المرأة إذ تطالب بحقوقها «2»
كيف تعالج المرأة في مجتمعاتنا هذا التناقض والتباين، بين ما تسمعه عن الإسلام من إنصاف للمرأة، وإقرار لحقوقها، وبين ما تعيشه في الواقع الاجتماعي المعنون بالإسلام من تجاهل وتهميش وظلم؟
إن ذلك يتطلب من المرأة أن تنفتح على الإسلام مباشرة، بقراءته في مصادره وينابيعه الرئيسية الصافية، المتمثلة في القرآن الكريم، والسنة المطهرة الشريفة، وفي حياة المسلمين الأوائل، وأن تتجاوز حجب التفسيرات والإضافات والتراكمات، التي حصلت في عصور التخلف المتأخرة، من تاريخ الفكر والفقه الإسلامي.
لقد سررت جداً، حينما قرأت في إحدى المجلات: أن امرأة مسلمة معاصرة، أنهت كتابة تفسير كامل للقرآن الكريم، وطبعته تحت عنوان (المبصر بنور القرآن) في عشرة مجلدات، يضم كل واحد منها تفسير ثلاثة أجزاء من كتاب الله عز وجل، هي نائلة هاشم صبري من فلسطين، والتي أشارت إلى أن هناك من حاول تثبيطها وثني عزيمتها عن الاستمرار في كتابة التفسير، إلاّ أن صدور الأجزاء الأولى منه أثبت لهم جدارتها ونجاحها في تقديم عمل جيد متميّز[1] .
ولعل سبب تثبيطهم لها في البداية استكثارهم عليها كامرأة أن تقوم بهذه المهمة التي طالما احتكرها الرجال.
للأسف فإني لم أطلع بعد على هذا التفسير، لكني مسرور لهذا التوجه الجميل، بانفتاح المرأة على المصدر الأساس لدين الله، وأتمنى حصول حركة فكرية فقهية أصيلة في أوساط بنات الإسلام، ليقمن بدورهن في تجلية مفاهيم الدين، ونشر تعاليمه وأحكامه، بلغة عصرية حديثة، وبمنهجية علمية واقعية. إننا في انتظار المرأة الفقيهة التي تكتب دورة كاملة في الفقه الإسلامي.
إن انفتاح المرأة على الدين في منابعه النقية، سيكشف لها عمق الظلم الذي مورس بحقها باسم الدين، وهو ظلم للدين نفسه أيضاً، وسيوضح أمامها مدى عظمة الإسلام وإنسانيته، وتقديره لمكانة المرأة ودورها في الحياة.
بيد أن إدراك المرأة لمفاهيم الإسلام وأحكامه، ووعيها بحقوقها ضمن تشريعاته وتعاليمه، ما هي إلا خطوة أولى، والتي يجب أن ترافقها خطوة أخرى، باتجاه تفعيل هذه البرامج الإسلامية عملياً، وتغيير واقع المرأة الاجتماعي على ضوئها.
وذلك يقتضي أن تتوفر المرأة المسلمة على الثقة بذاتها، وأن تتحلى بالجرأة والإقدام للمطالبة بحقوقها، في إطار تعاليم الإسلام وآدابه.
ربما يرفض أكثر الرجال تشجيع المرأة على الثقة بالذات والمطالبة بالحقوق، ويرون ذلك بمثابة دعوة لها إلى التمرد، وتخريباً لطبيعة شخصيتها الناعمة اللينة.
بيد أن القضية أخطر وأعمق من ذلك بكثير، إنها ترتبط بتحد صارخ تواجهه مجتمعاتنا أمام النموذج الغربي، والذي يُسوّق كمشروع إنقاذ للمرأة، ويستقطبها باعتباره الطريق إلى تحرير شخصيتها، وإعزاز موقعيتها في الحياة.
فإذا وجدت المرأة نفسها أمام خيارين: السكوت على واقع التخلف والتهميش الذي تعيشه، أو الاستجابة لدعوات التحرر والانطلاق، وفق ما يطرحه النموذج الغربي، فإن هذا الخيار الثاني سيكون الأقدر على الجذب والاستقطاب.
والأهم من ذلك مسئوليتنا الشرعية في صدق الالتزام بمبادئ الإسلام وتعاليمه، كما يريدها الله تعالى، لا أن نحوّرها ونكيفها وفق مصلحة هذه الشريحة على حساب شريحة أخرى.
فلا يصح للرجال أن يدافعوا عن واقع خاطئ، وأن يكتموا أحكام الشرع ويستروها، من أجل أن يكونوا في موقع أقوى تجاه المرأة.
علينا أن نستنطق الإسلام نفسه، لنرى موقعية المرأة ضمن مشروعه الاجتماعي، والمدى الذي يتيحه لها من أجل الدفاع عن مصالحها، ونيل حقوقها.
وعلى هدي النصوص الدينية، ووقائع العصر النبوي، وسيرة قادة الأمة في العهد الإسلامي الأول، يمكننا أن نتبين رؤية الإسلام وتوجيهه في هذا المجال، هل يفضّل للمرأة أن تسكت على واقعها إذا كان متخلفاً، وأن تخضع للوضع المعاش على حساب كرامتها وحقوقها؟ أم يفسح لها مجال الطموح للتغيير، ويشجعها على التطلع لتحقيق مصالحها المادية والمعنوية؟
أمامنا في هذا البحث بعض النصوص والوقائع التي يمكن الاستضاءة بها في معالجة الموضوع.
فطرة الإنسان، وثقته بعدالة الشارع، وكمال التشريع الإلهي، تدفعه للبحث عن الحل والعلاج، لأي معضلة تواجهه، أو محنة يتعرض لها في حياته الاجتماعية.
فإذا ما وجد فراغاً تشريعياً في قضية من القضايا، عليه أن يعود إلى مصادر التشريع جاداً مجتهداً، للحصول على الحكم المطلوب لملئ ذلك الفراغ، ومعالجة ذلك المعضل.
يتحدث القرآن الكريم عن امرأة واجهت هذا التحدي في بدء تكوين المجتمع الإسلامي، حيث كانت لا تزال بعض الأعراف والتقاليد الجاهلية حاكمة سائدة، لأن التشريع كان يتكامل تدريجياً.
رأت هذه المرأة أن الحكم السائد في القضية التي واجهتها يضر بمصلحتها، ويهدد مستقبلها ومستقبل عائلتها بالضياع والدمار، فلم تسكت على ذلك، ولم تقبل الخضوع لعرف وتقليد يلحق بها الظلم والأذى، فانطلقت نحو جهة التشريع، النبي محمد ، تعلن معارضتها ورفضها القبول بالعرف السائد، وتطالبه بتشريع عادل يعالج مشكلتها وأمثالها بواقعية وإنصاف، وحينما اعتذر لها النبي بأنه بعد لم ينزل عليه وحي حول الموضع، لم يقنعها ذلك، ودخلت معه في نقاش وجدال، تلحّ وتضغط لجهة الإسراع في وضع حل صحيح.
لم ينهرها النبي ، ولم يغضب من جدالها وإصرارها، ولا استنكر عليها المطالبة والشكوى لحماية مصالحها، بل إن الله تعالى أشاد بموقفها وخلّده بأن جعله عنواناً لسورة كاملة في القرآن الكريم، تبدأ بالحديث عن المشكلة التي طرحتها تلك المرأة، وتضع التشريع الإلهي لمعالجتها، وهي السورة رقم 58 واسمها سورة (المجادَِلة) بفتح الدال إشارة إلى حادثة الجدال، أو بكسرها وهو القراءة المعروفة إشارة إلى المرأة صاحبة الموقف.
تبدأ السـورة بقولـه تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾[2] .
قال أكثر المفسرين: إن تلك المرأة صحابية من الأنصار اسمها (خولة بنت ثعلبة بن مالك الخزرجية) وزوجها أوس بن الصامت، وكان شيخاً كبيراً، قد ساء خلقه، فدخل عليها يوماً، فراجعته بشيء، فغضب، فقال: أنت عليّ كظهر أمي، وكان الرجل في الجاهلية، إذا قال ذلك لامرأته حرمت عليه، ويسمى ظهاراً، ولأنه أول حادث من نوعه في المجتمع الإسلامي، ولم يكن قد نزل حولـه تشريع، فإن الحكم السابق يبقى ساري المفعول في عرف المجتمع.
ورغم أن الزوج قد تراجع عن كلامه، لكن التراجع لا يجدي وقد انتهت إلى الأبد العلاقة الزوجية بينه وبين زوجته.
فأتت الزوجة (خولة) رسول الله وقالت: يا رسول الله إن أوساً تزوجني وأنا شابة مرغوب فيّ، فلما خلا سنّي، ونثرت بطني -أي كثر ولدي- جعلني عليه كأمه، وتركني إلى غير أحد، فإن كنت تجد لي رخصة يا رسول الله، تنعشني بها وإياه فحدثني بها؟
قال :« والله ما أمرت في شأنك بشيء حتى الآن.»
وفي رواية: «ما أراك إلا قد حرمت عليه.»
قالت: ما ذكر طلاقاً. وجادلت رسول الله مراراً. ثم قالت: اللهم إني أشكو إليك شدة وحدتي، وما يشق علي من فراقه.
وفي رواية قالت: أشكو إلى الله تعالى فاقتي، وشدة حالي، وإن لي صبية صغاراً، إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلي جاعوا!!
وجعلت ترفع رأسها إلى السماء وتقول: اللهم إني أشكو إليك، اللهم فأنزل على لسان نبيك. وما برحت حتى نزل القرآن فيها. فقال :« يا خولة ابشري.» قالت: خيراً؟ فقرأ عليها أوائل آيات سورة المجادلة، والتي تتضمن تشريعاً جديداً، يتيح للزوج التراجع عن تحريم زوجته عليه بتشبيهه لها بأمه، شريطة أن يقوم بالتكفير عن ذلك، بعتق إنسان مستعبد، فإن لم يستطع يصوم شهرين متتابعين، فإن لم يكن قادراً يطعم ستين مسكينا. وعند ذلك يستعيد علاقته الزوجية. يقول تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهـِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُـمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالـُوا فَتَحْرِيـرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظـُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَـبـِـيرٌ. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيـَامُ شَهْرَيـْنِ مُتَتـَابِعَيْنِ مِنْ قَبـْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَــطِعْ فَإِطْعـَامُ سِتِّـينَ مِسْكـِينًا﴾[3] .
أصبحت هذه المرأة الجريئة التي طالبت بتشريع يحمي حقوقها ومصالحها، ذات موقعية واحترام في وسط المسلمين، بعد أن خلّد موقفها الذكر الحكيم.
ينقل السيد الآلوسي في تفسيره أنه (كان عمر (رضي الله عنه) يكرمها إذا دخلت عليه، ويقول: قد سمع الله تعالى لها، وروى ابن أبي حاتم، والبيهقي في الأسماء والصفات أنها لقيته (رضي الله عنه)، وهو يسير مع الناس، فاستوقفته فوقف لها، ودنا منها، وأصغى إليها، ووضع يده على منكبيها، حتى قضت حاجتها وانصرفت، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين حبست رجال قريش على هذه العجوز؟ قال: ويحك أتدري من هذه؟ قال: لا، قال: هذه امرأة سمع الله تعالى شكواها من فوق سبع سموات، هذه خولة بنت ثعلبة، والله لو لم تنصرف حتى الليل ما انصرفت حتى تقضي حاجتها. وفي رواية للبخاري في تاريخه: أنها قالت: قف يا عمر. فوقف فأغلظت له القول. فقال رجل: يا أمير المؤمنين ما رأيت كاليوم! فقال: وما يمنعني أن استمع إليها وهي التي استمع الله تعالى لها فأنزل فيها ما أنزل)[4]
وجميل ما قاله الشيخ ابن عاشور عند تفسيره لسورة المجادلة: (افتتحت آيات أحكام الظهار بذكر سبب نزولها، تنويهاً بالمرأة التي وجَّهت شكواها إلى الله تعالى، بأنها لم تقصّر في طلب العدل في حقها وحق بنيها. ولم ترض بعُنجهية زوجها وابتداره إلى ما ينثر عقد عائلته دون تبصّر ولا روية، وتعليماً لنساء الأمة الإسلامية ورجالها، واجب الذوذ عن مصالحها)[5] .
فرص العلم والمعرفة في مختلف مستوياتها، يجب أن تتاح للنساء كما للرجال على حد سواء، وإذا ما لاحظت المرأة نقصاً أو غبناً لها في هذا المجال، فعليها أن لا تسكت على ذلك، بل تطالب بحقها في كسب المعرفة والعلم. وهذا ما حدث في عهد رسول الله ، وأقر لهن بمشروعية طلبهن، واستجاب لرغبتهن.
جاء في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري: قالت النساء للنبي : غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك. فوعدهن يوماً لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن[6] .
حينما يسيء الأب استخدام صلاحية ولايته على ابنته، فيمنعها من الزواج من كفو ترغب الاقتران به، ويعضل زواجها، فإن الشرع يسقط ولاية الأب حينئذٍ. وكذلك لو فرض الأب على البنت زوجاً لا تريده هي، فإن بإمكانها رفضه، وخاصة إذا كان غير كفو لها.
وتنقل مصادر الحديث النبوي: أن فتاة زوجها أبوها من ابن عمها وهي كارهة، فانطلقت تعلن رفضها عند رسول الله ، متمسكة بحقها في اختيار شريك الحياة، فأقرّ الرسول طلبها، وأعطاها الحق في إمضاء الزواج أو إبطاله، وحين حصل الإقرار بحقها، وافقت على إمضاء الزواج، وأعلنت أن هدفها من الرفض إثبات حق المرأة في الاختيار.
جاء في سنن النسائي عن عائشة: أن فتاة دخلت عليها فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، وأنا كارهة. قالت: اجلسي حتى يأتي النبي ، فجاء رسول الله فأخبرته. فأرسل إلى أبيها فدعاه، فجعل الأمر إليها، فقالت: يا رسول الله قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم ألِلنساء من الأمر شيء؟[7] .
حينما تصدر أي جهة قيادية في المجتمع قراراً ينال من مصالح المرأة المادية، أو يمسّ بشيء من حقوقها الاقتصادية، التي أثبتها لها الإسلام، فإن عليها أن تحتج وتعترض على ذلك، انتصاراً لحقها، ودفاعاً عن أحكام الشرع.
هكذا يحدثنا التاريخ الإسلامي عن امرأة مسلمة أعلنت معارضتها لقرار أصدره الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، لتحديد مهور النساء، فتراجع أمام اعتراضها، وسحب قراره، معترفاً بخطئه في ذلك.
نقل ابن تيمية في كتابه (رفع الملام عن الأئمة الأعلام)[8] والزحيلي في (التفسير المنير) أنه: خطب عمر (رضي الله عنه) فقال: ألا لا تغالوا في صدقات النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، لكان أولاكم بها رسول الله ، ما أصدق قط امرأة من نسائه ولا بناته فوق اثنتي عشرة أوقية. فقامت إليه امرأة فقالت: يا عمر، يعطينا الله وتحرمنا؟ أليس الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا﴾؟
فقال عمر: أصابت امرأة وأخطأ عمر. وفي رواية: فأطرق عمر ثم قال: كل الناس أفقه منك يا عمر! وفي أخرى: امرأة أصابت ورجل أخطأ. وترك الإنكار[9] .
صحيح أن الإسلام قد جعل الطلاق وإنهاء العلاقة الزوجية بيد الرجل دون المرأة، لكن الزوج إذا قصّر في القيام بواجبه تجاه زوجته، أو كان مسيئاً لها فلا يفرض عليها الإسلام أن تعيش الجحيم معه، أو تخضع لإذلاله وابتزازه، ولا يرضى الإسلام أن تصبح معلّقة، لا تتمتع بحقوقها الزوجية، ولا تشعر باستقلاليتها.
لذلك جعل من حقها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي، والذي يلزم زوجها بالقيام بوظائفه تجاهها كزوج، أو يطلق سراحها، فإذا لم يستجب الزوج، ورغبت المرأة في الانفصال، طلقها الحاكم الشرعي رغماً عنه.
يقول الفقهاء: (إذا امتنع الزوج عن الإنفاق مع قدرته عليه فرفعت الزوجة أمرها إلى الحاكم الشرعي، أبلغه الحاكم بلزوم أحد الأمرين عليه، إما الإنفاق أو الطلاق، فإن امتنع عن الأمرين ولم يمكن الإنفاق عليها من ماله -ولو ببيع عقاره إذا توقف عليه- ولا إجباره على الطلاق جاز للحاكم أن يطلقها بطلبها، وإذا كان الزوج غير قادر على الإنفاق على زوجته وجب عليه طلاقها إذا لم ترض بالصبر معه، فإذا لم يفعل جاز لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيأمر الزوج بالطلاق، فإن امتنع وتعذر إجباره عليه طلّقها الحاكم.
- إذا هجر زوجته هجراً كلياً فصارت كالمعلّقة لا هي ذات زوج ولا هي مطلقة، جاز لها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي، فيُلزم الزوج بأحد الأمرين: إما العدول عن هجرها وجعلها كالمعلّقة، أو تسريحها لتتمكن من الزواج من رجل آخر، فإذا امتنع منهما جاز للحاكم - بعد استنفاد كل الوسائل المشروعة لإجباره حتى الحبس لو أمكنه- أن يطلّقها بطلبها ذلك. ويقع الطلاق بائناً أو رجعياً حسب اختلاف الموارد، ولا فرق فيما ذكر بين بذل الزوج نفقتها وعدمه.
- إذا كان الزوج يؤذي زوجته ويشاكسها بغير وجه شرعي، جاز لها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي ليمنعه من الإيذاء والظلم ويُلزمه بالمعاشرة معها بالمعروف، فإن نفع وإلاّ عزّره بما يراه، فإن لم ينفع أيضاً كان لها المطالبة بالطلاق، فإن امتنع منه ولم يمكن إجباره عليه طلّقها الحاكم الشرعي)[10] .
تلك كانت بعض النماذج والأمثلة من اهتمام الإسلام بواقع المرأة، وحرصه على حفظ كرامتها ومكانتها، ووضعه للبرامج والتشريعات التي تتيح لها المطالبة بحقوقها، والدفاع عن مصالحها.