ثقافة الوحدة والحوار
استأنف سماحة الشيخ حسن الصفار –حفظه الله- اليوم الجمعة الموافق 22 رجب 1424هـ، إلقائه لكلمة الجمعة وذلك بمسجد الشيخ علي المرهون –حفظه الله- بالقطيف، بعد انقطاع لمدة ثلاثة أشهر قضاها سماحته في رحاب العقيلة زينب .وقد تحدث سماحته في كلمته لهذا اليوم عن ضرورة تكريس الوحدة في صفوف المجتمع خصوصاً حينما تسود في المجتمع حالةٌ من الفرقة والقطيعة لفتراتٍ زمنية طويلة.
وأكد سماحته أن الوحدة لا يُمكن أن تتحقق عبر الشعارات، وعبر عقد لقاءات الحوار، وعبر المؤتمرات، وفقط؛ وإنما يجب عدم الوقوف عند هذه المظاهر والشكليات وتجاوزها إلى الأعماق.
ولكي تتحقق الوحدة في مجتمعٍ عاش في صراع الفرقة والقطيعة، أكد سماحة الشيخ على ضرورة التوجه لأمرين مهمين، هما:
الأمر الأول: إنتاج ثقافة وحدوية وضخّها في أوساط الأمة.
ذلك لأن المؤتمرات عادةً ما تكون محدودة على نطاق نخبة من المجتمع، بينما المطلوب هو بث الثقافة التي تدعو إلى الوحدة إلى جميع أوساط المجتمع حتى تزول تلك الثقافة التي تكرّس حالة النزاع بين أفراد المجتمع.
ومن الناحية العملية أكد سماحة الشيخ على ضرورة إصدار فتاوى تُحرّم التفرقة وتدعو إلى الوحدة، وكذلك تحويل الخطابات العامة خصوصاً التي تُلقى في المناسبات المهمة كخطب الجمع وأيام الحج إلى خطابات تدعو إلى أهمية الوحدة ونبذ التفرقة. وأيضاً مناهج التعليم ووسائل الإعلام يجب أن تنحو نفس المنحى، حتى تنتشر ثقافة وحدوية في جميع صفوف المجتمع.
ولذلك نقرأ في السيرة النبوية أن رسول الله كان حريصاً على نشر هذه الثقافة في ذلك المجتمع الجاهلي، وحتى في نهاية حياته تجده يؤكد على ذلك، «فعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: خطبنا رسول الله خطبة الوداع، فقال: يا أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر، إلا بالتقوى. إن أكرمكم عند الله أتقاكم. ثم قال : ألا هل بلّغت؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: فليبلغ الشاهد منكم الغائب.»
الأمر الثاني: الممارسات والتقنينات والتشريعات.
وهنا أكد سماحة الشيخ أن مجرد رفع شعار الوحدة لا يُحقق الوحدة في المجتمع، ولكن ينبغي إلى جانب الشعار والثقافة الوحدوية أن يكون هناك واقع عملي على الأرض يؤكد حالة الوحدة في المجتمع.
واستعرض سماحة الشيخ نماذج من حياة الرسول الأعظم تبين مدى حرصه على أن يكون الواقع المعاش مطابقاً لما كان يدعوا له. ومن ذلك:
* عملية المآخاة بين المهاجرين والأنصار.
* منح المناصب لذوي الكفاءات وليس لذوي الأحساب والأنساب.
وأكد سماحة الشيخ في نهاية كلمته أن الطريق إلى الوحدة قد يحتاج إلى وقت وإلى تمهيد ولكن المهم هو السير في هذا الطريق حتى بلوغ المرام.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله الطاهرين.