العيد تأكيدٌ لوحدة الأمة
ألقى سماحة الشيخ حسن الصفار -حفظه الله- ظهر اليوم الجمعة الموافق 4 شوال 1424هـ في مسجد الشيخ علي المرهون بعد الصلاة كلمةً تحدث فيها حول سبل تجاوز الخلافات المسيطرة على المجتمعات الإسلامية في تعاملها مع قضاياها الدينية. وأشار في بداية حديثه إلى الفرق بين الإنسان العاقل وغيره، وقال إن الفرق يكمن في قدرة العاقل على الاستفادة من الامكانات المتاحة له. وهذا الأمر ينطبق على الأمم فبعض الأمم تستفيد من امكاناتها وإن كانت محدودة وبعضها تهدر الامكانات المتوفرة عندها.وأضاف سماحته إن الأمر يتعدى إلى النعم المعنوية أيضاً، فبعض المجتمعات تمتلك امكانات معنوية ضخمة لكنها لا تعرف كيف تستثمر هذه الامكانات. وأشار سماحة الشيخ أن الأعياد الإسلامية من أهم الامكانت المعنوية إذ يشترك فيها جميع المسلمين على اختلاف طبقاتهم بمشاعر موحدة في وقتٍ واحد، فهو مكسب كبير ونعمة عظيمة للمسلمين ولذلك المسلمون يدعو الله بحق هذا اليوم كما في قنوت صلاة العيد: اللهم إني أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيداً.
وكذلك البرامج التي يتضمنها هذا اليوم العظيم وأبرزها زكاة الفطرة التي هي من أعظم مكاسب هذا اليوم لو أن الأمة استثمرتها الاستثمار المناسب.
وأعرب سماحته عن أسفه الشديد إزاء تعامل الأمة مع هذه المناسبة العظيمة وغيرها وقال: إن هذه النعمة تضيع في زحمة الاختلافات السطحية وأبرزها الاختلاف الذي يحصل حول تحديد يوم العيد فتجد في بلدٍ واحد هناك أكثر من يوم للعيد، وقد حصل في سنة من السنوات أن العيد توزع إلى أربعة أيام.
وأكد سماحته أن المشكلة العظمى في هذا الاختلاف أنه لا يبقى في حدود تعيين يوم العيد وإنما يتجاوز ذلك ليكون مثاراً للنزاع والخصام؛ وبالتالي لا يتحقق الهدف الأسمى من هذا اليوم المبارك.
وتحدث سماحة الشيخ عن سبل تجاوز مشكلة الاختلاف في تحديد يوم العيد، وذلك من خلال عدة أمور:
أولاً- تعميق الوعي بحقوق الإنسان والحريات.
بان نحترم اختلاف الآراء، ولا يأخذ البعض لنفسه حق محاسبة الآخر ومحاكمته؛ لماذا أفطرت هذا اليوم أو صمت؟!
وينبغي أن يُتعامل مع المسألة في حدود التكليف الشرعي، ولا ينبغي أن تترك أي مضاعفات أو أزمات عند الناس.
وستضل هذه المشكلة عالقة طالما لا يوجد هناك وعي بحقوق الإنسان، وما أن يتوفر الوعي بذلك فإن كثيراً من المشاكل ستنتهي.
ثانياً- المعالجة العلمية الفقهية.
ينبغي أن يكون هناك اهتمامٌ علمي فقهي لمعالجة هذه المشكلة، عن طريق المجتهدين والفقهاء، عبر تكوين لجان علمية تبحث هذه القضية وحلها من جذورها. فنحن نعيش في مجتمعٍ مفتوحٌ على مصراعيه، وفي عصرٍ تقدم العلم فيه تقدماً كبيراً فينبغي أخذ هذه الأمور بعين الاعتبار. فلا يصح أن نتجاهل الإرصاد العلمي الفلكي الذي يُحدد ولادة الهلال، ومدة بقائه بعد غروب الشمس، وعلى أي درجة يكون وكذلك مستوى الإضاءة فيه؛ وبدقةٍ كبيرة.
فينبغي أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار في تحديد ضوابط ثبوت الهلال، وهذا ما نأمل أن يهتم الفقهاء ببحثه على ضوء القواعد الشرعية.
ثالثاً- التنسيق بين الجهات المختصة.
ينبغي أن يكون هناك تنسيق، بين المرجعيات الدينية، وكذلك بين العلماء في مختلف المناطق، عبر تأسيس مؤسسة متخصصة لهذا الموضوع وبذلك يمكن حل الكثير من المشاكل على هذا الصعيد. فليس مفهوماً أن يتوفر عددٌ كبيرٌ من الشهود لدى علماء ثقات ويطمئنون إلى ثبوت الهلال، لكن علماء آخرين وقد يكونون في نفس البلد لا يتوفر لديهم اطمئنانٌ مشابه.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله الطاهرين.