الأمومة وظيفة أرقى
في السنوات الأولى من عمر الإنسان تتشكل ملامح شخصيته، وتنغرس بذور صفاتها الأساسية، لذلك يسميها خبراء التربية بالسنوات التأسيسية، وفي تلك السنوات لا أحد أقرب إلى الطفل وأشد التصاقاً به من الأم، وبذلك تكون هي الجهة الأكثر تأثيراً في تشكيل شخصيته و صناعتها.
ويتيح لها الارتباط العضوي والنفسي بينها وبين الطفل أكبر فرصة للتأثير، فهو في الأساس جزء منها، تكّون في أحشائها، وتغذّى من دمها، ثم ينشأ في حضنها، وينمو جسمه من لبنها، فمن الطبيعي أن تتعلق به، وأن ينشدّ إليها، هذه العلقة الخاصة،والانشداد الوثيق، هي التي تجعل بيد الأم أدوات الرسم والتشكيل لشخصية الولد.
ولا تستطيع أي جهة أخرى أن تأخذ نفس مكانة الأم وتأثيرها، حتى وإن مارست وظائف الأم العملية، كالإرضاع والحضانة، لأنها لا تملك آليات التفاعل والارتباط النفسي والعاطفي الموجود لدى الأم، بل يمكن القول إن هناك برمجة غريزية، أودعها الخالق جلّ وعلا للاستجابة والتفاعل بين الأم ووليدها، ليس في عالم الإنسان فقط، بل في عوالم سائر الحيوانات أيضاً، فحتى عند الثدييات الدنيا مثلاً يبدأ التعلق مباشرة بعد الولادة، فالصغير يتعرف على أمه ويبقى إلى جانبها دون غيرها، والأم بدورها ترعى وتغذي وتحمي وليدها دون غيره.
لقد حاولت بعض النظريات في مجالات التربية وعلم النفس، أن تقصر تفسير ظاهرة التعلق والانشداد، بين الطفل والأم، على أساس تلبية الأم للحاجات البيولوجية للطفل، حيث توفرله متطلباته الأساسية. لكن هذه النظريات لم تصمد أمام النقد العلمي، والملاحظة التجريبية، ويرى «بولبي» ومجموعة من العلماء المتخصصين: أن هذه النظريات ليست مقنعة في تفسيرها لظاهرة التعلّق عند الإنسان، ويستند «بولبي» إلى نتائج البحوث والدراسات، التي تبين أن التعلق يمكن أن ينمو ويتطور تجاه أفراد غير معنيين بالعناية الجسدية للطفل وتطور العلاقة بين الأم والطفل يتجاوز تلبية الحاجات البيولوجية، ويعتمد إلى حد كبير على طبيعة التفاعل بين الجانبين، فإرضاء حاجات الطفل الأساسية عملية ضرورية، ولكنها غير كافية لنمو التعلق بين الأم والطفل، وغالباً مايكون إرضاء هذه الحاجات فرصة للتفاعل المتبادل بكل أشكاله. فعندما ترضع الأم طفلها، تشعره بحرارة جسدها، و بحنو لمساتها، وبرقة عباراتها ومناغاتها، ويظهر الطفل بدوره علامات الرضى و الارتياح، مما يشجعها على الاستمرار في التفاعل معه.[1]
أصبح من الواضح علمياً كما هو ملحوظ وجدانياً، مدى حاجة الطفل إلى الحنان والعطف الذي تفيضه عليه الأم، بشكل خاص، والذي لا يعوضّ عنه أي بديل، وإن توفير الاحتياجات الجسدية للطفل، لايمكن أن يغنيه عن حب أمه وحنانها،ذلك الحب والحنان المميّز الذي لا يصطنع ولا يستبدل.
حتى أن أبحاثاً علمية حديثة تشير إلى خطأ دارج من قبل المستشفيات التي يتم فيها التوليد بإشراف طبي، حيث يفصل الصغير عن الأم مباشرة بعد الولادة، لأسباب العناية الصحية، لكن نتائج هذه الأبحاث تخلص إلى القول: بوجوب وضع الوليد على تماس حسّي مع الأم بعد الولادة مباشرة، وذلك لأهمية هذه اللحظات في العلاقات اللاحقة بين الطفل والأم، وأهمية توفير الفرصة للأم لرؤية الطفل وملامسته بعد الولادة مباشرة، فهي في أشد الحاجة لتحسه وتتلمسه وتشمه، لذا يجب المزيد من الحذر قبل التفكير بفصل الطفل عن الأم بعد الولادة مباشرة.[2]
إن الطفل يحتاج إلى الغذاء، ويمكن توفير حاجته الغذائية من أي مصدر، لكن أي تغذية للطفل، لا يمكن أن تكون بمستوى لبن الأم، لا من حيث القيمة الغذائية فقط، بل لما يوفره من فرصة للإشباع العاطفي، ولإفاضة الحنان والحب على المولود، إضافة إلى ماتشعر به الأم من سعادة وسرور.
لذلك ورد في الحديث عن رسول الله أنه قال: «ليس للصبي لبن خير من لبن أمه»[3] وعن علي : «ما من لبن يرضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أمه»[4] فحليب الأم تتناسب مركباته وحاجات الطفل خاصة في الأشهر الأولى، فهو قد صمم وركب ليفي بحاجات الطفل يوماً بيوم، ويعتبر رابطة فيزيولوجية محسوسة بين الطفل والأم، وامتداداً لحبل الولادة. وفوق ذلك كله، فإن قطرات حليب الأم التي يجتذبها الطفل، تصحبها دفقات عظيمة من العطف والحنان، تغذي نفسه إلى جانب تغذيته الجسدية.
ونفس الشيء يقال عن الحضانة، فقد يتوفر من يقوم بشؤون الطفل غير الأم، لكن لا أحد يوفّر له ماتغدقه عليه الأم من حب وشفقة، وعطف وحنان.
لذلك قرر الإسلام أولوية الأم بإرضاع طفلها، وأحقيتها بحضانته في السنوات الأولى من عمره، على خلاف بين المذاهب و الفقهاء في تحديد تلك السنوات.
إن إنفصال الطفل عن الأم، وحرمانه من فيض حبها وعطفها، يحدث آثاراً سلبية عميقة في نفسه، تنعكس على تشكيل شخصيته، و مستقبل سلوكه، وسيرته في الحياة.
وكان العرب حينما تعجبهم متانة شخصية إنسان وقوتها، يصفونه بأنه «شبعان من حليب أمه» للتعبير عن ارتواء نفسيته، عطفاً وحناناً في صغره، مما جعله قوي الشخصية والجنان في ما بعد.
وتناقش دراسات تربوية واجتماعية حديثة، تأثير ابتعاد الأم العاملة عن وليدها عند ذهابها للعمل، و خاصة قبل إكمال السنة الأولى، وأن ذلك يعود بآثار سلبية على الأم والطفل، ومن الأفضل أن تمدد إجازة الأمومة إلى سنة كاملة.
وفي تقريره إلى منظمة الصحة العالمية قدم «بولبي» براهين عدة، تبيّن أن اضطراب الشخصية والعصاب، تكونان غالباً نتيجة الحرمان من عناية الأم، أو نتيجة لعلاقة متقطعة زمنيا،ً وغير دائمة بين الطفل والأم، وأن انقطاع العلاقة بينهما يعود بالنتائج السلبية على الطفل.[5]
إن فيض حنان الأم يمنح نفس الطفل الأمن والاستقرار، ويغذّي مشاعره بالطمأنينة والاستقامة، ويصلّب شخصيته تجاه ما يستقبله في الحياة من مشاكل وأزمات.
يبدو العالم غريباً على الطفل حينما يتفتق إحساسه، ويبدأ وعيه، وتكون الأم هي أقرب شيء إليه، ينظر إلى ما يحيط به، ويتعامل معه من خلالها، فمنها يتعلم اللغة والكلام، وبواسطتها يتفهم مايدور حوله.
وبإمكان الأم الواعية أن تقوم بدور كبير في تنمية معارف طفلها، وزرع حب المعرفة في نفسه، وتربيته على التفكير، وتقوية مداركه العلمية، عبر التحادث معه، وإثارة اهتماماته، وتشجيعه على الاستفهام والبحث.
إن حالة الفضول والسؤال عن كل شيء، حالة طبيعية، تحصل عند الطفل مبكراً، وفي العوائل المتخلفة، قد تقمع هذه الحالة الإيجابية عند الطفل، ويستثقل الوالدان كثرة تساؤلاته، وقد ينظر إليها باستخفاف، أو يجاب عليها بشكل خاطئ.
بينما يفترض أن يتيح فضول التساؤل عند الطفل فرصة مناسبة لتنمية معارفه، وتشجيع قدراته الذهنية.
والأم صاحبة الدور الأكبر في هذا المجال، ولا يصح أبداً أن تترك عقل ونفس طفلها ساحة مفتوحة أمام برامج التلفزيون، لتتشكل ثقافته ومعارفه وفق توجيهات قد لا تكون منسجمة مع نظام القيم الديني والاجتماعي.
كما لا ينبغي الاستهانة بقدرات الطفل على الفهم والاستيعاب، إن حقائق كثيرة، ومفاهيم مختلفة، يمكن تقديمها للطفل، عبر أساليب التوضيح والتبيين، وبواسطة التكرار والإعادة.
وكثيراً ما يكون نبوغ بعض الأطفال وتفوقهم الدراسي، ناتج عن التشجيع والاهتمام من قبل العائلة بالنمو المعرفي والبناء الثقافي.
كما يكتسب الطفل لغة الكلام من المحيط الذي يعيش فيه، كذلك يأخذ سلوكه وأسلوب تعامله وتعاطيه، من خلال ملاحظته وتقليده للقريبين منه، إنه يأتي للحياة صفحة بيضاء فارغة، ثم تبدأ رسوم العادات والتقاليد التي ينشأ في أجوائها، تنعكس وترتسم على صفحة نفسه وسلوكه.
يقول الإمام علي : «إنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلته»[6]
ولأن الطفل يتأثر بالأقرب إليه، والأكثر التصاقاً به، فإن الأم هي المؤثر الأكبر في سلوكه في السنوات التأسيسية من عمره، تلك السنوات التي تتحكم في بناء شخصيته المستقبلية.
فالطفل شديد الملاحظة والتأمل في تصرفات أمه وحركاتها، ومن ثم يندفع لمحاكاتها وتقليدها، وتبقى في أعماق نفسه، وخبايا مشاعره، الكثير من الانطباعات عن مشاهداته ومعايشاته لسلوك المحيطين به فترة صغره، وخاصة الأم. هذه الانطباعات قد تصبح له مصدر توجيه وإلهام فيما يواجهه من مواقف وظروف.
وإذا كان بعض العظماء والمفكرين والأدباء، قد تحدثوا عن بعض ما علق بذاكرتهم من فترة طفولتهم، وعن تأثيرات تلك الفترة في تشكيل شخصياتهم، فإنما هم يتحدثون عن ظاهرة عامة، لكل أبناء البشر، وميزة هؤلاء تعبيرهم عن هذه الظاهرة.
انطلاقاً من هذه الحقيقة فإن الأم الواعية، ذات السلوك القويم، والتوجيه التربوي، تصنع شخصيات أبنائها في مستوى رفيع، وبكفائة عالية.
إن دراسة حياة العظماء في نشأتهم، والتأمل في ظروف تربيتهم العائلية، يكشف في غالب الأحيان عن دور الأمهات في صناعة شخصيات هؤلاء العظماء.
لقد تحدث القرآن الكريم عن نبي الله موسى وظروف ولادته ونشأته، في آيات كثيرة، نقرأ فيها حضوراً فاعلاً لأمه، دون أي إشارة أو ذكر لأبيه عمران، مع تأكيد المصادر التاريخية على وجوده عند ولادة موسى ، وأن عمره آنذاك كان سبعين سنة، كما في تاريخ الطبري والكامل لابن الأثير.[7]
أما نبي الله عيسى ابن مريم ، فلم يكن له أب، وانفردت أمه برعايته وتربيته، وجاء ذكرها بالتعظيم والتقديس في القرآن الكريم، بل خصصت سورة باسمها: سورة مريم.
وينقل عن «نابليون بونابارت 1769-1821م» والذي أسس امبراطورية عظيمة شملت معظم أرجاء أوربا، ينقل عنه قوله: «إن ما توصلت إليه اليوم هو من عند أمي»(8)
وكتب أحد الباحثين: « تستطيع الأم الفاضلة أن تؤدي مهمة مائة أستاذ من أساتذة المدارس. هذا ما قاله الشاعر الانجليزي جورج هربرت، وهذا ما أثبته التاريخ. فجورج واشنطن أول رئيس للجمهورية في الولايات المتحدة الأمريكية، كان قد فقد أباه وهو في الحادية عشرة من عمره، وما كان ليشبَّ على ماشبَّ عليه من رصانة الخلق، وقوة الشخصية، لو لم تكن امه على جانب كبير من الحكمة والاقتدار، وقد تولت تربيته منفردة بعد وفاة أبيه. ويصدق ذلك كثيراً او قليلاً على عدد من أعلام الأدب والعلم والشعر عبر التاريخ. نذكر منهم على سبيل المثال: جوته، وجرين، وشيللر، وبيكون، وارسكني. فلو لا تربية امهاتهم لهم لما احتل هؤلاء مكانتهم بين أعلام المبدعين»[9]
إن كل أم ترغب الخير لولدها، وتتمنى أن يكون متقدماً متفوقاً، عليها أن تعلم أن ذلك رهن بحسن تربيتها، وإتقان رعايتها واهتمامها بتوجيهه، وتهذيب سلوكه.
لا يمكن إنكار دور الأب، ولا تجاهل تأثيره في تربية الأبناء، والحديث عن دور الأم انما هو باعتبارها الأكثر التصاقاً بالولد، خاصة في الفترة الأولى من عمره، والتي يطلق عليها علماء التربية والنفس، أنها السنوات التأسيسية لتشكيل شخصية الإنسان.
لذلك نجد النصوص الدينية تؤكد على مكانة الأم، وحقها الكبير على الإنسان، فأتعابها وتضحياتها تجاه الولد، اثناء الحمل والولادة والحضانة، لا تقاس بأي جهد آخر، حتى جهد الأب.
ورد عن هشام بن سالم عن ابي عبدالله جعفر الصادق قال: جاء رجل إلى النبي فقال: يارسول الله من أبرُّ ؟ قال:« أمك.» قال: ثم من؟ قال: «أمك.» قال: ثم من؟ قال: «أمك.» قال: ثم من. قال: «أباك.»[10]
وروى انس عن رسول الله قال: « الجنة تحت اقدام الأمهات»[11]
وواضح أن العلاقة بين الطفل والأم خاصة في السنوات الأولى، هي أوثق و أقوى من علاقته مع الاب، بسبب طبيعة دور الأم، لذلك تكون هي الاكثر تأثيراً عليه، وقدرة على صناعة شخصيته.
تقاس أهمية أي وظيفة بعدة مقاييس من أبرزها ما يلي:
1- أهمية الإنجاز الذي تنتجه الوظيفة.
2- مدى الجهد المبذول في القيام بها، والكفاءة المؤهلة لذلك.
3- نسبة توفير البدائل والخيارات لادائها.
فكلما كان الإنجاز أهم، والجهد المبذول أكبر، والتأهيل المطلوب أرفع، والبدائل أقل، كانت الوظيفة أرقى و أعلى.
على أساس هذه المقاييس فإنه يمكن اعتبار الأمومة أرقى وظيفة في المجتمع البشري، فهي ترتبط بإنتاج الإنسان نفسه، وصنع شخصيته، وذلك إنجاز لا يدانيه أي إنجاز.
أما الجهد الذي تتطلبه مهمة الأمومة من حمل وولادة ورضاعة وحضانة، ففيه درجة قصوى من الخطورة والعناء والمشقة. ويعبرّ القرآن الكريم عن ذلك بقوله تعالى: ﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا﴾ (سورة الأحقاف آية15) وفي آية أخرى ﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ﴾(سورة لقمان آيه14).
كما أن مؤهلات دور الأمومة صفات نفسية فطرية لا يمكن توفيرها بأي ثمن، إنها الحب الحقيقي، والحنان الصادق، والتّحمل للعناء بكل رضا وسرور.
وعلى صعيد توفير البدائل والخيارات فإن من الواضح وجداناً وتجربة أن لا أحد يملأ مكان الأم، ولا يستطيع تقمّص دورها المتميّز.
فالأمومة هي الوظيفة الأرقى، و الأم التي تحسن أداء هذه الوظيفة، لا يمكن تثمين دورها بأي ثمن، ولا تحديد أجرها بأي مقابل، وكل إنسان مطوّق بفضلها، ومهما عمل وقدم لأمه فلن يستطيع مكافأتها. قال رجل لرسول الله :إنّ والدتي بلغها الكبر وهي عندي الآن أحملها على ظهري، واطعمها من كسبي، واميط عنها الاذى بيدي، وأصرف عنها مع ذلك وجهي استحياءً منها وإعظاماً لها، فهل كافأتها؟ قال:« لا لأن بطنها كان لك وعاء وثديها كان لك سقاء، وقدمها لك حذاء، ويدها لك وقاء، وحجرها لك حواء، وكانت تصنع ذلك لك وهي تمنّى حياتك، وأنت تصنع هذابها وتحبّ مماتها.»[12]
ومن المؤسف جداً ما تعيشه أغلب المجتمعات في هذا العصر، من إعلاء شأن الاهتمامات المادية والشهوانية، على حساب النوازع الإنسانية النبيلة، حيث ترّوج بعض الأفكار والتصورات التي تقلّل من قيمة دور الأمومة وتستخف به، في مقابل الإشادة بالأعمال الوظيفية الأخرى، التي تُدفع المرأة للقيام بها، واصبحن بعض النساء يشعرن بالهامشية والتخلف والخجل، إذا كان دورهن متركزاً على القيام بمهمة الأمومة، بينما الوظيفة الأخرى مدعاة للفخر والإعتزاز.
إنه لا مانع من عمل المرأة في أي مجال من مجالات الحياة، لكن لا ينبغي أن يكون على حساب دور الأمومة، ولا يصح أبدا أن يستهان بقيمة هذا الدور.
وكما تطالب المنظمات الإنسانية والتربوية، فإنه ينبغي سّن القوانين والتشريعات، التي تمكّن المرأة العاملة من أداء وظيفة الأمومة المقدسة بالشكل المناسب.
إن الضعف والتقصير في أداء مهام الأمومة، ينعكس سلباً على شخصيات ونفسيات الجيل القادم. فلا بد من تعبئة وتوعية واسعة، تعيد هذه الوظيفة إلى مركز الصدارة في اهتمام إمرأة اليوم.
إلى جانب إغداق الحنان والعطف، وتقديم الرعاية اللازمة للطفل، يجب أن تهتم الأم بغرس بذور الاستقامة والصلاح في نفسية وليدها، وأن تسعى لإعداده للرقي في مدارج الكمال، إنها بسلوكها وسيرتها تستطيع أن تكون نموذجاً يحرص أبناؤها على الاحتذاء به، ومحاكاته، فاهتمامها بالمعرفة، والتزامها بالخلق القويم، وأداؤها للواجبات الدينية، يخلق في نفوس أبنائها نفس هذه التوجهات، ويدفعهم للأخذ بها.
كما أن محادثة الأم مع الأبناء، وتقديمها النصائح والإرشادات، وشرح حقائق الحياة ومعادلاتها لهم بلغة واضحة رقيقة، يسهم كثيراً في بناء شخصياتهم الواعية الناضجة.