عن اللقاء الوطني للحوار الفكري

مكتب الشيخ حسن الصفار 27 / 6 / 2003م - 5:45 م

ألقى سماحة الشيخ حسن الصفار –حفظه الله- اليوم الجمعة الموافق 27 ربيع الثاني 1424هـ، كلمته بعد صلاة الظهرين بمسجد الشيخ علي المرهون بالقطيف، تحدث فيها عن ضرورة وأهمية التواصل بين فئات المجتمع المختلفة محذراً من خطورة القطيعة، واستشهد بكلمة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب

إذ يقول: ((وعليكم بالتواصل والتباذل وإياكم والتدابر والتقاطع)). وقال إن التواصل بين فئات المجتمع المتنوعة مهمٌ لعدة عوامل:

1- يُحقق الألفة والمودة النفسية.

2- يؤدي إلى الانفتاح الفكري والثقافي.

3- وعلى ضوء الأمرين السابقين يحصل هناك تعاون فعلي وعملي من أجل المصلحة المشتركة.

بينما في حالة القطيعة فإن كل جهة ستعبأ تجاه الجهة الأخرى، وستكون أفكار كل جهة حول الجهة الأخرى مشوشة، وبالتالي ينعدم التعاون الفعلي والعملي. وسينتج عن ذلك عدة سلبيات:

1- سوء الظن المتبادل وهو أبسط السلبيات.

2- تتاح الفرصة للنقولات المغرضة.

3- يكون ذلك ثغرة لأعداء الجهات المتقاطعة والوطن، وأحياناً يكون العدو من الداخل يتمثل في العناصر المتطرفة في الفئات المختلفة.

واستعرض مثالاً واقعياً يتمثل في العلاقة بين السنة والشيعة، وقال: إذا كان الطرفان يعيشان في مجتمعٍ تسوده حالة التواصل كما في لبنان فإنه لا يجرؤ أحدٌ للحديث ضد الجهة الأخرى، أما إذا كان الطرفان يعيشان في مجتمعٍ تسوده حالة القطيعة والجفاء فإن المجال مفتوحٌ للتعبئة من كل فئة تجاه الأخرى.

وقال سماحته: قد آن الأوان وخصوصاً مع ما تعيشه الأمة من تحدياتٍ ضخمة لتجاوز حالة القطيعة وتؤصل حالة الحوار بين فئات الأمة.

وحول اللقاء الوطني للحوار الفكري الذي عُقد في الرياض الأسبوع الماضي بدعوة من سمو ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز أشار سماحته إلى أهمية اللقاء أولاً وأنه يأتي في مرحلة خطيرة تمر بالأمة والوطن، وقال سماحته إن هذه الخطوة كانت تنتظرها الأمة منذ زمنٍ بعيد.

وأضاف سماحة الشيخ إن اللقاء ضم أكثر من ثلاثين عالماً ومفكراً وشخصية من مختلفة مناطق المملكة، ومن مذاهب متنوعة.

وأشار سماحته إلى أن تعدد المذاهب ليست حالة طارئة بل هي ثابتة من العهد الإسلامي الأول، وأيضاً أتباع هذه المذاهب ليسو دخلاء على الوطن بل هم موجودون بوجود هذا الوطن.

وتحدث سماحة الشيخ عن حالة التواصل المتبادلة بين السنة والشيعة في الماضي، ولكن الظروف تغيرت وحصلت حالة القطيعة وانكفأ بعض أتباع المذاهب على أنفسهم، ولكن الأمل في أن يكون اللقاء الوطني للحوار الفكري فاتحة عهدٍ جديد بحيث يتجاوز الوطن والمواطنون حالة القطيعة.

واصل بعد ذلك سماحته الحديث حول اللقاء مؤكداً على حالة التنوع المذهبي التي شملها اللقاء وأنه استمر لمدة أربعة أيام، وكان خلال الثلاثة أيام الأولى ثلاث جلسات في كل يوم، واختتم الجلسات بقاء ختامي في اليوم الرابع.

وأثنى سماحة الشيخ على الإدارة المتميزة لرئيس اللقاء وهو الشيخ صالح الحصين.

وحول أجواء الحوار قال سماحته: كانت أجواء الحوار صريحة ومتنوعة فقد خصصت جلسة للحديث حول الوحدة الوطنية وأخرى للحديث حول التنوع والتعايش، وأخرى حول الغلو والتشدد والتوسع في سد الذرائع، وأخرى حول حرية التعبير عن الرأي.

وقال سماحة الشيخ بسبب حالة القطيعة الطويلة كانت هناك بعض الأصوات المتشنجة في البداية، ولكن مع الحوار الهادئ والنقاش الموضوعي بدأ يسود الحوار حالة من الهدوء وتقبل كل طرف للآخر.

وأضاف سماحته إن الحضور اتفقوا على جملة من الأمور، ومنها:

1- التنوع المذهبي أمرٌ قائمٌ وموجود، ولا ينبغي أن يؤثر ذلك على حقوق المواطنة.

2- التعايش السلمي ضروري جداً، ولا يحق لأحدٍ أن يؤذي أحداً بسبب مذهبه.

3- التعاون مطلوب في الأمور المشتركة، وأما الأمور المختلف فيها فينبغي أن يُفتح باب الحوار لتجاوز حالة الخلاف، ولا يعني ذلك تنازل أي طرف عن رأيه وعقيدته بغير اقتناعه.

وأكد سماحة الشيخ على وجود عدة تساؤلات وانطباعات عند الأطراف الأخرى، وبقاؤها يؤدي إلى تراكمها، ولكن مع الحوار تخف حالة الاحتقان.

وفي ختام الكلمة أشاد سماحة الشيخ بالمبادرة لعقد اللقاء الوطني للحوار الفكري، ودعا المواطنين لإنجاح هذا المسعى، ودعا لعدة أمور:

1- إشاعة الخطاب المعتدل.

2- الانفتاح وخاصة من طبقة العلماء والمفكرين والمثقفين.

3- عدم فتح المجال للدعوات التحريضية من كل جهة تجاه الأخرى. لأن الإساءة للآخرين ليس من خصال مذهب أهل البيت

فهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

يحذر أتباعه بقول: «إني أكره لكم أن تكونوا سبابين».

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله الطاهرين.