والمخلصة من ابناء المجتمع للالتفاف حول هذه المؤسسات الخيرية الاجتماعية، وان ينخرطوا فيها، ويتحملوا اعباء ادارتها وتطويرها، واذا كانت للبعض اشكالات على برامج هذه المؤسسات، فليمارسوا التصحيح والتغيير من داخلها، انها توفر الفرصة المناسبة للتعاون على البر والتقوى، وللتدريب على اكتساب روح العمل الجمعي، وتكاتف القدرات والكفاءات، كما تساعد في معالجة الكثير من المشاكل والمصاعب التي تعيشها الفئات الضعيفة في المجتمع.