الزهراء «عليها السلام» النموذج الإسلامي للمرأة
بمناسبة ذكرى ميلاد سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء «عليها السلام» بضعة رسول الله أقيم حفل كبير في المقام المنسوب للسيّدة سكينة بنت الإمام علي بمنطقة «داريا» قرب دمشق مساء يوم الثلاثاء ــ ليلة الأربعاء 20 جمادى الثاني 1424هـ المصادف: 20 / 8 / 2003م، حضره عدد من سفراء الدول العربية والإسلامية منهم: سفير دولة الإمارات العربية المتحدة، وسفير مملكة البحرين، وسفير دولة أفغانستان، والقائم بأعمال سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وجمع من العلماء والأكاديميين، وحشد من الزائرين والمؤمنين.وكان سماحة الشيخ حسن الصفّار هو المتحدّث الرئيسي في الحفل بعد تلاوة آيٍ من الذكر الحكيم، وإلقاء بعض التواشيح والقصائد احتفاءاً بالمناسبة الغراء.
في بداية خطابه نقل سماحة الشيخ الصفّار بعض الأحاديث الواردة في الصحاح عن فضل فاطمة الزهراء «عليها السلام» ومكانتها عند أبيها رسول الله ؛ كما جاء في صحيح البخاري في باب مناقب قرابة رسول الله : عن رسول الله أنه قال: «فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة» مشيراً سماحته إلى إطلاق الحديث لسيادة الزهراء على نساء الجنّة كلهم من الأولين والآخرين، بما فيهم أمّهات الأنبياء؛ كالسيّدة مريم «عليها السلام» وزوجات الأنبياء كأمهات المؤمنين، وما ورد في صحيح البخاري أيضاً؛ عنه أنّه قال: «فاطمة بضعة منّي من أغضبها فقد أغضبني».
وجاء في صحيح مسلم ــ باب فضائل فاطمة «عليها السلام» ــ عنه : «إنما فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها».
وأخرج ابن حنبل في مسنده والحاكم النيسابوري في مستدركه وغيرهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «إن ملكاً من السماء لم يكن زارني فاستأذن ربي في زيارتي فبشرني أن فاطمة سيدة نساء أمتي».
ثم تحدّث سماحته عن بعض غايات هذه الأحاديث الواردة في شأن السيّدة الزهراء «عليها السلام»، وأنّ من بين تلك الغايات؛ تقديم السيّدة الزهراء «عليها السلام» كنموذج أعلى للمرأة في رؤية الإسلام.
وإذا ما قرأنا سيرة الزهراء «عليها السلام» وجدنا المرأة من خلالها شريكة الرجل ليس فقط في حياته الزوجية، وإنّما في إدارة مختلف شؤون الحياة، فهي شقيقته في كسب العلم والمعرفة، حيث كانت الزهراء «عليها السلام» من منابع علوم الإسلام ومصادر أحكامه، ويصف الإمام الحسن العسكري مقامها قائلا: «هي حجة علينا».
والمرأة صنو الرجل في حمل مسؤولية الرسالة والدعوة إلى الله سبحانه، وتغيير الأوضاع الاجتماعية إلى الأحسن والأفضل، ونجد الزهراء «عليها السلام» قد وقفت منذ طفولتها إلى جانب أبيها رسول الله في حمل هموم الرسالة، والتصدّي لاعتداءات المشركين، وهاجرت إلى المدينة، وخرجت إلى أحد، في أعقاب نكسة المسلمين؛ لتضمّد جراحات رسول الله وبعلها علي بن أبي طالب .
وللمرأة دورها السياسي في اتخاذ موقف الدعم والتأييد، أو النقد والاعتراض، كما هو الحال في موقف الصدّيقة الزهراء «عليها السلام» من أمر الخلافة بعد رسول الله ، حيث خرجت إلى المسجد وألقت خطبتها العصماء، ثم تحدّثت إلى نساء المهاجرين والأنصار اللائي جئن لعيادتها، لتعلن احتجاجها واعتراضها.
إن هذه الصور والمواقف تؤكّد فاعلية المرأة وشراكتها للرجل في مختلف شؤون، عكس ما يطرحه بعض المتزمّتين من رؤية سلبية ينسبونها للإسلام، وتكون المرأة بمقتضاه جزءاً مشلولاً وعنصراً خاملاً، لا مجال لها ولا دور خارج نطاق الحياة العائلية.
وكرد فعل لهذه الرؤية السلبية والواقع المتخلّف، تستجيب المرأة في مجتمعاتنا لأنماط الابتذال الأخلاقي الوافدة من المجتمعات الغربية.
بالطبع فإن المرأة في المجتمعات الغربية قد حققت إنجازات طيبة بمشاركتها في ميادين العلم والسياسة والاجتماع، ولكن ما يروج له في مجتمعنا هو تلك الجوانب السلبية من أنماط السلوك الأخلاقي الغربي، مما ينافي قيمنا، وأمننا الأخلاقي والاجتماعي.