هل نقرأ الآخر؟
ألقى سماحة الشيخ حسن الصفار –حفظه الله- ظهر يوم الجمعة الموافق 18 شوال 1424هـ بمسجد الشيخ علي المرهون –حفظه الله- كلمةً تحت عنوان هل نقرأ الآخر؟وأكد سماحته في بداية الكلمة على ضرورة الاعتراف بوجود الآخر، وقال: لسنا مخيرين في وجود الآخر فهو حتمية اقتضتها حكمة الله تعالى في الخلق لتكون الحياة أكثر ثراءً، وليشحذ التنافس همم أبناء البشر، ويفجر طاقاتهم. ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ سورة هود آية 118. والآخر هو المختلف عنا في أي جانب من الجوانب التي نهتم بها، فقد يكون آخر من حيث انتمائه الاجتماعي، لعرق أو قومية أو قبيلة.
وأوضح سماحته أن الخطوة الأولى والقاعدة الأساس، لتنظيم علاقة مع الآخر هي التعارف. وخاصة فيما يرتبط بزاوية التغاير والتمايز بينهما.
ذلك أن الجهل وسوء الفهم غالباً ما يؤدي إلى التباعد حذراً، أو إلى النزاع والخصومة عداءً.
يقول تعالى: ﴿فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ سورة الحجرات آية 6.
«وورد عن الإمام علي : ((الناس أعداء ما جهلوا)). وقال : ((من جهل شيئاً عابه)).»
وتحدث سماحة الشيخ عن سمةٍ من أبرز سمات المجتمعات المتقدمة وهي الحرص على تحصيل أكبر قدر من المعلومات عن البلدان والشعوب الأخرى، لإثراء المعرفة، ولخدمة المصالح والأغراض. مبيناً أن حركة الإستشراق التي قام بها الغرب أوسع نموذج منظم في هذا السياق، حيث اهتمت بدراسة الثقافات الشرقية (الآسيوية غالباً)، وأوضاع المجتمعات الإسلامية في مختلف المجالات. وتحدث سماحته عن بعض جوانب هذه الحركة.
وأشار سماحته إلى نموذج يرتبط بمنطقتنا الخليجية، هو كتاب (دليل الخليج)، الذي وضعه البريطانيون ليكون مرشداً لهم في الخليج، وقد أنجزه الباحث (جي. ج. لوريمر) يعاونه مستر (ج.س.هـ. جابرييل) وقد بدأ إعداد الكتاب سنة 1904م، ونشر باللغة الإنكليزية في أربعة مجلدات ضخمة، من قبل حكومة الهند في كلكتا سنة 1915م. وكان يعتبر وثيقة سرية لم يطبع منه إلا حوالي مئة نسخة حتى عام 1955م.
وندد سماحة الشيخ بالخمول الذي ينتاب الشرق في الاهتمام بمعرفة الغرب. واستشهد سماحة الشيخ وذكر شواهد ونماذج تكشف مدى الخمول الذي تعيشه المجتمعات الإسلامية والعربية تجاه معرفة الغرب بعكس النشاط الذي يعيشه الغرب لمعرف المسلمين والعرب، مدعّماً حديثه ببعض الإحصائيات.
وتحدث سماحته عما اصطلح عليه الكتاب المحدثون من تقسيم الآخر إلى نوعين:
الآخر الخارجي المنتمي إلى حضارة وكيان آخر.
والآخر الداخلي أو الجوّاني وهو المختلف ضمن ذات الإطار الديني أو الوطني، حيث تعددت المدارس الفكرية والمذاهب الفقهية والتوجهات السياسية ضمن الأمة الإسلامية.
وأشار سماحته في ختام كلمته إلى علم الملل والنحل، و المذاهب والفرق الذي تأسس في وقت مبكر من تاريخ الأمة وكان انعكاساً للنزاعات والخلافات العاصفة التي عاشتها الأمة بين تياراتها الفكرية وطوائفها الدينية، وكان للمصالح السياسية في ذلك دور محوري. وتحدث سماحة الشيخ عن بعض المؤلفات التي ألفت ضمن هذا العلم.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله الطاهرين.